معالي مصاروة:
للأنثى صوت يجب أن يصل
منذ ربيعي وأنا أحلم بإصدار ديوان شعر يحمل اسمي
قطرات الأمل التي روت أرض كلماتي محاولة تغيير مفهوم لدى مجتمع متحفظ
إنها تلك الأنثى التي تمضي إلى أقصى حدود التمرد والمشاكسة بالكتابة، رغم مفاجأة الكل بالخجل والتواضع، تثيرها المشاعر لتكتب وتبوح بكل ما تريد، محاولة نقل الحالات الصارخة من حالة الاشتعال إلى حالة البوح الهادئ، إنها معالي رائف مصاروة 27 عامًا ابنة قرية عارة، حاصلة على بكالوريوس في اللغة العربية والطفولة المبكرة. لقد مارست مهنة التعليم لمدة ثلاث سنوات ومن ثم انتقلت للتعليم الخاص والشخصي، حيثُ تقوم بتدريس دورات للكتابة الإبداعية.
ليدي وموقع العرب وصحيفة كل العرب تبحر من خلال هذا التقرير مع إنسانة طموحة لا تعرف الحدود.
ليدي:
رأيناك في أكثر من مناسبة في الفترة الأخيرة في عدة فعاليات في وادي عارة والوسط العربي، من خلال إبداعات شعرية خاصة على شرف إصدارك الأول، هلا حدثتِنا عن إصدارك وإبداعاتك الشعرية
معالي:
كل إنسان يضع أمامه حلمًا معينًا بإرادته القوية ووضع الخطة المناسبة، يستطيع أن يصل لما يريد، فمنذ ربيعي وأنا أحلم بإصدار ديوان شعر يحمل اسمي، ولطالما رددت ذلك القول بأن الحلم طموح والطموح إرادة، وبحمدِ الله، كانت وستظل إرادتي قوية لأصل إلى ما أريد. لم أتردد يومًا بإصدار الديوان الذي تعبتُ واستمتعت بنفس الوقت من أجل فتح نوافذ الحرية على صفحاته، ليقع بين أيدي القراء والشعراء، والذي لاقى نقدًا أدبيًّا مميزًا من قبل ثلاثة شعراء. كذلكَ شاركتُ ولا زلت أشارك في الأمسيات الشعرية في وادي عارة والشمال، وفي نهاية كانون الثاني سأحيي أمسية شعرية في المملكة الأردنية بإذن الله.
ليدي:
ماذا حمل إصدارك وشعرك وما هي الرسالة التي تحملينها لمجتمعنا
معالي:
ديواني الأول باسم خطوات أنثى، تلك الخطوات التي ستدومُ كديمومة الفجر والكون، والتي لن تقف أمام أي إشارة كانت، فلا حدود ولا دستور للكلمة، وتلك الأنثى التي لطالما طمحت وحلمت بما هو غير مألوف وغير مُدون بمادة العادات والتقاليد. ديواني يحمل قصائد غزلية جريئة واضحة وصريحة.. خلال كتابتي وإبحاري من خلال سفوح السماء، وقطرات الأمل التي روت أرض كلماتي هي محاولة تغيير مفهوم لدى مجتمع متحفظ وصعب نعيش فيه، فلأنثى دور كبير إن أرادت أن تغير وتبدل، وللأنثى صوت يجب أن يصل ويجب أن يُصرح به بملفات البشرية، فلم تعد الأنثى ضعيفة ومراقبة وممنوعة، بل باستطاعتها ابتكار وخلق ما تريد، بمخافة الله سبحانه وتعالى.
ليدي:
من أين لك هذه الهواية، بل اسمحي لي أن أقول هذه الموهبة الالهية فيك
معالي:
مارست الكتابة الإنشائية منذ كنت طالبة في المرحلة الابتدائية، وقد وجدت تشجيعًا من المعلمين والمعلمات، وقد نُشر لي أول موضوع إنشاء في كتاب مجمع اللغة العربية، حيثُ كنت في الصف الخامس الابتدائي، خلال الفترة الإعدادية كتبتُ كلمات تم إلقاؤها في حفلات التخريج ومسرحية تم تمثيلها كذلك. بالنسبة للشعر بدأت بكتابته في المرحلة الثانوية، كنت أعرضه على معلمي اللغة العربية، وكنت أتقبل الملاحظات والتصحيحات، وكان لذلك أثر كبير على تقدمي وتطور كتاباتي، تعلمتُ في كلية القاسمي، تعمقتُ أكثر في القواعد والقراءة والبلاغة، تعرفت على شعراء عدة منهم البروفسور فاروق مواسي، ولطالما أبدى إعجابه بكتاباتي.. شاركت مع الإعلامي نادر أبو تامر في برنامج أوراق للكتابة الإبداعية ثلاث مرات، ومع الممارسة استطعت أن أكتب بطريقة رائعة، التي شهد لها العديد من الأدباء والنقاد الكبار. أنا شغوفة جدًّا بكتابة الشعر، فالشعر هو رسالة ومصباح يزيل غبار الأيام المتراكم على أكتاف ساعاتنا وحياتنا، بتُّ لا أجد راحتي إلا بأحضانِ دفتري وقلمي، فهما وسيلتي الوحيدة للبوح بما أشعر وبما يتغلغل في عروقي ومشاعري.
