عوني فار رحل قبل فوات الأوان، ولا سيما بعد أن شاء القدر أن ينام الليل الطويل دون أن يرى الحفيد الموعود بعد أشهر قليلة
"عوني" هو الإسم الذي سيطلقه المحامي النصراوي ساهر فار على طفله الذي سيأتي قريبا عساه يعوض فقدان وخسارة "عوني الراحل"
المحامي ساهر فار- نجل المرحوم عوني فار للعرب:
لو كان والدي كبش الفداء للمجتمع بهدف التغيير، لوافق عوني فار بنفسه أن يكون كبش الفداء
أصبحنا مجتمعما مثيرا للشفقة، فإذا كان السلاح هو الدمية التي نلعب ونتسلى بها، فأي مجتمع نحن؟
لو لم يكن والدي هناك في تلك اللحظة لكان أي شخص آخر ضحية مكانه، ولكن على ما يبدو أن هذا هو حد عمره
نحن بلاد الأنبياء! هل هذه هي بلاد الأنبياء التي نريدها؟ والأنكى من ذلك نلوم الأنبياء والقدر ونتنصل من المسؤولية
المواطنون كانوا يشاهدون مباريات كرة القدم واليوم باتوا يطلقون الرصاص ويتفاخرون بأنواع الأسلحة التي بحوزتهم
والدي كان إنسانا محبا للحياة ومن الصعب أن تمر لحظة تراه لا يضحك فيها وما هو إلا خسارة ليس فقط لأفراد أسرته وعائلته ومن عرفه، بل للمجتمع العربي بأسره
عندما تأتي الساعة فإن العقارب تتوقف عن التكتكة معلنة لحظة صمت وألم ولوعة وحداد، بعد ارتداء وشاح الموت الأسود والقهر والأسى والغضب والتساؤلات التي تقف خجلة أمام أجوبة الزمان والمجتمع والإنسان.
ما حصل في عاصمة الجليل، مدينة الناصرة الحبيبة والغالية، دق ناقوس الخطر وأنار الضوء الأحمر الذي يثير الذعر من استمرار نهج سفك الدماء، كيف لا وكل واحد منا كان معرضا للقتل برصاصة طائشة كالتي خطفت روح عوني فار ابن الناصرة البار.
الراحل عوني فار
عوني الطفل
عوني فار (52 عاما) من مدينة الناصرة رحل قبل فوات الأوان، ولا سيما بعد أن شاء القدر أن ينام الليل الطويل دون أن يرى الحفيد الموعود بعد أشهر قليلة. "عوني" هو الإسم الذي سيطلقه المحامي النصراوي ساهر فار على طفله الذي سيأتي قريبا عساه يعوض فقدان وخسارة "عوني الراحل".
قصة الميلودراما
موقع العرب تحدث الى المحامي ساهر فار نجل المرحوم عوني فار الذي سرد قصة الميلودراما الخميس الماضي بالقول: "حقيقة كنت في البلدة فاتصلوا بي وقالوا أن رصاصة اخترقت جسد أبي. هرعت الى سوق الخميس وطبعا رأيت سيارة الإسعاف، وما ان نظرت إليها وإذا والدي بداخلها وعندما رمقته تأكدت أنه متوفى. تم نقله الى مستشفى العفولة فتحدثت الى والدتي وشقيقي مخفيا عليهما الحقيقة المرة، قائلا لهما إن الوالد أصيب برصاصة في قدمه لأنني خفت من ردة فعلهما على الطريق خلال السفر بالسيارة من الناصرة الى العفولة، وما أن وصلا حتى علما وحدث ما حدث".
توفي على الفور
وتابع ساهر فار بالقول: "الرصاصة أصابت والدي في صدره وخرجت من الجهة الأخرى وأنا أشك أنه توفي فورا".
