الشيخ سليمان سعيد سطل في مقاله:
الحارس لص والحامي غاصب ولكن دمشق لم تمت بل هي حية تدافع عن حقها
جاهدي يا دمشق وها هم رجالك يجاهدون معك، ويعرِّضون أنفسهم للموت دونك
الدماء دفعة جديدة من ثمن الاستقلال إنها أريقت لغسل صفحة الذل التي خطها عليها الأقوياء
الله أكبر أيها الشهداء هذه الجنة قد أعدت لكم فادخلوها آمنين إننا لن ننساكم أبداً وإنكم خالدون لم تموتوا ويا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى . هذا المقال كتبه الشيخ العلامة علي الطنطاوي رحمه الله ونشره قبل ثمانين سنة خلال ثورة الشعب السوري على الاحتلال الفرنسي - لكن الشيخ كأنما يخاطب به أهل سورية هذه الأيام، وما أحوجهم الآن إلى من يشد أزرهم ويحثهم على مواصلة صمودهم في وجه الظلم والاستبداد، ويبشر شهداءهم بالجنة ويصبر أهاليهم، كما فعل الشيخ قديماً، وما أشبه الليلة بالبارحة: نُشِر في جريدة "اليوم" عام 1931 لقد اتضح الأمر وظهر الخبيء، وعلمنا أن الحارسَ لصٌ والحامي غاصب، ولكن دمشق لم تمت.. كلا، بل هي حية تدافع عن حقها، وتبذل مهجتها في سبيل حريتها، ولقد كاد ينفجر البركان، وإذا هو انفجر فسيحرق أعداء الحق فيبيدهم فلا يُبقي لهم أثرًا.
اقتلونا فعلى أجسادنا سيُبْنى استقلالُ سوريا!
لقد رأينا من هؤلاء الطلاب، الذين نخشى عليهم النسيم أن يؤذيهم، أسودًا يفتحون صدورهم للرصاص، ويصيحون بخصومهم: اقتلونا، فعلى أجسادنا سيُبْنى استقلالُ سوريا! أما بعد، فهذا يوم العمل.. هذا يوم يقف فيه الشعبُ بحقه، وخصمه بباطله ليتنازعا، وقد تنازعا، ولكن عون الحق هو الله، والله أكبر. وإذا أتَونا بالصفوف كثيرةً جئنا بِصفٍّ واحدٍ لن يُكسرا ذلك هو صف أبناء الوطن، صف يدعمه الحق، صف يؤيده الإخلاص، صف لا يهاب الموت في سبيل الله والوطن!. ألا أعدُّوا ما شئتم من قوة، من رصاص ومدافع، من رشاشات ودبابات، فسنُعِدُّ صدوراً تخفق فيها قلوب تفيض بالإيمان، وتتفجر بالوطنية، وترغب في التضحية، وسنفتحها لكم.. لا قوة إلا قوة الحق، ولا مجد إلا مجد التضحية، وسيأتي يوم تزول فيه القوة والدولة الظالمة، ولا يتبقى إلا الحق.
مجد التضحية
فجاهدي يا دمشق، وها هم رجالك يجاهدون معك، ويعرِّضون أنفسهم للموت دونك، وها هم أبناؤك الطلاب يحمونك بأرواحهم، وها هي تلك الأرواح الطاهرة أرواح الشهداء، تخطب من السماء خطبة الوطنية والإخلاص. إن هذه الدماء دفعة جديدة من ثمن الاستقلال، إنها أريقت لغسل صفحة الذل التي خطها عليها الأقوياء! والله معك، والله أكبر. أيها الشهداء، هذه الجنة قد أعدت لكم فادخلوها آمنين. إننا لن ننساكم أبداً. إنكم خالدون لم تموتوا، ويا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً. ويا إخوان الشهداء وأهليهم، إنكم إن خسرتم إخوانكم وذويكم، فقد ربحتم شرف التضحية، قد كسبتم حمد التاريخ، قد بؤتم بثواب الله.. وكلنا إخوانكم وذووكم. إننا تجمعنا الآلام، وتوحِّد بيننا الضحايا. ألا فلنهتف جميعاً: لا قوة إلا قوة الحق، ولا مجد إلا مجد التضحية، وعلى الشهداء السلام.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il