د. تمار اشكنازي
بعض المرضى الذين كانت أسماؤهم مدرجة على قائمة انتظار الأعضاء قد شطبت بفعل تدهور حالتهم الصحية إلى وضع ميئوس منه بحيث لم تعود الزراعة تفيدهم بشيء
هنالك خوف وتخوف لدى الناس من أنه في حال توقيعهم وحيازتهم على بطاقة التبرع بالأعضاء بأن لا يبذل الأطباء جهودا في إنقاذ حياتهم إذا ما تعرضوا لحادث ذات يوم
نحو 1200 شخص في اسرائيل مدرجة أسماؤهم على قائمة انتظار الأعضاء من متبرعين حوالي 750 منهم ينتظرون عمليات زراعة كلى 150 منهم ينتظرون كبدا ونحو 150 ينتظرون زراعة قلب وحوالي 70 شخصا في انتظار رئتين
قبل أن يتطور العلم والطب كان مصير كل أولئك المدرجة أسماؤهم على قائمة التبرع بالأعضاء الموت لا محالة ومنذ نحو 30-40 سنة بدأت عملية تطوير وسائل لإنقاذ حياة هؤلاء المرضى عن طريق زراعة أعضاء في أجسادهم
نحو 1200 شخص في اسرائيل مدرجة أسماؤهم على قائمة انتظار الأعضاء من متبرعين، حوالي 750 منهم ينتظرون عمليات زراعة كلى، 150 منهم ينتظرون كبدا ونحو 150 ينتظرون زراعة قلب وحوالي 70 شخصا في انتظار رئتين. هذا ما قالته د. تمار اشكنازي مديرة المركز الوطني لزراعة الأعضاء البشرية في تل أبيب، والحاصلة على شهادة الدكتوراه في التمريض. وأضافت اشكنازي في حديث خاص لمراسلنا حول الحاجة لوجود متبرعين من أجل إنقاذ حياة مرضى ينتظرون الأعضاء التي من شأنها أن تضع حدا لمعاناتهم وتبعث بهم الحياة من جديد.
صورة توضيحية
وأكدت اشكنازي إن نحو 25% من الموجودين على قائمة الانتظار يجرون عمليات زراعة أعضاء، بينما 5% يموتون وهم في الانتظار، وينضم نحو 350 مريض بحاجة لزراعة أعضاء إلى القائمة سنويا لذلك فان الارقام غير دقيقة تماما لأنها متغيرة بإستمرار.
الحاجة لزراعة أعضاء
وتقول اشكنازي إن بعض المرضى الذين كانت أسماؤهم مدرجة على قائمة انتظار الأعضاء، قد شطبت بفعل تدهور حالتهم الصحية إلى وضع ميئوس منه، بحيث لم تعود الزراعة تفيدهم بشيء بينما تمنح الأعضاء للذين يستفيدون منها، لذلك فإن الأولوية ليست لمن ينتظر مدة أطول بل للأنسب وللأكثر حاجة وضرورة. فهنالك دائما نحو 10 أشخاص بدرجة تصنف تعتبر أنها القصوى في الحاجة لزراعة أعضاء، ومن ثم هنالك درجة ثانية وثالثة، وغالبا عندما يتوفر عضوا مناسبا لشخص أو اثنين بحاجة قصوى لنفس العضو يتم مناقشة الحالة سريعا ويعطى العضو للشخص الأنسب من حيث نوع الدم وملائمة العضو للجسم، فهنالك فريق مهني يجتمع ويحدد هوية الشخص الأنسب لزراعة العضو، وعادة ما يكون هذا الفريق الطبي المهني محايدا بحيث لا ينتمي إلى أي مستشفى أو مؤسسة صحية وليس له أي مصلحة في تفضيل شخص على أخر.
