الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 03:02

زياد شليوط: من ثورة 23 يوليو الى ثورة 25 يناير

كل العرب
نُشر: 23/07/11 13:31,  حُتلن: 13:36

زياد شليوط في مقاله:

 نأمل من الشعب المصري الشقيق أن ينجح في تغيير حياته "تغييرا أساسيا وعميقا" وأن يتجاوز خلافات الرأي

 قيادات وكوادر ثورة 25 يناير مدعوة للاستفادة مما جاء في "ميثاق" عبد الناصر وثورته عن بناء الحياة الديمقراطية السليمة

الشعب المصري بصدقه الثوري، وبارادة الثورة العنيدة فيه، استطاع أن يغير حياته تغييرا أساسيا وعميقا في اتجاه آماله الإنسانية الواسعة

أول انجاز لثورة 23 يوليو على أرض الواقع كان التخلص من النظام الملكي الذي يعتمد على الوراثة في الحكم، بالغائه واقصاء الملك عن عرشه وطرده خارج البلاد

"إن يوم الثالث والعشرين من يوليو 1952 كان بداية مرحلة جديدة ومجيدة في تاريخ النضال المتواصل للشعب العربي في مصر. إن هذا الشعب، في ذلك اليوم المجيد، بدأ تجربة ثورية رائدة في جميع المجالات، وسط ظروف متناهية في صعوبتها وظلامها وأخطارها. وتمكن هذا الشعب بصدقه الثوري، وبارادة الثورة العنيدة فيه، أن يغير حياته تغييرا أساسيا وعميقا في اتجاه آماله الإنسانية الواسعة." هذه الكلمات قالها القائد الخالد جمال عبد الناصر في مقدمة "الميثاق" الذي قدمه لشعبه العربي في مصر، في مايو عام 1962 والذي رسم فيه مسار ثورة 23 يوليو، ثورة الضباط الأحرار في مصر عام 1952. واذا ما عدلنا تاريخ الثورة الى 25 يناير 2011 لوجدنا أن تلك الكلمات تعبر أصدق تعبير عن حال الثورة الجديدة، لكن ما زلنا نأمل من الشعب المصري الشقيق أن ينجح في تغيير حياته "تغييرا أساسيا وعميقا" وأن يتجاوز خلافات الرأي الى ما فيه خير الشعب المصري و"آماله الإنسانية الواسعة."

التخلص من النظام الملكي
كما تحدث عميد الأدب العربي، طه حسين عن إرادة مصر وعزمها على الفعل والتغيير، يوم حققت عبر قواتها المسلحة ثورة 23 يوليو، التي قلبت النظام وأحدثت تغييرات ثورية لم تشهد لها مصر مثيلا من قبل، حين قال "وكذلك عرف الشرق والغرب أن مصر قادرة على أن تريد فتفعل لا يصدها عن الإرادة خوف ولا حذر ولا تردد." وحديث طه حسين عن ثورة 23 يوليو 1952 يكاد ينطبق حرفيا على ما فعله الشعب المصري في ثورة 25 يناير 2011 بعد 59 عاما على الثورة الأولى.
أول انجاز لثورة 23 يوليو على أرض الواقع كان التخلص من النظام الملكي الذي يعتمد على الوراثة في الحكم، بالغائه واقصاء الملك عن عرشه وطرده خارج البلاد، واعلان الجمهورية وتغيير النظام. وأول انجاز لثورة 25 يناير كان التخلص من نظام حسني مبارك الفاسد، وكان هذا أفضل ما فعلته الثورة للشعب، بنظر طه حسين حيث " أراحته من هذا النظام السخيف نظام الملك الموروث الذي لا يعتمد على أصل من حق أو عدل أو دين"، مع أنه قال تلك الكلمات في ثورة 23 يوليو التي أراحت الشعب المصري من النظام الملكي المهتريء.

الضباط الأحرار
ثورة 23 يوليو جاءت بارادة شعبية نفذها تنظيم "الضباط الأحرار" في الجيش المصري، بينما جاءت ثورة 25 يناير بارادة شعبية نفذها الشعب، وهي تتعرض لخطر الاجهاض على انجازها التاريخي، كما تعرضت الثورة الأولى، لكن ثورة 23 يوليو كانت محصنة بمجلس قيادي عسكري وطني، بينما المجلس العسكري الحالي هو وليد النظام السابق حتى وان كان بعيدا عن السياسة. ثورة 23 يوليو أوقفت عمل الأحزاب التي كانت غارقة في الفساد وفي الحكم الملكي الأسبق. أما ثورة 25 يناير أيقظت الأحزاب وفلق الأحزاب من سباتها وبات عددها يقلق ويشكل عائقا أمام تحقيق مطالب الثورة.