ليدي:
كيف كنت تقيمين وضع الشاعر المحلي، وهل مجتمعنا وعلى رأسه العائلة، تهتم بمواهب صغارنا، وهل المؤسسات التعليمية والسلطات المحلية تهتم وتمنح هذا المجال قدرًا من العطاء والمسئولية - تعالي نتحدث بصراحة وبمهنية من إنسانة مبدعة وشاعرة
معالي:
هذه الآفة التي لطالما حاربتها وهي عدم الدعم، فأنا متأكدة بأن هناك العديد من المواهب، وإن كانت خارج نطاق الكتابة، لكننا نعيش في مجتمع يهتم بالتحصيلات الدراسية وعلامات نهاية الفصل، كنت دائمًا أبحث عن دورات للكتابة، عمن أقدم له كتاباتي ليراها، نحن موجودون في مجتمع فقير للقراءة والمعرفة والثقافة بالتحديد. اليوم، رأيت بعض التقدم من خلال مؤسسات ومواقع معينة، التي تحتضن هذه المواهب الصغيرة وتشجعها من أجل الأفضل، خلال تجربتي ونشري بأكثر من 15 موقعًا وصحفًا أسبوعية، رأيت العديد من الانتقادات من الأهل والأقارب والمجتمع، لأنني أكتب كتابة غزلية جريئة بعض الشيء، لكن بعد مدة بسيطة رأيت أن كتابتي بهذا الصدد جعلت مني الشاعرة معالي مصاروة، والتي، بحمد الله، لها اسمها اليوم!! لأنني أردت أن أكون غير الكل، استمرت كتابتي واستمر النشر دونَ ملل ودون التأثر بما أسمع، لأن المجتمع لا يدعم هذه المواهب.
فمن يكتب ويكتب، دون أن يتعب ويبحث جاهدًا عن الطريق الصحيحة، التي توصله إلى الشهرة وإلى المكان الصحيح، سيظل مكانه، لأن بداخل كل إنسان توجد طاقات يجب أن يستغلها، وأن يجعل الشمس تنير أزقتها، فإن جلس ينتظر سيمل من الانتظار!!
ليدي:
أفهم من قولك إن هنالك الكثير من المواهب تذهب سدى بسبب عدم العناية والرعاية والدعم
معالي:
بكل صراحة وموضوعية نعم!! وللأسف، مثال بسيط إن أردنا أن نشتري زهرة معينة كي تعيش كما يجب وتُزهر، يجب ملاءمة بيئة خاصة بها، مثل الضوء والماء والهواء، وإن لم تتواجد هذه الظروف ستموت تلك الزهرة، وكذلك الكتابة إن لم يجد الكاتب التشجيع والدعم النفسي والأطر التي تستوعب موهبته فستموت مع الأيام.
ليدي:
هل هناك مواعيد خاصة أو معايير مناسبة أكثر لكتابة الشعر
معالي:
لا موعد ولا دستور ولا قانون محدد لنسجِ السطور وتزيينها بتلك المشاعر الساخنة والواقعية، أحيانًا خلال تواجدي بأماكن عامة أو جلسة أو بأي مكان، تخطر ببالي كلمات معينة يرددها قلبي قبل لساني فأكتبها فورًا، أبحثُ دائمًا عن الهدوء والموسيقى الهادئة للاسترخاء والإبداع في الكتابة، فهذه الطقوس التي من المؤكد أنها تختلف من شاعر إلى آخر.
ليدي:
متى تكتب معالي الشعر وتبدع فيه أكثر
معالي: الطريق التي توصلني أسرع للكتابة، هي الليل الذي أهواه حين أرى القمر خلسة من شرفة غرفتي، ويبدأ بمداعبة حروفي ومشاكستها، أرى قلمي يكتب دونَ توقف، فبهذه اللحظات الهادئة وهذا الاتساع من الدفء والرومانسية، يزورني الإبداع ويقرع باب واقعي، فمع فنجانٍ من الريقِ الساخن تبدأ ثرثرة المشاعر ورحلة البوح.
وللبحر كذلك موسمٌ بكل الفصول، في رحلة قلمي حينَ أراه تُثيرني شهوة الكتابة، خاصة وقت الغروب، فلهذه الصورة قصائد عديدة كُتبت ونُشرت.
ليدي:
من وقف الى جانبك :
معالي:
الرب والسماء بداية، الأهل الذين أتاحوا لي الفرصة وأعطوني الثقة بأن أحقق ما أريد.