- إلى أية جهة يتبع المركز الوطني لزراعة الأعضاء وأدي؟
اشكنازي: نحن جسم مستقل ومحايد بالنسبة لصناديق المرضى والمستشفيات، ولكننا نتبع لوزارة الصحة ومكاتبنا موجودة هنا في تل أبيب ليس في مستشفى بيلينسون أو هداسا أو تل هشومير أو أي مستشفى أخر، وذلك لكي نعمل بشكل مستقل ولا ننتمي إلى أية مؤسسة صحية ولكي يصل الأعضاء من المتبرعين إلى المحتاجين لزراعة حسب مقاييس معينة تتعلق بالجيل، وفترة الانتظار مع إعطاء حق الأولوية للأولاد لأن فترة الانتظار لزراعة الكلى على سبيل المثال والحاجة إلى عملية غسيل الدم (الدياليزا) من شأنها أن تعطل الهورمونات الذكرية لدى المريض وعندها يصبح الوضع أسوأ، أما في حالات الكبد مثلا فإن العضو يعطى حسب نتائج الفحوصات الأنسب بين المحتاجين للزراعة بغض النظر عن إنتماء المريض إلى أي من صناديق المرضى أو المستشفيات أو المراكز الصحية التي تعالج فيها المريض.
- مقارنة مع الدول الأوروبية هل تعتبر اسرائيل في مكانة جيدة من حيث استعداد الأشخاص للتبرع بالأعضاء؟
اشكنازي: نحن في مكان جيد في وسط القائمة.. في اسبانيا الوضع أفضل من عندنا بكثير، وكذلك في النمسا وبلجيكا، لأن القوانين هنالك تختلف، وهي على عكس ما هو الحال عندنا. فحسب القانون كل مواطن هو متبرع بأعضائه إلا في الحالات الاستثنائية التي يوقع فيها الشخص على نموذج يمنعه من التبرع بالأعضاء، بينما عندنا الأمر معكوس تماما ومن يرغب في التبرع بأعضائه يذهب ويوقع على نموذج للمركز الوطني لزراعة الأعضاء وأدي.
- ما هي نسبة الذين يوافقون على التبرع بأعضاء ذويهم في بلادنا؟
اشكنازي: حوالي 54% يوافقون على التبرع بالأعضاء بعد التوجه إليهم، ولكن نسبة الموقعين مسبقا على نماذج التبرع بالأعضاء بعد الموت أقل من ذلك بكثير. ونحن نتوجه إلى العائلات بطلب التبرع بالأعضاء فقط عندما يموت الشخص دماغيا ويكون بالإمكان الاستفادة من بقية أعضائه.
- ما هي القيمة الإنسانية للتبرع بالأعضاء؟
اشكنازي: قبل أن يتطور العلم والطب كان مصير كل أولئك المدرجة أسماؤهم على قائمة التبرع بالأعضاء الموت لا محالة، ومنذ نحو 30-40 سنة بدأت عملية تطوير وسائل لإنقاذ حياة هؤلاء المرضى عن طريق زراعة أعضاء في أجسادهم في الحالات التي يتوقف فيها العضو عن القيام بوظائفه كليا، وأعتقد أن الجمهور في اسرائيل يدرك اليوم تماما أن التبرع بالأعضاء معناه إنقاذ حياة آخرين، ومنحهم حياة جديدة.
- وهل يعي الجمهور الإسرائيلي حقيقة وجود نقص في عدد المتبرعين بالأعضاء والحاجة إلى مزيد من المتبرعين؟
اشكنازي: اعتقد أن الجواب هو نعم.. ولكن هنالك اختلاف بين الناس، بين من يتوجه بمبادرته الشخصية للتوقيع على نموذج التبرع بالأعضاء وهؤلاء هم الأكثر وعيا وإدراكا للنقص الموجود، بينما هنالك فئة من الناس لم تفكر إطلاقا في هذا الموضوع وليس هو أول همّها ولا هو في سلم اهتماماتها. وهنالك فئة ثالثة تتهرب من مجرد الحديث عن موضوع التبرع بالأعضاء، ولكن كل شخص مثقف بدرجة متوسطة فما فوق ومنخرط بالمجتمع ولا يعيش على هامشه يدرك حقيقة الحاجة للتبرع بالأعضاء.
