- معاذ بيادسة في مقاله:
* الصّحافة العبريّة كتبت عن مطالب الشعب، ومن ثم ثارت وسائل الإعلام العربية، واصفةً اليهود في إسرائيل بأنّهم يقلّدون الثوّار في الدول العربية
* فوجئت بأنّ العرب في إسرائيل لا يهمّهم غلاء الوقود ولا قضيّة ارتفاع أسعار الشقق، بل مصادرة الأرض وعدم وجود مسطّحات للبناء
* الدول العربية قد استيقظت بعد عشرات السنوات من الظلم والاستبداد، ولم يكن هذا في اليوم الأول أو في العقد الأول، خلافًا للشارع الإسرائيلي الذي استيقظ بعد غلاء الوقود بـ 2 شيقل فقط
* المؤسّسة الإسرائيلية لم تكتف بعبرنة اللافتات في الشوارع فحسب، بل أنّ مشروع الأسرلة وصل بنا إلى حدّ الوقوف مع "أبناء العمّ" في محنتهم في الحصول على مسكن ال 90 متر ونحن نملك مساكن ال 200 ولسنا بحاجة لذلك
حسنًا.. فهمتُ في الفترة الأخيرة أنّ الشارع الإسرائليّ -غير العربيّ طبعا- يريد أن يعيش حياته الخاصّة بعيدًا عن البارود والمدفع، فهم في النهاية بشرٌ، من لحم ودم. صراحةً، أنا موافق مع احتجاجاتهم. فأسعار البيوت لديهم تفوق الخيال، إن كانت للإيجار أو للبيع. وفي المناطق التي لا تُعَدُّ مركزيّة يكون السّعر مرتفعًا أيضا.
المهم في خبر: ثار التشات الإسرائيلي في ثورة "فيسبوكيّة"، مطالبين الحكومة الحاليّة بوضع حلول لتخفيض أسعار المساكن وإيجاد حلّ لغلاء المعيشة، فهم يعيشون بضائقة بسبب هذه الأسعار. وقد تطوّرت الأمور وتفاقمت الأزمة الّتي أدّت بهم إلى أن نزلوا إلى الشارع، رافعين لافتاتهم بمظاهرات سلميّة تطالب بذلك الحقّ.
مطالب الشعب
لقد كتبت الصّحافة العبريّة عن مطالب الشعب، ومن ثم ثارت وسائل الإعلام العربية، واصفةً اليهود في إسرائيل بأنّهم يقلّدون الثوّار في الدول العربية، لنجد عبارات قد وردت في وسائل الإعلام مثل: "تل أبيب ميدان التحرير" و" نتنياهو في مقام مبارك" الخ...
إنّ أكثر ما يهمّني في الأمر أنّ الدول العربية قد استيقظت بعد عشرات السنوات من الظلم والاستبداد، ولم يكن هذا في اليوم الأول أو في العقد الأول، خلافًا للشارع الإسرائيلي الذي استيقظ بعد غلاء الوقود بـ 2 شيقل فقط. وطبعا باتت أسعار الشّقق أكثر خيالية إلى درجة أنّها لم تعد تسمح للطالب بممارسة أبسط متطلبات حياته كالذّهاب كلّ سبت إلى السينما أو إلى ناد ليليّ.
غلاء المسكن
لكن بعد مرور 63 عامًا من الاحتلال وما يترتب عليه من أزمات، كمصادرة الأرض وهدم البيوت، وجدنا أنه قد نُصبت الخيام في بعض البلدان العربية ضدّ غلاء المسكن، وعدم وجود المسطحات، فرُفِعت اللافتات ضدّ نتنياهو!! ولم ترفع ضد باراك وشارون وبن غوريون، أيّ من الزعماء الأفاضل الذين رسخت اسماءهم وجرائمهم في تاريخ شعبنا. بل على العكس، بتّ ألاحظ كما ولو أننا قد ظُلِمنا فقط في عهد هذا الـ "بيبي" وكأنه لم تُهدم المنازل ولم تصادَر الأرض، ولم يلجأ العرب الفلسطينيّون إلى أقطار العالم إلا في عهد "بيبي"، وبعد غلاء الشقق السّكنية. لقد باشر الإعلام الإسرائيلي في تغطية الحدث. دخل إلى الخيام الـ " تل أبيبيّة"، ولأننا مواطنون في دولة إسرائيل، لم ينسَ أن يدخل أيضا إلى خيام البلدان العربية.
