الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 09 / نوفمبر 23:02

فلسطينيات يقفزنّ قفزة نوعية ويصنعن من بقايا الغذاء أجود أنواع السماد

تقرير: روزين عودة
نُشر: 19/08/11 16:55,  حُتلن: 18:12

ميّ  أسدي:

على الصعيد الشخصي قد تفكر المرأة التي شاركت في المشروع في أن تبدأ بعمليات تدوير بقايا الأغذية في منزلها

للثقافة البيئية علاقة مباشرة مع الاستهلاك في الحياة اليومية، حيث أن للنساء فرصة أن تكون الواحدة منهن ذكية اقتصادياً، وتشجع عملية تدوير الغذاء لإنتاج السماد العضوي على الزراعة البيتية

أمينة إغبارية:

هذه العملية التي تكلفني عدة أشهر ولا تكلف إلاّ القليل جداً من المال، ستدر عليّ مبالغ طائلة مستقبلا

أفكر في أن أطور المشروع المنزلي الصغير لمصلحة كبيرة، وطموحي أن أنتج السماد العضوي وأسوقه وأبيعه

أنصح كل ربة منزل أن تقوم بإنتاج السماد لأنها ستشعر بالأرباح المعنوية والاقتصادية والبيئية، رغم أنني أعلم أن غالبية ربات المنازل يتكاسلن في متابعة هذه الأمور نتيجة ظروف عملهن ومشاغل الحياة، إلا أنني فعلاً أنصحهن بذلك

لا يوجد شيء لا لزوم له أو لا يمكن الاستفادة منه. فحتى بقايا موائد الأسرة تجمعها ربة البيت الفحماوية أمينة إغبارية لتصنع منها أجود السماد لحديقتها.
قشور البيض والفواكه والخضروات وما يتبقى من أطعمة غير مطبوخة وحتى كرتون تغليف بعض الأطعمة، كل هذا وغيره يجد طريقه إلى وعائين وضعتهما أمينة قرب حديقة منزلها.



وبين الحين والآخر تقوم بسكب القليل من الماء في الوعائين وتقلب محتوياتهما لتسرع من عملية التخمر. وبعد مرور ثلاثة أشهر يصبح الخليط سماداً عضوياً يعد من أفضل أنواع الأسمدة في العالم، ويجد طريقه إلى الحديقة الصغيرة التي باتت تغني أسرة هذه المرأة عن شراء معظم احتياجاتها من الخضار والفواكه.
وفي بعض الأحيان يتم الاستعانة بنوع خاص من الديدان التي تستطيع أن تأكل نصف وزنها من الطعام يومياً وتحوله الى سماد. تقول أمينة:" على الأقل أعرف أنني أتناول وعائلتي ما زرعت وجنت يداي، البندورة، البامية، التين، ورق الدوالي، الملوخية، الرمان، اللوز والحامض".
أمينة ليست المرأة الوحيدة في أم الفحم التي تقوم بصنع السماد العضوي من بقايا الموائد، ولكنها كانت من الرواد في هذا المضمار ولها الفضل في نشر هذه التقنية والتعريف بها في أوساط الكثير من نساء أم الفحم.

الكومبوست
الأسم الدارج لهذه التقنية هو "الكومبوست" والذي يعني السماد بالعربية، وخصوصاً السماد ذو الجودة العالية. وتحدثنا أمينة عن بداياتها مع هذه التقنية قائلة:" تعرفت إلى الكومبوست قبل عشر سنوات، عندما كانت ابنتي في الصف السادس، حيث وزعت على المدارس حينها أوعية إنتاج السماد، فكنت أساعد ابنتي في جمع بقايا الخضار والطعام".
وتضيف "من يومها دخلت الفكرة الى رأسي خاصة أنني بطبيعتي أحب الزراعة ولدي إهتمام كبير جداً بهذه الأمور حيث أعتبرها من أسس الحياة الصحية، على الأقل على صعيد العائلة".
وكما تؤكد الدراسات الحديثة، فإن للسماد الكيماوي تأثيرات خطيرة على الصحة خصوصاً في حال الإسراف في استخدامه كما يجري حالياً. وتتذكر أمينة تجربتها الأولى مع الكومبوست، قائلة أنها اشترت وعائين لصناعة السماد، وراحت تجمع القشور وبقايا الطعام وأوراق الأشجار المتساقطة، ولكنها عانت من خروج روائح كريهة من الوعائين خلال عملية التخمير.

المدن الخضراء
وللاستزادة حول الكومبوست ومن أجل أن تتقن صناعته، فقد انضمت أمينة إلى دورة بيئة متخصصة في مدرسة ابنتها نظمها "المنتدى النسائي" في أم الفحم ولاحقاً انضمت لإطار مشروع "المدن الخضراء" الذي يجري تنفيذه بدعم من الإتحاد الأوروبي.
وقد مُنح هذا المشروع لستة بلديات عربية في كل من أراضي 48 والضفة الغربية، وهي سخنين وشفاعمرو وأم الفحم ورام الله ونابلس والقدس الشرقية.
وخلال الدورة تعرفت أمينة ومجموعة من النساء إلى الكومبست بشكل أعمق، إضافة إلى أنهن تزودن بمعلومات حول الوسائل الفضلى للعناية بالنباتات والحفاظ على محيط بيئي صحي.
وعقب الدورة، استطاعت أن تسد كل الثغرات بالنسبة للكومبوست مما جعلها تتأهل لأن تدير حلقات بيتية للنساء حول تصنيع السماد الطبيعي. وجرى تقسيم أم الفحم في إطار مشروع المدن الخضراء إلى ثماني حارات، تم تدريب ما بين 35 - 50 امرأة في كل حارة، وقامت هؤلاء النسوة بدورهن بعقد حلقات بيتية لنقل التجربة إلى أخريات.