- كيف يمكننا ان ندفع الناس ونشجعهم على أهمية التبرع بالأعضاء؟
اشكنازي: التبرع بالأعضاء هو حق وحظ كبيرين فهي لا تتوفر لدى الجميع. يموت في اسرائيل حوالي 30 ألف شخص كل عام وفقط بين 150-170 منهم لا يستطيعون التبرع بالأعضاء، عندما يصلون إلى حالة الموت الدماغي. والتبرع بالأعضاء يترك لدى العائلة المتبرعة شعورا عظيما بالعطاء وبالتضحية ويهب الحياة للآخرين، إنه شعور بالفخر وبقمة السخاء والكرم، ليس هنالك أغلى من الحياة، والتبرع بالأعضاء هي اعلى درجة من المتبرع بالدم أو من المتبرع بالمال فهو تبرع من أجل الحياة.
واليوم نعمل على برنامج يعطي حق الأولوية لعائلات الأشخاص الذين تبرعوا بالأعضاء أو الذين هم على استعداد للتبرع بالأعضاء، بأن يكونوا أصحاب حق مفضلين إذا ما احتاجوا يوما لعضو من متبرع. واليوم أطلقنا حملة انضم من خلالها عدد كبير من الموقعين على نماذج التبرع بالأعضاء لجمعية "ادي" ولكنني لا ادري إذا كان انضمامهم يجيء عن قناعة تامة أم لكي يكون لهم حق وأفضلية للحصول على أعضاء متبرعين إذا احتاجوها يوما ما.
- ما هي العوائق وما الذي يخيف الناس ويمنعها من التبرع بالأعضاء؟
اشكنازي: هنالك خوف وتخوف لدى الناس من أنه في حال توقيعهم وحيازتهم على بطاقة التبرع بالأعضاء، بأن لا يبذل الأطباء جهودا في إنقاذ حياتهم إذا ما تعرضوا لحادث ذات يوم، فهم يعتقدون أن الأطباء سيفضلون اخذ أعضائهم على إنقاذ حياتهم، وهذا مفهوم خاطئ كليا لأن استعداد الشخص للتبرع بالأعضاء يعطي محفزا اكبر للأطباء للحفاظ على أعضائه سليمة وبأفضل حال لأن التبرع يحتاج إلى أعضاء سليمة وليس تالفة فهذا المفهوم خاطئ كليا بل أنه مفهوم عكسي تماما. إضافة إلى ذلك الجانب الديني يشكل عقبة أمام الكثيرين من التبرع بالأعضاء ويجب تخطي حاجز الدين لان كل الديانات السماوية الإسلامية والمسيحية واليهودية تؤيد وتدعو إلى التبرع بالأعضاء، ولكن المشكلة مع بعض رجال الدين المتعصبين هنا وهناك الذين يفتون، ربما بغير علم بتحريم التبرع بالأعضاء.
- ما هي نسبة العرب من بين المستعدين للتبرع بالأعضاء؟
اشكنازي: 70% من الأعضاء التي يتم التبرع بها تؤخذ من اليهود و30% منها تؤخذ من متبرعين عرب، وكذلك هي نسبة العرب الذين بحاجة إلى أعضاء، واعتقد أنه من الجدير القول هنا أنه في حال وجود متبرع بالأعضاء لا ننظر إطلاقا إلى اسم المريض الذي يحتاج إلى عضو ولا يهم ما إذا كان عربيا أو يهوديا ولا يهمنا ان كان شرقيا أو اشكنازيا، من الشمال أو الجنوب أو الوسط كل هذه انتماءات تفقد قيمتها ويعطى العضو للأكثر حاجة له.
- من يتقبل فكرة التبرع بالأعضاء أكثر الشباب أم كبار السن؟
اشكنازي: اعتقد أن التعامل مع الشباب أسهل بكثير فهم يتفهمون بسرعة ويتقبلون فكرة إنقاذ حياة الناس بالتبرع بالأعضاء، بينما الأهالي وكبار السن يحملون معتقدات خاطئة من الأجداد. وهذا الوضع يجعلنا نتفاءل بأن السنوات العشر القادمة ستكون أفضل من حيث عدد المتبرعين بالأعضاء.