بين عناد فرعون وإصرار موسى وعناد بشار وإصرار شعبه / بقلم: خالد القريناوي

كل العرب
نُشر: 01/01 12:35,  حُتلن: 09:04

خالد القريناوي:

يرحم الله الشاعر حينما قال: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا أن يستجيب القدر ولا بدّ لليل أن ينجلي ولا بدّ للقيد أن ينكسر

ألم تشاهد يا بشار الفرعوني الآخر حسني مبارك؟ والذي كان يزج بمعارضيه في السجون واليوم يقف – أو ينبطح – مبارك خلف القضبان سجينا

شعبك يا بشار انتفض وقرر مصيره مهما كلفه الأمر، يعلمون أن الطريق شائك يعلمون أن الحرية لها ثمن باهظ دفعوا أرواحهم وأولادهم وكل ما يملكون ثمنا لهذه الحريّة

قبل آلاف السنين حكم دولة مصر طاغية معروف ذكره الله في كتابه المجيد ليكون عبرة لمن يعتبر، الطاغية فرعون الذي أسر حرّية شعب مصر وتسلّط عليهم بجبروته وعنفوانه وبطشه حتى أحرمهم طعم الحرية وأرادهم عبيدا له حتى وصل به الحال إلى أن يدّعي الالوهية مخاطبا أشراف قومه وسادتهم قال تعالى : ( يا أيها الملأ ما علمت لكم من اله غيري ... ). جبروت وطغيان قاده إلى العناد حتى أرسل الله إليه نبيه موسى عليه السلام ليخرج قومه إلى نور الحرية والى بر الأمان ليطلق سراحهم ويدعهم يرحلون لنور الحريّة بدلاً عن ظلام الكفر والطغيان، لكنّه المتعنّد والمتغطرس رفض بشدّة لا بل ازداد قلبه شدّة عليهم وبطشا بهم وذلاّ لهم، حتى تجمّح قواه ليبقى على ملكه خوفا على زواله فبقي يجاهد موسى وفكرته ليزيغ هذه الفكرة المخيفة والتي ترجرج كيان عرشه فحاربها باعتبارها سحابة وغيمة مظلمة أمام عينيه، كيف لا وهو ملك مصر وحاكمها فكان يناضل في سبيل المحافظة على عزّته وثروته الشامخة والعريضة، فأصّر فرعون أن يحارب موسى وأصر على عناده ليدحر هذا النبي خارج سلطانه حتى وصل به الحال ووصل به العناد إلى عدم الاستسلام بعد رؤيته للآيات والمعجزات التي رآها تتوالى عليه ليتّعظ ويعتبر فيعود إلى رشده لكنّه الإصرار على العند الإصرار على المحافظة على عدم زوال ملكه أو الرحيل من وطنه وترك كرسيّه وملكه.

عناد وكفر...
فتعالى في بطشه مضيفا إلى عناده وكفره ألوانا جديدة من الأذى لهؤلاء الذين امنوا وأيّدوا موسى وأرادوا أن يذوقوا طعم الحريّة وخلع ملابس العبوديّة فقرر فرعون أن يتصدّى لهم ولكل من يفكّر بمجرّد تفكير أنه يستطيع أن يقف أمامه فأعلن عليهم الحرب الضروس أنّه سوف يقتّل أبناءهم ويستحيي نساءهم حتى لاذوا إلى موسى ليحميهم.
استمرّ موسى في دعوته واستمر فرعون في عناده ولم يجلس مع نفسه ويفكّر قليلا ويسأل نفسه: ما الذي يجري؟ لم يسأل نفسه: ما الذي أتى بموسى؟ لم يسأل نفسه لماذا أنا أرى الآيات والمعجزات ولم أصدّقها؟ لم ولم ولم حتى جاءت النهاية ولا بدّ من النهاية التي أراد شعب مصر الوصول إليها، إذا فلماذا تكون البداية إن لم تكون لها نهاية؟
جاءت نهايته والكل يعرفها جاءت نهاية الظالم بعد أن أمهله الله مدّة حتى أمسكه وأغرقه في اليمّ وجعله آية لمن خلفه من العناد والطواغيت الظلمة قال تعالى في سورة يونس ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ) صدق الله العظيم.

