كسارات إسرائيل:المساكن لليهود والغبار للعرب وقصة معاناة أهالي بئر المكسور

تقرير: روزين عودة
نُشر: 01/01 15:42,  حُتلن: 23:26

امطانس شحادة:

المسببات هي سياسية بامتياز وتعود لتعامل الدولة مع المواطنين العرب

ضائقة المسكن لدى المجتمع الفلسطيني تختلف إلى حد بعيد عن مشكلة ارتفاع الأسعار في المدن الإسرائيلية

المواطن العربي يبقى محاصراً داخل البلدات العربية، وفي أفضل الحالات يحاول الانتقال إلى ما يسمى المدن المختلطة، ويمنع، بواسطة القانون، من محاولة السكن فيما يُسمى بالبلدات الجماهيرية الصغيرة

المحامي علاء حيدر:

لا يخفى على أحد أن الفلسطينيين في الداخل يشكلون الجزء الأكبر من الطبقات الفقيرة

للفقر علاقة مزدوجة مع المشاكل البيئية، بحيث أن الفقراء لا يملكون السبل والوسائل المالية والتقنية لمواجهة المشاكل البيئية

فلسطينيو الداخل هم الأشد تضرراً من العوامل الملوثة للبيئة ومن بينها الكسارات، ويشدد على ضرورة التحرك من أجل الحد من معاناتهم

ياسر حجيرات رئيس مجلس القرية:

نحن نتحدث عن عمليات تفجير وحفريات شبه يومية، وعن الغبار الذي يسبب مشاكل صحية في مجرى التنفس للكثير من الأطفال، إضافة لأهالي القرية بشكل عام

منذ تقديم الطلب والكسارة تعمل بشكل عادي، لكنها حاولت بطريقة أو بأخرى إغراء المجلس بتقديم المواد للقرية أو تحريض العمال على السلطة بادعاء أن رئيس المجلس يحاول إغلاق الكسارة

ليس مثبتاً بشكل رسمي أن هذه الأمراض ناجمة عن غبار الكسارة، لكننا نرى كيف أن الأزمات الصدرية التي يعاني منها الأطفال تتكاثر يوماً بعد يوم، ناهيك عن ضيق التنفس لدى شريحة كبيرة في القرية

يعيش سكان قرية بئر المكسور في الجليل الأسفل على وقع التفجيرات المتواصلة في كسارة حنتون التي قالوا إنها "أحالت حياتهم إلى جحيم منذ إنشائها قرب قريتهم قبل نحو ربع قرن".
وليست التفجيرات وحدها ما يثير مخاوف الأهالي، فهناك الغبار الذي يؤكدون أنه زاد في نسب الإصابات بالأمراض الصدرية لدى الأطفال خصوصاً.


د. ياسر حجيرات

يقول ياسر حجيرات رئيس مجلس القرية "نحن نتحدث عن عمليات تفجير وحفريات شبه يومية، وعن الغبار الذي يسبب مشاكل صحية في مجرى التنفس للكثير من الأطفال، إضافة لأهالي القرية بشكل عام".
وفي الوقت الذي يؤكد حجيرات أن هناك علاقة بين الكسارة وهذه الأمراض، إلا أنه يقر بأنهم لا يملكون دليلاً علمياً على ذلك بسبب عدم وجود دراسات بهذا الخصوص من قبل الجهات الرسمية.
ويقول "ليس مثبتاً بشكل رسمي أن هذه الأمراض ناجمة عن غبار الكسارة، لكننا نرى كيف أن الأزمات الصدرية التي يعاني منها الأطفال تتكاثر يوماً بعد يوم، ناهيك عن ضيق التنفس لدى شريحة كبيرة في القرية".
وتقع الكسارة على بعد عشرات الأمتار فقط من القرية البالغ عدد سكانها نحو ثمانية آلاف. وكما يؤكد حجيرات فان "غبارها يصل لكل الحارات في القرية".
ومنذ إنشائها عام 1987 والأهالي يخوضون معارك قضائية ضدها في محاولة لترحيلها، أو على الأقل الحد من أضرارها. وهم أحيانا ينجحون في ذلك، وفي أحيان كثيرة تبوء محاولاتهم بالفشل.
ويضرب حجيرات مثلاً على تلك المعارك قائلا "حاولنا منع الكسارة من العمل ليلاً. فأصبحت تتوقف عن ذلك عندما تكون هناك مراقبة، وحين تغيب المراقبة تعود إلى سابق عهدها، وبالتالي يعود أهالي القرية للمعاناة من جديد".
ولعل أحدث وأهم المعارك هي التي تخوضها القرية الآن من أجل إبطال قرار بتوسيع الكسارة. وقد تقدم مجلس القرية بطلب اعتراض على القرار أمام المحاكم.
ويقول حجيرات انه "منذ تقديم الطلب والكسارة تعمل بشكل عادي، لكنها حاولت بطريقة أو بأخرى إغراء المجلس بتقديم المواد للقرية أو تحريض العمال على السلطة بادعاء أن رئيس المجلس يحاول إغلاق الكسارة. لكن الأهالي لديهم الإيمان الكافي بأن الكسارة تشكل خطراً على صحتهم ولذلك هم يؤيدون الطلب الذي قُدم للمحكمة".


علاء حيدر

قضية سياسية بامتياز
وإجمالاً، فإن قرية بئر المكسور ليست سوى واحدة من عشرات القرى والبلدات العربية في الداخل الفلسطيني التي ابتليت بكسارات يذهب بحصها وحجرها ورملها لبناء المساكن في مدن اليهود، ولا ينال العرب منها سوى الغبار.
وقد اظهر تقرير نشرته عام 2006 جمعية الجليل التي تعنى بالقضايا البيئية أن 54% من الذين يسكنون بالقرب من الكسارات في إسرائيل هم مواطنون عرب مع العلم أن نسبة المواطنين العرب في البلاد لا تتجاوز الـ20%.
كذلك أفاد التقرير أن الوضع في لواء الشمال أشد خطراً، حيث أن 74% من الذين يسكنون بالقرب من الكسارات هم مواطنون عرب، مع العلم أن 52% من سكان هذا اللواء هم من العرب.
وكما يوضح تقرير حديث للجمعية فإن هناك أكثر من مائة كسارة في إسرائيل يعمل نحو نصفها من دون ترخيص.
وفي الوقت الذي تتموضع الغالبية الساحقة من الكسارات حول التجمعات العربية، إلا أن منتجاتها تذهب لبناء مساكن اليهود الذين تفتح لهم آفاق التوسع على مصارعها في حين تسد هذه الآفاق أمام العرب.
وعموماً، فإن كلا المجتمعين يعانيان من أزمة سكانية، ولكن لأسباب متناقضة تماماً، كما يوضح امطانس شحادة الباحث في مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية.
يقول شحادة في دراسة منشورة أن "ضائقة المسكن لدى المجتمع الفلسطيني تختلف إلى حد بعيد عن مشكلة ارتفاع الأسعار في المدن الإسرائيلية".
ويضيف انه "إذا كان العامل الأول في ارتفاع أسعار البيوت في المدن الإسرائيلية هو رغبة الشباب اليهود بالسكن في المركز وشحة العرض هناك، فان أسباب الأزمة في البلدات العربية تعود إلى: غياب مناطق بناء ملائمة؛ عدم إقرار خرائط هيكلية؛ ومسطحات نفوذ؛ عدم وجود بناء عمومي؛ عدم إقامة أي بلدة عربية جديدة منذ العام 1948؛ مصادرة أراض".


امطانس شحادة

ويخلص شحادة إلى أن "المسببات هي سياسية بامتياز وتعود لتعامل الدولة مع المواطنين العرب. المواطن العربي يبقى محاصراً داخل البلدات العربية، وفي أفضل الحالات يحاول الانتقال إلى ما يسمى المدن المختلطة، ويمنع، بواسطة القانون، من محاولة السكن فيما يُسمى بالبلدات الجماهيرية الصغيرة".
ويتابع قائلاً إن "تجاهل الدولة لضائقة السكن في البلدات العربية متواصل دون توقف، بل يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تبحث عن أساليب لإخراج البلدات العربية من دائرة المستفيدين من أي خطة جدية للتعامل مع ضائقة السكن".

ضرورة التحرك
ومن جانبه، يؤكد المحامي علاء حيدر من جمعية الجليل والتي تُعنى بقضايا البيئة والمحيط، إن فلسطينيي الداخل هم الأشد تضرراً من العوامل الملوثة للبيئة ومن بينها الكسارات، ويشدد على ضرورة التحرك من أجل الحد من معاناتهم.
يقول حيدر إنه "لا يخفى على أحد أن الفلسطينيين في الداخل يشكلون الجزء الأكبر من الطبقات الفقيرة. وللفقر علاقة مزدوجة مع المشاكل البيئية. بحيث أن الفقراء لا يملكون السبل والوسائل المالية والتقنية لمواجهة المشاكل البيئية".
وفي الوقت الذي يشير فيه إلى وجود العديد من القوانين القائمة من أجل تنظيم وإقامة وتفعيل عمل الكسارات، إلا أنه يؤكد أن هذه القوانين "لا تطبق ولا تنفذ بما فيه الكفاية على أرض الواقع باعتبار أن المتضرر الأساس هو المواطن العربي".


كسارة حنتون/ أرشيف

ويقول حيدر أنه بالنظر إلى نسبة المواطنين العرب الكبيرة المحاذية للكسارات فإنه "ليس غريباً أو صدفة عدم وجود أي ممثل عن المواطنين العرب في جميع اللجان المعنية بموضوع التخطيط ووضع السياسات وتنفيذها بشأن الكسارات".
ويضيف أن "هذا يستدعي التحرك، والعمل على جميع المستويات: القانوني (تنفيذ القوانين، تقديم دعاوى وشكاوى في المحاكم) والجماهيري وأيضاً على مستوى السلطات المحلية التي تملك صلاحية إصدار الرخص للكسارات التي تقع داخل منطقه نفوذها".
وحث حيدر فلسطينيي الداخل على عدم الاستسلام للأمر الواقع، وعلى الانخراط في الجهود الرامية إلى رفع الضرر البيئي عنهم.
وقال "حتى وإن كانت أحياناً وسائل مكافحة الأضرار البيئية والصحية غير مجدية أو سريعة إلا أنه يجب عدم الاستسلام والقول: إننا لن نؤثر، أو لا علاقة لي، لأن العمل الجماعي يبدأ بالفرد والفرد يُشجع الفرد الآخر ، خاصة إن كانت قضيته عادلة ووجد من يسانده ويدعمه".
وأضاف أن "هناك العديد من الأمثلة محلياً وعالمياً، تثبت أن بإمكان النضال الجماهيري والعمل الدؤوب أن يؤدي في النهاية- حتى إلى إغلاق مصانع أو نقلها أو تغيير سياساتها".
وتابع قائلا إن "خير دليل على ذلك هو عدم السماح بنقل مصنع (أي ام سي) للألومنيوم من خليج حيفا إلى أراضي القرى العربية في كفركنا والمشهد وغيرها".
وهذا المصنع المتخصص بإذابة الألومنيوم موجود الآن في خليج حيفا وكان من المخطط نقله إلى منطقة محاذية للقرى العربية إلا أن المحكمة للشؤون الإدارية في الناصرة وبعد العمل الجماهيري والقانوني، منعت نقله لكونه من المصانع المحظور عليها الدخول إلى مثل هذه المناطق.
أعد هذا التقرير لصالح مشروع مضمون جديد

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.70
USD
3.86
EUR
4.64
GBP
364353.68
BTC
0.51
CNY