منذ شهر أب\أغسطس الماضي، ومع إقرار حكومة اولمرت- باراك فرض "الخدمة المدنية\الوطنية"، على الشباب والشابات العربيات فلسطيني الـ48، تحاول السلطات الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية المختلفة، وبكل الطرق المتاحة لتدجين الشباب العرب ضمن هذه الخدمة التي أطلقت عليها "مدنية\وطنية"، في محاولة منها ربط تحصيل الحقوق بتقديم الواجبات كصك غفران لـ"المواطنة الإسرائيلية"، وشهادة حسن سلوك
وفي كل مرة تقوم الحكومة الإسرائيلية والمؤسسات ذات الصلة، بطرح معطيات جديدة تدعي فيها ارتفاع نسبة الشباب المتطوعين في "العمالة لصالح الجمهور"، وتقوم بتوجيه مؤيدي والمتشجعين لـ "الخدمة المدنية" في وسطنا العربي، لمهاجمة معارضي الخدمة المدنية بشكل عام، وللقيادات العربية بصورة خاصة، حيث تبرز من خلال ذلك "فشل" القيادات العربية في منع دخول الخدمة المدنية إلى صفوف شبابنا العرب
وتظهر من خلال بعض المستكتبين لديها أن المعطيات المذكورة تثير الذعر في أوساط قيادة فلسطيني الـ48 بمركباتها المختلفة، حيث حولت الموضوع وكأنه "تصفية حسابات" معهم، وان السلطة الحاكمة لا تريد التعامل مع فلسطيني الـ48 في إسرائيل، من خلال قياداتهم المنتخبة، بحجة رفضهم لسياسات الحكومة، ولمجرد تعبيرهم عن رأيهم رفض الحقوق المستحقة لنا كمواطنين في الدولة، بتقديم "خدمة مدنية" التي هي بالواقع ليست إلا غطاء ومقدمة للخدمة والتجنيد الإجباري في جيش يحتل ارض شعبنا وينتهك حقوقه اليومية
واليوم وبعد "الفشل" غير المتوقع الذي منيت به مخططات السلطة في تجنيد الشباب العرب وعدم تمكنهم في تمرير هذه الخطط لتدجين الشباب العرب الفلسطينيين، تسعى اليوم إلى سن قانون جديد(قانون آيتان كابل-عضو الكنيست من حزب العمل)، يجبر ويلزم الشباب بالخدمة المدنية، وتعرض كل من يرفض إلى سلب أسس وحقوق أولية هي حق لهم مثل: عدم منح رخص قيادة سيارة، منع الدراسة في مجال الطب النفسي، وكذلك سلب حق التصويت كحق أساسي لهم
وهذا القانون يبرهن للقاصي والداني أن الفشل الذي منيت به السلطة في تجنيد الشباب العرب، مما جعلها تقدم بالمبادرة لسن هذا القانون، العنصري الذي يؤكد أن الساسة الإسرائيليين، مهما اختلف أرائهم ومعتقداتهم السياسية يجمعون على كل أمر يخص العرب الفلسطينيين في إسرائيل
والسؤال الذي يتجدد طرحه دائما في هذا السياق، على ماذا يردوننا أن نخدم السلطة؟
هل لنكافئهم على مواصلتهم وضع مخططات سلب أراضينا في النقب والمثلث والجليل؟
أم للخدمات الجليلة التي تقدمها الدولة لنا من خلال هدمها منازلنا وبيوتنا؟
أم لوضعها الذرائع والوسائل الابتزازية تحت مسميات مختلفة لسلب حقنا في التطور والعيش في مجتمع حضاري؟
أم نكافئهم على تقديمهم الخدمات اللازمة وتخصيص الموارد الاقتصادية لنا كمواطنين؟
أم كون الدولة تسعى لتقليص الفجوات والفوارق الاقتصادية القائمة بين الوسطين العربي واليهودي؟
وهل يريدنا السيد كابل أن نخدم لقيام الأجهزة الأمنية بقتل 13 شابا أبان رئاسة أيهود باراك للحكومة؟
وهل نخدمهم لمحاربتهم البطالة التي تتربع على عرشها قرانا ومدننا العربية؟
وهل يريدوننا الخدمة في ظل ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، من قتل وحصار وتجويع يدل على أن هذه الحكومة بقوانينها "العنصرية" ذات الطابع الفاشي؟
ولماذا يريدوننا فرض الخدمة علينا
هنا ونحن في خضم خوض غمّار النضال ضد الخدمة المدنية الإسرائيلية وتبعاتها السلبية على مجتمعنا العربي في إسرائيل، نعود ونؤكد أن شبابنا أوعى من أن يقعوا في هذا الفخ السلطوي المهين، ولا تفسح مجال التعامل مع قوانينها، وما يسمونه "الخدمة المدنية"، إذ لا يمكنهم فصلنا عن أبناء شعبنا الفلسطيني وتاريخنا المشترك
وإننا نرفض وبكل تأكيد كل المحاولات البائسة التي تقوم بها البعض من خلال الترويج لـ"الخدمة المدنية"، عبر كتابة المقالات المؤيدة، أو إجراء مقابلات مع شباب عرب تم الإيقاع بهم في إطار هذه الخدمة المدنية
ونحن بوصفنا أصحاب هذا الوطن، نجدد رفضنا المطلق لكل هذه المحاولات الإسرائيلية البائسة، والتي هي صورة من صور "الغباء"و "الجنون" الذي يعيشه الساسة الإسرائيليين من كل الأحزاب والتيارات(كما وصفها النائب إبراهيم صرصور)
وأنه لن يأتي اليوم الذي يمكن أن يخدم فيه فلسطيني الـ48 في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولا يمكن لعربي أصيل وحر أن يكون جزءا من مشروع "الخدمة المدنية" الذي تعرضه الحكومة وأذنابها
ونرفض هذا القانون العنصري الذي يسير بإسرائيل نحو تحويلها إلى دولة "ابرتهايد-فصل عنصري"، يكون من خلاله شطب حق فلسطيني الـ48 في المطالب الأساسية في تحصيل المساواة والحقوق المدنية