هل من باب الصدفة تكرار الحوادث الأمنية كلما ارتفعت وتيرة الانقسام بين الفريقين المتخاصمين؟
هل ما يجري من أحداث أمنية هو أحد عتاد المعركة السياسيّة بين الفريقين، أم أن هناك لاعب اقليميّ أو دوليّ يخطط ويُنفّذ، ولا يعدو الفريقان عن كونهما ضحيّة "لعبة الأمم"؟
دخل المشهد اللبناني مرحلة حسّاسة جداً، حيث كادت أن تتفلّت الساحة الشمالية أمس بعد خلاف انتهى بجرح ثلاثة أشخاص في زغرتا، وتعرّض قصر الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجيّة لطلقات ناريّة، كان سهلاً تحديد جغرافية مكانها، مع استحالة تحديد تاريخ انتهائها، لولا تدخّل زعيم المردة النائب سليمان فرنجيّة الذي دعا الى عدم تضخيم الأمور والى أقصى حالات ضبط النفس.
نصرالله
أما على مستوى الصورة الوطنيّة العامّة، فأصبحت الأنظار شاخصة نحو حزب الله الذي يزداد الثقل على كاهله، لا سيّما بعد ارتباط اسمه بحدثين أمنيين، أولهما الانفجار الذي دوّى في الرويس، والمواقف المعلَّقة التي "رفضت رواية حزب الله جملة وتفصيلاً عن أن الحادث هو مجرد انفجار قارورة غاز، ورأت فيه امعاناً في تهميش وتهشيم دور السلطة اللبنانية في المناطق التابعة لنفوذه.
استكمال المعركة
ثم جاء حادث أنطلياس، ووفق معلومات خاصة فإن أحد القتلى يتبع لحزب الله وكان يحمل في جيبه شيكاً قيمته حوالي 150 ألف دولار، لتكون هذه النقطة فرصة وجدها خصوم حزب الله مؤاتية لاستكمال معركتهم تجاهه حتى الرمق الأخير، بعد القرار الضمني لفريق "14 آذار" برفع وتيرة التصاريح لتوجيه اللكمات المتتالية لحزب الله، معولة على أن "تساهم الضربات المتكررة في تسديد الضربة القاضية له عبر المحكمة الدوليّة".
في موازاة ذلك، فإن حزب الله، وفقاً لمصادر مطلّعة، في حالة ترقّب للمرحلة المقبلة ويدرس خطواته بحذر، بعد أن نأى بنفسه عن السجالات والتصاريح الاعلاميّة، واكتفى ببيانين صغيرين عن حادثتي الرويس وأنطلياس. وهو يعمد الى الابتعاد عن الانجرار الى الكباش الاعلاميّ، في مقابل سعيه الى ضبط ايقاع قطار التفجّر السريع بالتزام الهدوء والتهدئة الاعلاميّة".
خلفية صرف الأموال لوزارة الأشغال
حكومياً، تعرّضت مسيرة التناغم الوزاري الى هزّة قويّة، على خلفية صرف الأموال لوزارة الأشغال، والتحفّظ على الصرف لوزارة الطاقة، ما أثار حفيظة "التيار الوطني الحر"، الى درجة لوّح فيها بالاستقالة من الحكومة. وفي هذا الإطار، حملت مصادره لـ"الخيمة" على "هذه الانتقائية في التعاطي مع الوزارتين، خصوصاً أن موضوع الكهرباء موضوع حيوي وأكثر من ضروري"، مشددة على "أنه من غير المسموح لبعض بهلوانيي المجلس النيابي أن يعرقلوا مشروع من شأنه أن يخفّف عن كاهل المواطن".
مشروع القانون
ووضعت المصادر المواقف في خانة العرقلة "لا سيّما أن مشروع القانون كان مطروحاً ابان حكومة الرئيس سعد الحريري ونال موافقة كل الأقطاب، ولم يطرأ أي تعديل عليه سوى انتقاله من مشروع الى اقتراح قانون"، معتبرة أنه "من غير المقبول أن يؤيد البعض مطالب الناس إعلامياً، ويمارس عكس ذلك في مجلسي النواب والوزراء، لا سيّما عندما تكون الأمور واضحة، والأموال تخضع للرقابة".
وليس بعيداً عن اهتزاز الائتلاف الوزاري، يبدو أن بذور التباعد بدأت تدفع بنفسها "ورماً" خارج جسد الحكومة. ووحدها الأيام المقبلة كفيلة بتحديد اذا ما كان هذا الورم حميداً أم خبيثاً، لا سيّما بعد موقف زعيم "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الذي أعلن تحفظه على قانون الانتخاب النسبيّ، ما يعني أن الأمور ذاهبة نحو مزيد من التأزيم، في ظل انخفاض منسوب الاتفاق، حتى بين فرقاء الصف الواحد.
إغفال حادثة فرار خمسة مساجين
على خطّ الاحداث الأمنيّة، لا يمكن إغفال حادثة فرار خمسة مساجين، بينهم أربعة من "فتح الاسلام"، من سجن رومية، لتطفو على السطح تساؤلات، من المرجّح أنها ستبقى من دون أجوبة، لا سيّما أن منطق الإجابة على هذه الاسئلة يبلغ ذروة التناقض عند الفريقين المتخاصمين:
-هل مسألة فرار المساجين هي مجرّد صدفة لناحية التوقيت، أم أن هناك دور ما لفريق يسعى لتحميل الحكومة ما تعجز عن حمله عبر اظهار هشاشة الدولة؟
-هل من باب الصدفة تكرار الحوادث الأمنية كلما ارتفعت وتيرة الانقسام بين الفريقين المتخاصمين؟
-هل ما يجري من أحداث أمنية هو أحد عتاد المعركة السياسيّة بين الفريقين، أم أن هناك لاعب اقليميّ أو دوليّ يخطط ويُنفّذ، ولا يعدو الفريقان عن كونهما ضحيّة "لعبة الأمم"؟
-ما دقّة ما تتداول به بعض الأوساط لناحية أن للحدثين الأمنيين الأخيرين ارتباطاً مباشراً بكشف عملاء داخل حزب الله، وعلاقة باهتزاز أمني يشهده الحزب بعد خسارته قائده الأمني عماد مغنية؟ كلّها أسئلة مفتوحة بإنتظار ما ستحمله المرحلة المقبلة على كل المستويات.