حركة تصحيحية
ورغم كل الارهاصات يمكن النظر الى ثورة 25 يناير على أنها فعلا حركة تصحيحية لثورة 23 يوليو، وليس انقلابا عليها كما فعل السادات بحركته من 15 مايو 1971، وليس كما فعل مبارك بانقلابه على كل منجزات ثورة 23 يوليو، بحيث لم يعد يربط السادات ومبارك بثورة 23 يوليو إلا اسمها، بينما ثورة 25 يناير لها جذور ومطالب مشتركة مع ثورة 23 يوليو، وأهم ما يمكن لها ان تنفذه، هو النقطة السادسة من نقاط الثورة الأم، وهي اقامة حياة ديمقراطية سليمة، تلك النقطة التي لم يتمكن عبد الناصر من تحقيقها خلال سنوات حكمه القصيرة والحافلة بالتحديات والمواجهات الداخلية والخارجية، بينما كانت ضمن برنامجه وبرنامج الثورة. واليوم الفرصة مواتية لثورة 25 يناير لاغلاق الدائرة وإكمال مسيرة 23 يوليو. خاصة وان عبد الناصر أفرد فصلا عن الديمقراطية السليمة وكيفية تطبيقها في "الميثاق"، حيث شكلت تلك النقطة السادسة من نقاط ثورة 23 يوليو كما أسلفت، وقد قال فيها الزعيم وكأنه يقول اليوم " إنما قيمة الثورة الحقيقية بمدى شعبيتها، بمدى ما تعبر به الجماهير الواسعة وبمدى ما تعبئه من قوى هذه الجماهير إعادة صنع المستقبل وبمدى ما يمكن أن توفره لهذه الجماهير من قدرة على فرض إرادتها على الحياة." وهذا ما عكسته ثورة 23 يوليو في نهجها دون انتهاج أسلوب "الواجهات الدستورية الشكلية". ولم يكن غريبا أن تزدهر الحركة الثقافية بما تشمله من أدب وفن على أنواعهما وتفرعاتهما، وهل كان لتلك الطفرة الثقافية أن تحصل في جو من الديكتاتورية وسلطة الفرد كما ادعى الخصوم والحاقدون المتربصون بالثورة؟ وكيف يفسرون لنا الانتكاسة الثقافية في عهد السادات ومبارك رغم ما زعموه عن اصلاحات ديمقراطية، وتجاهلوا "نظام الطواريء" الذي ساد طوال فترة حكم كل من السادات ومبارك؟

ثورة 23 يوليو في هذا العام
ومما يدعو للتفاؤل أن ثورة 25 يناير بسلطتها وأجهزتها وجماهيرها احتفلت بذكرى شقيقتها ثورة 23 يوليو في هذا العام. وعدنا نسمع صوت قائد الثورة عبد الناصر يجلجل من اذاعات مصر ويعاد الاعتبار لهذه الشخصية العظيمة وخاصة في زرع الكرامة بين صفوف الشعب المصري، بعدما تعرضت لطول تشويه بائسة في العهدين السابقين. كما أعيد بث أغاني عبد الحليم وأم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم في الثورة وانجازاتها وزعيمها الأول عبد الناصر.

ميثاق عبد الناصر
من هنا فان قيادات وكوادر ثورة 25 يناير مدعوة للاستفادة مما جاء في "ميثاق" عبد الناصر وثورته عن بناء الحياة الديمقراطية السليمة، واضافة ما يصلح للمرحلة الجديدة، واستيعاب تجربة الثورة مع الحرية الفكرية والفنية والأدبية، للنهوض الفكري والحضاري بمصر. وبذلك تكون ثورة 25 يناير امتدادا طبيعيا لثورة 23 يوليو، خاصة وأن هذه الثورة ركزت على كرامة الشعب المصري بعد طول مهانة، كما فعلت ثورة 23 يوليو من قبل، حيث شعر أبناء الشعب المصري خاصة والعربي عامة بالعزة والكرامة حينها كما يشعر اليوم. واذا قال عبد الناصر في ميثاقه "إن أعظم ما في ثورة 23 يوليو سنة 1952 أن القوات التي خرجت من الجيش لتنفيذها، لم تكن هي صانعة الثورة، وانما كانت أداة شعبية لها." فقد صدق وكأنه كان يتنبأ به، حيث تكتمل الدائرة اليوم، حين قام الشعب بنفسه يصنع الثورة ويطلب من أداتها القوات المسلحة أن تتولى المسؤولية لضمان الأمن والاستقرار للوطن، فالشعب والجيش معا في خدمة وحماية مصر المحروسة والعظيمة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il 

مقالات متعلقة

.