كانت هناك المقابلات والمحاضرات داخل هذه الخيام، وطبعا حضر أعضاء الكنيست والرأي، وكل من يهمه الأمر، ففوجئت بأنّ العرب في إسرائيل لا يهمّهم غلاء الوقود ولا قضيّة ارتفاع أسعار الشقق، بل مصادرة الأرض وعدم وجود مسطّحات للبناء، فوقفت حينئذ برهة وتذكّرت أنّ قضية استئجار الشقق السكنية في الوسط العربي داخل إسرائيل ليست دارجة، فكلّنا –كعرب- نبني بيوتًا لنمهّدها لأهل العروس حين نذهب لخطبتها!
النضال غير عادل
في كل الأحوال، لا اعتراض على هذه الحالة، فالقروض السكنية متوفّرة لدى اليهود أيضا. تعمّقت أكثر، فتذكرت أن المنازل اليهودية الكبيرة لا تكاد تصل إلى 100 متر، ففي أغلب الحالات من 60 حتى 80 متر مكعب. وأنّ المنازل العربية في أصغر الحالات ليست أقل من 200 متر مكعب. ففهمت من هنا أن النضال غير عادل. صرت أظنّ أنّ المؤسّسة الإسرائيلية لم تكتف بعبرنة اللافتات في الشوارع فحسب، بل أنّ مشروع الأسرلة وصل بنا إلى حدّ الوقوف مع "أبناء العمّ" في محنتهم في الحصول على مسكن ال 90 متر ونحن نملك مساكن ال 200 ولسنا بحاجة لذلك .
أظنّ اليوم وبعد تلك الوقفة مع الذات، أنّ الخيام في الوسط العربي كان يجب أن تكون للبكاء على ما آلَ إليه مجتمعنا من تردٍّ في جميع المجالات، فالسكن ليس مشكلة، بل كان يجب أيضا أن نطلب بنداء خاص لمن يبني البيوت والشقق الكبيرة التي تفوق ال 500 متر ويبقي جميع أخوته طيلة الـ 10 سنوات متأخرين بالزواج حتى ينتهي من بناء ذلك البيت، أن كفى بكم بترا، ففي حديث عن صلى الله عليه وسلم أن قال: "لا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون".
لا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون
يَقُولُ : ثني شَيْخٌ بِسَاحِلِ دِمَشْقَ يُقَالُ لَهُ : عَلْقَمَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : وَفَدْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِعَ سَبَعَةٍ مِنْ قَوْمِي فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَكَلَّمْنَاهُ أَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ سَمْتِنَا وَزِيِّنَا فَقَالَ : " مَا أَنْتُمْ " ؟ قُلْنَا : مُؤْمِنِينَ ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : " إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ ؟ " قُلْنَا : خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً ، خَمْسٌ أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا وَخَمْسٌ أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَعْمَلَ بِهَا وَخَمْسٌ تَخَلَّقْنَا بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَنَحْنُ عَلَيْهَا إِلا أَنْ تَكْرَهَ مِنْهَا شَيْئًا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا الْخَمْسُ الَّتِي أَمَرَتْكُمْ رُسُلِي أَنْ تُؤْمِنُوا بِهَا ؟ " قُلْنَا : أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، قَالَ : " وَمَا الْخَمْسُ الَّتِي أَمَرَتْكُمْ رُسُلِي أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا " ؟ قُلْنَا : أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَقُولَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَنُقِيمَ الصَّلاةَ وَنُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَنَصُومَ رَمَضَانَ وَنَحُجَّ الْبَيْتَ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا . قَالَ : " وَمَا الْخَمْسُ الَّتِي تَخَلَّقْتُمْ أَنْتُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟ " قُلْنَا : الشُّكْرُ عِنْدَ الرَّخَاءِ وَالصَّبْرُ عِنْدَ الْبَلاءِ وَالصِّدْقُ فِي مَوَاطِنِ اللِّقَاءِ وَالصَّبْرُ عِنْدَ شَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ وَإِكْرَامُ الضَّيْفِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ كَادُوا مِنْ صِدْقِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ " . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا أُرِيدُ مِنْكُمْ خَمْسًا فَتَتِمُّ لَكُمْ عِشْرُونَ خَصْلَةً إِنْ كُنْتُمْ كَمَا تَقُولُونَ فَلا تَجْمَعُوا مَا لا تَأْكُلُونَ وَلا تَبْنُوا مَا لا تَسْكُنُونَ وَلا تَنَاقَشُوا فِي شَيْءٍ غَدًا عَنْهُ تَزُولُونَ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَعَلَيْهِ تُعْرَضُونَ وَارْغَبُوا فِيمَا عَلَيْهِ تُقْدِمُونَ.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il