الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 04:01

هل الربيع العربي: غربي– أمريكي استخباراتي؟!/ بقلم: المحامي محمد احمد الروسان

كل العرب
نُشر: 04/04/12 13:19,  حُتلن: 07:47

المحامي محمد احمد الروسان عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية في مقاله:

هذه الثورات تشي بأنّ هناك وعي ديمغرافي – سكّاني ناهض ومتفاقم كسر حاجز الخوف المركّب

بعض الساحات السياسية العربية بنوعيها الضعيف والقوي تشهد هذا الآوان المشحون خطوات وقائية استباقية للحفاظ على الإستقرار

 ما تسمّى بعملية السلام في المنطقة الشرق الأوسطية قد انتهت أو على الأقل توقفت لحين معرفة طبيعة ما ستنتجه هذه الثورات الشعبية في المنطقة العربية

الأنظمة الحاكمة بصيغ جديدة سوف تسعى الى استغلال ثروات البلاد والعباد ومواردها الأساسية وليس الى تطوير الأقتصاد وتحسين أوضاع الشعوب بل الى شراء السلاح من المخازن الأمريكية

البعض يرى من النخب الرسمية والشعبية العربية وغير العربية، أنّ ما جرى ويجري وسيجري في الساحات العربية، هو ربيع غربي – أمريكي استخباراتي يسمّى مجازاً بالربيع العربي، مع التسليم أنّ حراك الشارع العربي، عبر سلسلة من متتاليات لثورات واحتجاجات شعبية، بعضها في ظاهرها مطالب اقتصادية، وفي باطنها التغيير واسقاط الأنظمة و أو تقليص صلاحياتها، وبعضها الآخر العكس تماماً، ولكن بمستويات أقل حدة في سقف المطالب الشعبوية، وكلّها تشي بوضوح، على أنّ هناك خارطة عربية جديدة، يتم تشكيلها وعبر الشعوب العربية بثوراتها، ذات العناوين المتشابهه الى درجة التساوق في الظاهر والباطن، وعبر المحفزات العديدة في كل دولة قطرية وحسب ظروف شارعها، ودوافعه وأسبابه وتطلعاته.

وعي ديمغرافي – سكّاني
كما تشي هذه الثورات بأنّ هناك وعي ديمغرافي – سكّاني، ناهض ومتفاقم، كسر حاجز الخوف المركّب، قد يقود الى نهايات الدولة القطرية العربية، بالمعنى الشعبي لا الرسمي، باتجاه تشكيل تكتلات عربية جماهيرية ممتدة، خارج الحدود الأستعمارية لكل قطر عربي، مع توظيفات لوسائل النيو ميديا والشبكة العنكبوتية، كآليات تنسيق تخترق كل الحواجز، والحدود الجغرافية الطبيعية والمصطنعة. وحتّى لا يتم وصفنا بأنّنا ثملون بالتفاؤل، على الأقل الممكن، تأسيس الدولة القطرية العربية، على أساس عقد اجتماعي جديد بين الحاكم والمحكوم، وفقاً للعبة سياسية - ديمقراطية جديدة، الجميع فيها شركاء في صناعة القرار وتنفيذه، تؤسس لاحقاً لحالات جديدة من العلاقات بين العرب من الماء الى الماء، خاصةً أنّ جل أنظمة الحكم العربية، لم تكتفِ فقط بوضع عقود حكمها – دساتيرها – مع شعوبها في الثلاّجات، لا بل عبثت بها وعبر عمليات انتقائية، أدّت الى تشوهات موضوعية في مضامين العقود الأجتماعية، عبر ابقائها لبعض النصوص الدستورية، والتي من شأنها أن آتاحت لها، بأنّ ما تقوم به هو في صميم عملها الدستوري، في حين أنّه بعيد وغريب عن الأصل الدستوري، تماماً كالفروق بين الثرى على وفي الأرض، وبين الثريا في السماء الدنيا.

