الدكتور حسام الغوطي :
المبيدات الحشرية تفترس أجساد الأطفال
لا يستطيع أي عاقل إلا أن يسأل كيف سيصبح حال الناس وحال البلد حين تجف المياه الجوفية
العمال الذين كانوا يعملون في إسرائيل بعشرات الآلاف وكانوا يتعلمون صناعة أو مهنة أو حرفة ويتطورون فيها فأدى انقطاعهم لحوالي خمسة عشر عاماً أدى إلى توقف التعلم
قال الدكتور حسام الغوطي أخصائي أمراض الدم وهو يعتصر الألم "إنني لاحظت أن معدل انتشار بعض أنواع سرطان الدم في غزة هي أعلى من معدلاتها ربما في العالم كله..وإني أظن أن السبب الرئيسي يعود إلى الظروف الصحية والبيئية التي يعيشها القطاع، وخاصة المبيدات الحشرية والهرمونات التي تستعمل مع النباتات فهذه كلها أو معظمها مواد مسرطنة واستعمالها في القطاع يبدو أنه بدون نظام..إن ذلك يشكل خطراً على المجتمع وخاصة الأطفال".
سموم الديزل في الشوارع
الدكتور الغوطي ليس طبيباً عادياً فهو من الأوائل في الطب حتى في إسرائيل ذاتها وهو يقوم بالتدريس في جامعة تل أبيب ويأتي إلى غزة يومين في الأسبوع لمعاينة المرضى.
وما يقوله الطبيب البارز يعبر عن مأساة حقيقية ولا يستطيع أي عاقل إلا أن يسأل كيف سيصبح حال الناس وحال البلد حين تجف المياه الجوفية أو حين يصبح عدد السكان خمسة ملايين وعدد السيارات المستهلكة لسموم الديزل في الشوارع المزدحمة أكثر من مليون وتضج المدارس بالطلاب والجامعات بالدارسين دون أملٍ في وظيفة أو دخل لتتزايد طوابير الآلاف من البطالة.
الحصار على غزة الذي بدأ منذ الانتفاضة
المبيدات الحشرية تفترس أجساد الأطفال لأن البعض لا يعرف الضمير ويتاجر بالأرواح غير مبالي إلا للربح والأكثر إيلاماً أن هؤلاء لا يعرفون القانون ولا نظام العمل واستعمال المبيدات والهرمونات فيقرروا من ذاتهم كيف تعالج الأمور، فهم في باب علمهم يعتبرون من الهواة وليسوا محترفين. وهذا هو حال معظم الناس والمهنيين في القطاع بسبب العزلة الجغرافية والسياسية الطويلة وبسبب الحصار على غزة الذي بدأ منذ الانتفاضة أو قبلها بمنع الاتصال مع العالم، حتى العمال الذين كانوا يعملون في إسرائيل بعشرات الآلاف وكانوا يتعلمون صناعة أو مهنة أو حرفة ويتطورون فيها، فأدى انقطاعهم لحوالي خمسة عشر عاماً أدى إلى توقف التعلم، تماماً مثل الأطباء الخريجين الذين توقفت استزادة العلم لديهم منذ تخرجهم وأدى ذلك إلى شيخوخة علمية مبكرة، وإذا بحثت أحوال أية مهنة اليوم تجد أن الجميع يعاني إلا فيما ندر، فليس هناك طوبرجي (بناء) أو مقاول عمال كما كان في الماضي، وليس هناك سباك معلم أو كهربائي معلم..فقد كسدت البضاعة وانقطع العمل والعلم سنيناً طويلاً.