نفايات وبيئة
المواد العضوية تخرج من التراب وتعود الى التراب، كما تقول أمينة التي تشدد على أنه لا يجب أن نهمل المواد العضوية ونلقيها في القمامة. وتضيف قائلة أن "صناعة السماد تساهم في تقليل نسبة النفايات، وعبر استغلال العضوي منها نكون قد أصبنا عصفورين بحجر واحد، أي أننا نوفر على أنفسنا وعلى البلدية، وأيضاً نستفيد بأننا نحصل على خضار وفواكه صحية".
وبحسب سليم الحلمي مدير قسم الصحة في بلدية أم الفحم، فإن كمية النفايات التي تتعامل معها البلدية سنوياً تبلغ 24.000 طن، وتترواح نسبة المواد العضوية فيها بين 85% الى 90%.
ويرجع حلمي إرتفاع نسبة المواد العضوية في النفايات إلى حقيقة أن "وزارة البيئة الاسرائيلية لا تخصص ميزانيات للوسط العربي لغايات فرز النفايات كما تفعل مع الوسط اليهودي".

مشروع مستقبلي
في الوقت الذي ينحصر إنتاج سيدات أم الفحم للسماد العضوي على الاستخدامات المنزلية، إلا أن هناك في إسرائيل شركات متخصصة في إنتاج وتسويق هذه المادة التي تدر أرباحاً كبيرة.
وكما تخبرنا أمينة، فهي تفكر في أن تستثمر خبرتها وتطورها إلى مشروع تجاري كبير. وتقول "أفكر في أن أطور المشروع المنزلي الصغير لمصلحة كبيرة، وطموحي أن أنتج السماد العضوي وأسوقه وأبيعه، علماً أن هذه العملية التي تكلفني عدة أشهر ولا تكلف إلاّ القليل جداً من المال، ستدر عليّ مبالغ طائلة مستقبلا".
وتضيف "أنصح كل ربة منزل أن تقوم بإنتاج السماد لأنها ستشعر بالأرباح المعنوية والاقتصادية والبيئية، رغم أنني أعلم أن غالبية ربات المنازل يتكاسلن في متابعة هذه الأمور نتيجة ظروف عملهن ومشاغل الحياة، إلا أنني فعلاً أنصحهن بذلك".
وتتابع قائلة إن "إنتاج السماد لا يحتاج إلا القليل من الجهد. ناهيك عن أن المزروعات والخضار في أرجاء المنزل تشعرنا براحة نفسية كبيرة خصوصاً إذا أنتجنا لأجل زراعتها ورعايتها السماد العضوي".

منافع متعددة
وكما تؤكد ميّ أسدي منسقة مشروع "المدن الخضراء" في مدينة أم الفحم، فإن لعملية تدوير النفايات العضوية وتحويلها إلى سماد منافع متعددة تعود على الأفراد وعلى مجتمعاتهم المحلية.
وتقول إن الهدف الرئيسي "هو التقليل من كميات النفايات. وبما أن الجميع ينتج النفايات ويُساهم في ازديادها، فلماذا لا يساهم في تخفيفها، ويتحقق ذلك من خلال فعاليات وورش عمل ونشاطات مختلفة تتلاءم مع كل فئة".
وتوضح إن من شأن تقليل كمية النفايات "ان يساعد البلديات كثيراً، حيث أن المواد العضوية تشكل النسبة الاكبر منها، وهي تدفع مبالغ طائلة مقابل عمليات نقل وطمر هذه النفايات".
وتتابع إن "المشروع يعطي حلولاً بديلة أكثر نجاعة بأسلوب بيئي صحي وحيوي، فإن وضعت البلديات حاويات المواد العضوية ستكون خطوة نحو الاقتصاد".
وتضيف أسدي إنه "على الصعيد الشخصي قد تفكر المرأة التي شاركت في المشروع في أن تبدأ بعمليات تدوير بقايا الأغذية في منزلها". وتقول إن ذلك سيساعدها حتى "تعتاد على أسلوب حياة جديد، ناهيك عن فائدته الاقتصادية فيمكنها أن تستحدث المواد العضوية لإنتاج السماد العضوي بجودة عالية وبيعه، ويمكنها مستقبلاً توسيع دائرة عملها لتصنع من تدوير بقايا الغذاء مصلحة شخصية".
ومن ناحية أخرى تقول أسدي "إن للثقافة البيئية علاقة مباشرة مع الاستهلاك في الحياة اليومية، حيث أن للنساء فرصة أن تكون الواحدة منهن ذكية اقتصادياً، وتشجع عملية تدوير الغذاء لإنتاج السماد العضوي على الزراعة البيتية، وبالتالي تحصل على زراعة محلية تغنيها عن شراء الخضراوات والفاكهة من الحوانيت في الخارج".
أعد هذا التقرير لصالح مشروع مضمون جديد



مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.75
USD
4.02
EUR
4.84
GBP
286950.63
BTC
0.52
CNY
.