رياح التغيير الشعبية
وجل تقديرات وتخمينات الخبراء والمراقبين، وعلى مختلف مستوياتهم ومشاربهم الفكرية، تذهب باتجاه امتداد، الأحتجاجات الشعبوية في العالم العربي، لتشمل دول الخليج كلّها وباقي دول المغرب العربي ، وساحات سياسية أخرى – ضعيفة وقوية –،وقد تصل رياح التغيير الشعبية الى مناطق خارج العالم العربي، مثل الباكستان وبأشكال أكثر حدة والهند أيضاً. في حين أنّ بعض الساحات السياسية العربية، بنوعيها الضعيف والقوي، تشهد هذا الآوان المشحون، خطوات وقائية استباقية للحفاظ على الإستقرار، عبر تغييرات على قطاعات حكمها، مع التعاطي الشبه مقنع مع حراكات شارعها الأهلي، وقواها السياسية المعارضة والمستقلة.
وتقول المعلومات، أنّ هناك طواقما سياسية واستخبارية، أمريكية وبريطانية تتواجد في بعض الدول، والساحات العربية المرشحة للعدوى التونسية والمصرية والليبية، واستنساخ نموذج تثوير الشارع السوري ضد نسقه السياسي، من خلال البروباغندا الإعلامية، تعقد جلسات عصف ذهني، مع القيادات الحاكمة للوصول الى صيغ جديدة، لأنظمة الحكم التي ما زالت قائمة، وتركز هذه الطواقم السياسية والأستخبارية، على جيوش هذه الدول والتفاهم معها، وذلك حتّى لا تتغير عقيدتها العسكرية، وتبقي على توجهاتها المؤيدة للترتيبات والأستراتيجيات الأمريكية.

حركة الإحتجاجات
وتتحدث تقارير أجهزة الأستخبارات، في مختلف دول المعمورة، والمرفوعة للمستويات السياسية القيادية فيها، تشي بوضوح أن تجتاح وتعبر حركة الإحتجاجات، والإضطرابات كل الساحات العربية عاجلاً أم آجلاً، ولن تسلم منها أي ساحة أو دولة، لكن تقارير أجهزة الإستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، تشير الى أنّ ما يجري في الشارع العربي الممتد من المحيط الى الخليج، من فوضى خلاّقة ذات مخاضات متعددة، لتولّد معطيات جديدة ومختلفة، تتفق وتتساوق مع الرؤى السياسية الإستراتيجية الأمريكية، والتي تسعى واشنطن الى عمليات انفاذها في العالم العربي.
لذلك وبكل بساطة مفرطة، أنّ ما تسمّى بعملية السلام في المنطقة الشرق الأوسطية، قد انتهت أو على الأقل توقفت، لحين معرفة طبيعة ما ستنتجه هذه الثورات الشعبية في المنطقة العربية، والولايات المتحدة الأمريكية تسعى الى سيناريوهات السيطرة والأحكام، عبر العسكر العربي من خلال وجوه مدنية، كما تستعد لبيع السلاح من مخازنها، وفتح حوار مع الحركات الأسلامية، لكي تحافظ على مستويات اللهب والنيران المشتعلة، ولأعطائها الشرعية الأممية، حتّى لا تتدهور الأمور الى ما لا يحمد عقباه، من الزاوية الأمريكية.

حالات من التوتر
بعبارة أخرى سوف تسعى أمريكا، الى خلق حالات من التوتر بمستويات عالية الشدّة، بين الدول القطرية العربية، التي ستشكل مراكز قياداتها بشكل آخر، يختلف عن التنميطات السابقة، ثم تعمل على اثارة الخلافات، عبر المكائد والفتن التي تتقنها واشنطن عبر مخابراتها، بين هذه الكيانات العربية، وتذهب بها نحو التصعيدات الأمنية والعسكرية، وعمليات التعبئة السلبية، حيث من شأن ذلك أن يدفعها الى حشد، القوات العسكرية والقيام بالعمليات المخابراتية السريّة، والعمل على ملء مخازن هذه الكيانات العربية، من منظومات السلاح الأمريكي، وذلك من أجل تنشيط الأقتصاد الأمريكي المتباطىء في النمو.