المحامي ساهر فار- نجل المرحوم عوني فار
من يصنع القضاء والقدر؟
وأضاف ساهر فار للعرب: "لو لم يكن والدي هناك في تلك اللحظة لكان أي شخص آخر ضحية مكانه، ولكن على ما يبدو أن هذا هو حد عمره وهنا أتساءل فيما إذا كان الأمر قضاء وقدرا ومن يصنعه؟ هل هو الله تعالى أم الإنسان؟ ولكن ليس هذا هو السؤال في هذا الوقت".
أحب الحياة فسلبت منه
وعن أبرز صفات الراحل عوني فار، كشف لنا المحامي ساهر فار بأن الوالد كان يتمتع بمحبته للآخرين، ومساعدة الغير بنظافة يد واخلاص ومنح الأمان، كما كان إنسانا محبا للحياة ومن الصعب أن تمر لحظة تراه لا يضحك فيها وما هو إلا خسارة ليس فقط لأفراد أسرته وعائلته ومن عرفه، بل للمجتمع العربي بأسره.
قتل دون عمد
"السؤال حول هوية القاتل بهذه القضية ليس منطقيا لأن ما حصل قد حصل لا سيما وأن الأمر ليس متعمدا. ولكنني أؤكد بأنه لو كان والدي كبش الفداء للمجتمع بهدف التغيير، لوافق عوني فار بنفسه أن يكون كبش الفداء".
كان ينتظر حفيده الأول "عوني"
وكشف ساهر فار بنبرة حزينة ولكنها متفائلة بأن الراحل عوني فار كان ينتظر حفيده الأول "عوني" خاصة وأن زوجة ساهر حامل في الشهر الثالث، علّ عوني الصغير يحمل معه بصيص نور وأمل للعائلة المفجوعة ليداوي جراحها ويضمدها بهدية السماء.
من قتل والدي هو الشعب وليست الشرطة أو البلدية
موقع العرب سأل ساهر فار حول إمكانية الحد من ظاهرة العنف المستشري فقال: "دائما يلومون البلدية والشرطة والله، ولكن أين هو دورنا؟ اللوم الأول والأخير والكبير هو علينا نحن لأن من قتل والدي هو الشعب وليست الشرطة أو البلدية. التربية في العائلة والمنزل تكشف لنا هوية تصرفات الشاب أو الفتاة في الكبر، ولذلك هنالك حلقة ضائعة ولا أحد يجدها والأمور تزداد صعوبة وتعقيدا. لا أعتقد أن المجتمع سيتغير ما دمنا نسمع يوميا عن إطلاق رصاص في الناصرة. في السابق كان المواطنون يشاهدون مباريات كرة القدم واليوم باتوا يطلقون الرصاص ويتفاخرون بأنواع الأسلحة التي بحوزتهم. لقد أصبحنا مجتمعنا مثيرا للشفقة، فإذا كان السلاح هو الدمية التي نلعب ونتسلى بها، فأي مجتمع نحن؟
هل هذه هي بلاد الأنبياء؟!
ونوه قائلا: "كم من المحزن النظر الى الناصرة هكذا. وضعنا مطابق لشعر نزار قباني "خبز وحشيش وقمر". نحن بلاد الأنبياء! هل هذه هي بلاد الأنبياء التي نريدها؟ والأنكى من ذلك نلوم الأنبياء والقدر ونتنصل من المسؤولية".
شهيد العنف في المجتمع العربي
وختم المحامي ساهر فار، نجل شهيد العنف في المجتمع العربي، عوني فار من الناصرة، حديثه لموقع العرب بالقول: "الناس كلها عرفت والدي الذي كان غنيا عن التعريف وهذا يدل على محبة الناس. اعتراف الجماهير بأن المصيبة تعدت الإطار الخاص وباتت مصيبة كل من عرفه وتأثر على الحادث لهي خير برهان على ذلك. أشكر المعزين كافة وآمل أن تكون هذه الحادثة عبرة لمن اعتبر".