ليدي:
ماذا يعني لك الشعر
معالي:
الشعر هو صوتي كلما ابتلع الصمت كلماتي العذراء
وكذلك هو رسالة أزلية، ومصباح أمسح عنه غبار اليومِ لأبصرَ غَدًا أجمل.
الشِعر بالنسبة لي هو الاغتراب عن الواقع الملموس، وهو في نفس الوقت
الاقتراب من رُقي الكلمة والعوم في خيالٍ لذيذ.
ليدي:
ماذا تعني لك عارة
معالي:
المكان الذي وُجدتُ به دون اختياره ترعرعت ونشأت بأزقته العادية، تلك القرية التي تحتضن أولئك الناس الذين أحبهم ويحبونني.
ليدي:
ماذا يعني لك وادي عارة
معالي:
عندما بدأت نشر قصائدي وتميزتُ بها عن غيرها من الكتابات، قامَ كاتب بنقد قصيدة وكتابة لقب شاعرة الوادي، استغربت بداية، لكنه قال لي أنت ابنة وادي عارة، والتي يفخر أهل وادي عارة جميعًا بوجودكِ بينهم، وخلال مقابلة في الإذاعية سُئلتُ عن هذا اللقب، فكان السؤال بأنني حسب ما يرون سيكون لي مستقبل مزهر، وسيكون اسمي ليس على نطاق وادي عارة فحسب، بل على نطاق دولي وعالمي، فأجبته حينها: مهما وصل الإنسان وحقق من الأهداف لم ولن ينسى من أين ابتدأ مشواره، وأين كانت انطلاقته.
ليدي:
ماذا تعني لك الحياة
معالي:
أحب الحياة وأحب تلك الصعوبات التي وُلدت موهبتي منها، فالحياة عبارة عن محطات وتجارب، وعلى المسافر أن يتحلى بالصبر كي تستمر رحلته إلى حيثُ لا نهاية، أنظر للصعوبة كأنها نقطة أو فاصلة بين السطور، أتوقف قليلاً، لكن بعدها أتابع، الحياة بحاجة لقوة المواجهة والإصرار على تحقيق الذات.
ليدي:
متى تضحكين
معالي:
حينَ أنجز، أتميز وأحقق ذاتي.
ليدي:
متى تبكين؟
معالي:
أبكي على وطن تحنى بدمٍ ساخن وعلى تراب يبحث عن أوراق النعناع وأشجار الليمون
أبكى عندما أسمع أنين القدس وعندما أرى الجرح الساهر بعين الأقصى
ليدي:
مَثلك الأعلى من هو؟
معالي:
كانت هناك العديد من الشخصيات التي تأثرت بها من خلال الكتابة والقراءة، لكني بكل مرحلة كنت أنسجم مع شخصية مختلفة ومغايرة، أما الأهم من كل ذلك، هو أنني أريد أن أكون أنا، لا هذا ولا ذاك.
ليدي:
من وقف إلى جانبك ي هذا النجاح:
معالي:
ذكرتُ سابقًا بأن لأهلي كان دور بنجاحي ودعمي وتشجيعي الدائم، وكذلك المواقع التي احتضنت كتاباتي، الشاعر مسلم محاميد ابن مدينة أم الفحم، كان له دور كبير بإصدار الديوان من ناحية التدقيق والمتابعة، فلم ولن أنسى دوره الكبير بنجاحي.. المحامي جمال أبو فنه القائم بأعمال رئيس مجلس كفر قرع، تلقيت الدعم من الكثير، فلكل من ساعدني بطريق نجاحي، له مني من الشكر والتقديرِ ألفًا.
ليدي:
معالي بعد عشر سنوات أين ستكون:
معالي:
أنثى تتميز بالكبرياء، القوة، التحدي، الإصرار والتمرد ستكونُ بعيدًا، بأن أصدرَ ديوانًا ثانيًا وثالثًا وعاشرًا، لن يصل ذلك لعشر سنوات، وأن أشارك ببرنامج شاعر المليون، سيكون بإذن الله، وهذا حلمي الثاني من بعد تحقيق الأول وهو الإصدار وبنجاح.
ليدي:
إصدارك التالي متى وماذا سيحمل
معالي:
إصداري الثاني سيحمل قصائد وطنية وقصائد غزلية، فالحب الأول والأخير هو للوطن، منذ الإصدار الأول وأيامي حافلة بالأمسيات الشعرية، التي تألقت وتميزت بها، وهذه السنة كذلك، لذلك إصداري الثاني سيكون بنهاية هذا العام، كي يأخذ حقه مني أنا معالي، ومن القراء.
ليدي:
كلمة أخيرة تحبين أن تقوليها
معالي:
من يريد أن يصل لأي مكان، سيصل بإرادته وبعض الدعم والصبر.
أشكر موقع العرب وليدي وصحيفة كل العرب، الذين أتاحوا لي أن أبوح بالكثير لكم وأمامكم، والذين رافقوني في العديد من الأمسيات التي أقيمت في المنطقة.
شكراً لكل من رافقني ودعمني لتحقيق حلمي.