الأنظمة الحاكمة الجديدة
وتؤكد المعلومات، أن الحكومة الأمريكية الحالية، واللاحقة أياً كانت، تسعى بأن تكون الجيوش العربية، هي عماد الأنظمة الحاكمة الجديدة، ولكن بوجوه مدنية، بحيث تسيطر واشنطن من وراء الحجاب على تلك الأنظمة، ونتيجةً للتوترات الناشئة بفعل أمريكا، فانّ تلك الأنظمة الحاكمة بصيغ جديدة، سوف تسعى الى استغلال ثروات البلاد والعباد، ومواردها الأساسية وليس الى تطوير الأقتصاد وتحسين أوضاع الشعوب، بل الى شراء السلاح من المخازن الأمريكية، حيث فيها السلاح مخزّن، وقد اعتراه الصدأ، وتتم هذه العملية الجهنّمية عبر المستويات العسكرية، والإستخبارية التي تحكم وتسيطر في الخفاء، والمتفاهمة مع الولايات المتحدة بشكل مسبق.
الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتنسيق مع حلف الناتو وبعض دول الأتحاد الأوروبي، إن لم يكن جلّها، يسعون وبوتيرة مستمرة، لإستخدام الأزمة كأسلوب ادارة متقدمة، للأزمة السياسية الرأسية والعرضية الشعبوية التي تم اخراجها من جحور الكبت والحرمان، لتنتج أزمات أخرى في المنطقة، من شأن ذلك أن يؤدي الى اسقاط باقي الأنظمة الجمهورية الشمولية العربية، وقد تتطور الرؤية الحالية، نحو اسقاط الأنظمة الملكية في الساحات العربية الأخرى، فما يحكم علاقات واشنطن مع ما يجري في المنطقة، هو المصالح والمصالح فقط، والولايات المتحدة الأمريكية، مثل شهر شباط (ما عليها ارباط)، وما هذت به صحيفة نيويورك تايمز منذ أشهر، بمثابة ذر الرماد في العيون، وما قول أليوت ابرامز بأنّ الملكية الدستورية، نوع من الديمقراطيات، الاّ رسالة للملوك العرب، لأعادة انتاج أنظمة حكمهم من جديد، وفق صيغ مقبولة وعقود اجتماعية مستحدثة، فانتاج الأزمات في المنطقة، لأسقاط الأنظمة الشمولية الجمهورية، ليكون بمثابة انجازات كبيرة، للإدارة الأمريكية الحالية، تذهب بها مجتمعة لمنافسة الجمهوريين، في الأنتخابات الرئاسية القادمة.

التطورات الدراماتيكية
كل المعطيات والتطورات، الدراماتيكية الجارية، في الشرق الأوسط، ومحركات محفزاتها وميكانيزميات فعلها، تقود الى بلورة بعد سياسي أمني مزدوج، ينطوي على مرتكزين هامين:
المرتكز الأول :توجد هناك عمليات احتجاجية شعبوية، في العديد من دول الشرق الأوسط.
المرتكز الثاني: هناك عمليات سريّة مخابراتية، تقوم بها شبكات المخابرات الأمريكية والأسرائيلية والأوروبية، لتوجيه نشاطات وفعاليات هذه الأحتجاجات والثورات الشعبية، بما يبقي على من بقي من حلفاء، واشنطن وشبكات تحالفها في المنطقة، مع اضعاف خصومها.

الأنظمة الخليجية
الولايات المتحدة الأمريكية تسعى ومع حلفائها، الى انجاح خطّة توظيف السلطات التونسية الجديدة بعد العملية السيساية هناك، بطاقمها وشكلها الحالي، كونها قادرة على توجيهات السياسة الخارجية التونسية، المرتبطة وظيفياً بباريس وواشنطن وبشكل غير مباشر بتل أبيب، مع ضرورة تقديم المزيد من الدعم والمساعدات، لهذه السلطات الجديدة، لجهة تحسين الأوضاع الأقتصادية والمعيشية الداخلية، والرهان على افشال سيناريو الأنفاذ هذا هو: على الشارع التونسي وعناصر فعله ومفاعيل حراكه.كما تسعى واشنطن لأنفاذ سيناريو دعم السلطات المصرية الحالية، أو حتّى استبدالها بسلطات تتكون من أطقم أخرى اسلامية في السلطة التنفيذيه، تكون أكثر التزاماً ببنود اتفاقية كامب ديفيد لعام 1979 م، وبالتعاون المصري – الأمريكي – الأسرائيلي، في الشؤون السياسية والدبلوماسية الشرق الأوسطية، والرهان في افشال ذلك يكون، على حراك الشارع المصري الملتهب وادراكه.
ومن جهة أخرى، تريد أمريكا حماية الأنظمة الخليجية والأخرى، الحليفة لها من الأنهيار، والعمل على تطبيق وانفاذ هدفها، من خلال حث هذه الدول على اجراء الأصلاحات الممكنة، والتي من شأنها ارضاء الجماهير، وتنفيس واحتواء احتقاناتهم، دون أن تقدم هذه الأنظمة، تنازلات حقيقية تضعفها، وفي ذات الوقت عدم الأضرار بالمصالح، والمجالات الحيوية لأمريكا، والمتمثلة في السيطرة على الموارد، وحماية أمن الكيان العبري في المنطقة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.