الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 05:02

إليكَ يا إبنَ أُمي- بقلم: محمد كناعنة (أبو أسعد)

كل العرب
نُشر: 07/10/11 22:36,  حُتلن: 08:01

محمد كناعنة - أبو أسعد:

سأسمحُ لنفسي هنا أن أُعرّي قلمي المَكّلوم وأخلع عنهُ كلَّ أثواب المُجاملةِ ودبلوماسية الحياة

أُحبك لأنك أخي وأفتخرُ بصداقتكَ وأعتز بما كُنتَ ، وما أنتَ إلا انت.. وإن سألتَ عني, وهو السؤال الاكثر روتينيا في رسائل الأسرى

أنتَ الان أنت , وما عُدتَ كما كُنتَ إلاّ بما فعلَ بكَ المشيبُ والقدرُ وقانونُ نفي النفي والزمن الموازي والشوق الى قهوة الصباح ومناقيشُ زعتر وصَوت الباعةِ في الحارة

الحلقة الأولى - إلى أخي ورفيقي حسام .. وإلى أخوتي ورفاقي الأسرى

يا رفيٍقَ الدرب والهَمّ ومشوار السنين الطوال الطوال, لا حسابَ للسنواتِ في رحلةِ العُمر القصيرة, ولكن حين يكون الجَدول على حائط زنزانة السجن تُصبح الساعات والسُويعات رَقماً صعباً على الحياة أو فيها , وهناكَ عندَ حواف تلال المحصول الانساني, لا يعود الأمرَ سيّان إن طالَ أو قَصُر هذا العُمر إلاّ بما شاءَ لنا حَصاد العقل - أو ما تَبقى منهُ - على قاعدة الثابت والمُتحول, وها نحنُ في مرحلةٍ أصبحَ فيها الثبات عملة نادرة, لا غضاضة في الأمر، فهذا حالنا اليوم ، فلا ثبوتَ للمواقف ما دامَ العقل متأرجحاً والفكرةُ اكبرُ من أن يتأبّطها عقلٌ لا عِقالَ لهُ .

خلع الأثواب
سأسمحُ لنفسي هنا أن أُعرّي قلمي المَكّلوم وأخلع عنهُ كلَّ أثواب المُجاملةِ ودبلوماسية الحياة ، ففي هذا الزمن - كما في كل زمان - هناكَ جهابذةٌ من "الثوار الجُدد" على قارعة دربِ الثورة يجلسون, يتحدثون عن الأدغال وحرب الشوارع, ويزنونَ بأسمِها وكومونة بغداد تُدكَ بصواريخ الحُريات – خاصّة الفرديّة منها - والديموقراطية ما شاءَ الله تجوبُ الوطنَ من المحيطِ الى الخليجِ على متنِ دبابة أمريكية , وتنقضي السنوات وإسم الثورة يكتب بين كُثبان أنفاس الثوار ينفثون ما تبقى في جوفهم من فُتات جولةِ تحشيش ليلةِ القدرِ علّ السماء تَستجيبُ لبقايا دُعاء كانَ يختبئ في سراديب المرحلة السوداء من قمع أبوي لأصحاب مُظفر النواب " الثوار الكتبَة " .

رفيقي الغالي..
أُحبك لأنك أخي وأفتخرُ بصداقتكَ وأعتز بما كُنتَ ، وما أنتَ إلا انت.. وإن سألتَ عني, وهو السؤال الاكثر روتينيا في رسائل الاسرى , فانا ما زلتُ أحاول أن أبقى أنا , أن لا أتغيّر في الجوهر إلاّ بما يسمح به ِ الدهر وقانون الديالكتيك الثوري, وفي المبدأ ، الفولَذة هي الاساس الذي اعتمد عليه ،، وهذا لم يَعُد نهجَ فخر لدى البعض ، إذ صارَ يُسمّى نهجاً أبوياً وكأنَّ الأبوة عاراً ، وكذا أُحاول أن أنقُلَ الأمرَ للأبناء " وأقصد هنا الذكور والاناث حتى لا أتهَم بالذكورية " هذا حالُ أسعَد اليوم ، صلابة ثورية وقناعات تجعلني فقط أفتخر بهذاالرجل الصغير، وأخاهُ حكيم على هذا الدرب, فقبل أيام جاء مدير المدرسة الى البيت ليعالج قضية معهُ وزملاءه الطلاب الاطفال, حاول هذا أن يستجوبهُ وأن ينتزع منهُ إعترافاً عمّن فعلَ ما فعل في المدرسة, ولكن حكيم وبدون أي تدخل مباشر مني, رفض الكشف عن أي من الاسماء, وجادل مدير المدرسة حول عنفهُ مع الطلاب وقالَ لهُ.. " إنت بتضرب الاولاد وبتصرّخ بالدرس, هيك إلي بعلم دين " .. في داخلي سُررتُ وقلت للأستاذ لا تزرع في الاطفال الخوف والرعب ولا تدفعهم للوشاية الواحد عن الآخر, وعلى هذا إفترقنا . طبعاً هذا الحال هو درب حنين وفداء ونداء ، وهُنَّ لَسنَ أقل " شقاوة " والخير لَقُدّام .

أنتَ...
أنتَ الان أنت , وما عُدتَ كما كُنتَ إلاّ بما فعلَ بكَ المشيبُ والقدرُ وقانونُ نفي النفي والزمن الموازي والشوق الى قهوة الصباح ومناقيشُ زعتر وصَوت الباعةِ في الحارة وحديثُ عجائز الحي عن أعراس أيام زمان وعروض الازياء لصبايا اليوم ...

الحياة والمعنى
وتتساءَل هناك عن هُنا..عن الحياة والمعنى.. وتمتَطي الفكرة أمواجَ الكلام , نحتالُ عليها , نحاول الوصول اليها بالفُلكِ, نبحثُ عن السؤال في زوايا الرُؤيا, والأمر منوطٌ من أينَ تنظرُ الى الفكرة؟ ومن اي خاصرةٍ تود ان تُخاصرها أو أن تُحاصرها , بالطولِ أم بالعرضِ أم بالأثنتين معاً ؟! ونحسب مَعكُم الأمرَ بالساعات وباللحظات وبالزياراتِ وعدد الأعيادِ وأشهرُ الصيامِ وعدد الرؤساءِ ودورات البرلمانِ وانهيار المنظوماتِ والدول والمنظماتِ, ونعتقد كما أنتُم ، أنّ الحرية لا تُعطى ولا تقيّدُ بسلاسلٍ من حديدٍ أو ذَهَب, وأنتم هُناكَ دائماً على موعدٍ مع الفكرة, فهي أقربُ من الجدار وأصلبُ من حديدِ القيد وأجمل ما فيها أنها دائماً تأتي.. على موعدٍ, من غير ميعاد مُلفّعة ببرقوق الوديان الأحمر، بكَفنٍ مُخمَلي تأتي ، بالياسمين الأبيض تأتي .. هي دائماً تأتي .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة

.