العبرة!
نعم إن كثيرا من الناس عن هذه العبرة لغافلون رأيناهم ونراهم حتى هذا اليوم، إنهم غافلون يعيدون أحداث القصة الفرعونيّة عليهم، لا يعتبرون ولا يتّعظون، لا بل الأدهى من ذلك والأمر أننا نعيش واقعاً متغيراً جديداً بالدول العربية وعلى الحكام العرب أنفسهم بل فراعنة العرب المعاصرين ولا يتعظون من بعضهم البعض.
فعجبا لرئيس النظام الفاشي الطاغية بشار الأسد الذي لم يتّعظ حتى هذا الوقت لا من قصص التاريخ ولا من الأحداث الجارية في هذا الزمان، أين كنت يا بشار؟ عندما قرر التونسيون أن ينتفضوا على طاغيتهم زين العابدين بن علي كان والذي كان يعاقب خصومه وشعبه بالنفي خارج البلاد، وها قد أصبح منفياً هارباً خارج تونس – طريداً لا يأمن على نفسه الخروج من بيته.
ألم تشاهد يا بشار الفرعوني الآخر حسني مبارك؟ والذي كان يزج بمعارضيه في السجون، واليوم يقف – أو ينبطح – مبارك خلف القضبان سجينا.
إن لم تكن تعلم بقصة زين العابدين بن علي أو لم تشاهد أحداث الثورة المصرية ورؤيتك لطاغية مصر ؟ فإليك خبر القذافي الذي لا يعلم مكان دفنه إلا من دفنه أم انك لا تعلم أيضا!؟

"شعبك يا بشار"
إن شعبك يا بشار انتفض وقرر مصيره مهما كلفه الأمر، يعلمون أن الطريق شائك، يعلمون أن الحرية لها ثمن باهظ دفعوا أرواحهم وأولادهم وكل ما يملكون ثمنا لهذه الحريّة، مهما طال بك الزمن، ومهما تضاعفت قوّتك وازدادت هيمنتك وكثر مؤيدوك فاعلم أنّك لن تكون أقوى ممن سبقوك! لن تصل إلى هيمنة فرعون وان كنت قد وصلت! لكنّ الله لك بالمرصاد، فمهما طال وجنّ عليك الليل وأنت حاكماً طاغياً مجرماً فكن متيقناً أن الليل لا بدّ له من زوال ولا بدّ للصبح أن يتنفس وهذا شعبك عمّا قريب سوف يتنفّس هواء نقيّا غير ملوّثا بظلم ولا بعبوديّة بشر سوف يتنفّس الحريّة وما أدراك ما الحريّة ... ويرحم الله الشاعر حينما قال : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا أن يستجيب القدر ولا بدّ لليل أن ينجلي ولا بدّ للقيد أن ينكسر.

تجبر وعناد
ها أنت يا طاغية العصر، ها أنت يا فرعون هذه الأيام تفعل بشعبك الفعائل الإجرامية لكي تحافظ على ملكك من الزوال كما هو فرعون مصر لم تتعلم من إخوتك الذين سبقوك، طبعا لا لأنّ العناد والتجبّر والكبر أغرّك بنفسك وغرتك قوّتك ونسيت أنّ الله أقوى منك ومن أمثالك، تغمض عينيك همّا ترى وتخاطب أسيادك وزمرتك بكل قبح وهزل وكأنّك ملكت مفاتيح الدنيا ! أم كأنّ دمك معصوم من الناس! والله سوف تأتي نهايتك مهما بعدت ومهما طالت، تجاوزت الأشهر وأنت تقتل بشعبك، حتى الأطفال الخدّج لم يأمنوا على أنفسهم من طغيانك وقتلك لهم، النساء الأطفال، الشيوخ، الشباب، الدواب لم تترك أي مخلوق يريد الحريّة إلا وكنت له بالمرصاد والله لك لبا لمرصاد وان الله يملي للظالم حتى إذا أمسكه لم يفلته . والأيام حبلى فلا بدّ من أن نرى عاقبتك عمّا قريب وحينها يطلق سراح أهل الشام ليكونوا أحرارا وعبيدا لله وحده.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة