خالد القريناوي في مقاله:
تأتي لحظة الإحراج فيأتي القانون يأخذ مجراه فيبدأ صانع المعروف جبرا بدفع المبالغ التي وقّع عليها وإلا فسوف تصادر مستلزماته وأثاثه المنزلي
كثير من الناس الأصدقاء من وقعوا ضحية أصدقائهم بسبب هذه القروض فمنهم من أُجبر على سد الديون من ماله الذي جمعه من أجل أن يعيش بكرامة ومنهم من بقي يدفع السنين الطّوال لكي ينهي هذا الملف أمام الجهات المسئولة
غريب أمر زماننا الذي أصبح فيه الصديق يلجأ إلى صديقه أو حتى قريبه أو أخيه فيطلب منه بكل حياء وطيبة نفس وحسن نية بكلمات رقيقة بعد أن يعطي مقدمة ليتسنى له الدخول في موضوعه ليخلق جو الألفة والذكريات الجميلة التي كانت بينهما
من أساسيات بناء مجتمعي والتكافل الاجتماعي والترابط الأخوي أن يكون لك أصدقاء أوفياء يقفون إلى جانبك في وقت الشدّة وتجده في السّراء والضّراء وحين البأس.
لكن غريب أمر زماننا الذي أصبح فيه الصديق يلجأ إلى صديقه أو حتى قريبه أو أخيه فيطلب منه بكل حياء وطيبة نفس وحسن نية بكلمات رقيقة بعد أن يعطي مقدمة ليتسنى له الدخول في موضوعه ليخلق جو الألفة والذكريات الجميلة التي كانت بينهما . وقد تجده أيضا يدعوك إلى وليمة غداء أو عشاء أو لاحتساء القهوة أو الشاي معا ليقوي علاقته وصلته بك أكثر وأكثر , وإذا كان بينك وبينه خلافات ماضية يحلها ويجعلك آنت صاحب الحق والصواب كل هذا ليتهيأ بالطلب .
ثم تأتي لحظة الإحراج فإذا به يطلب منك بعد هذه المقبلات بالشرح عن وضعه المالي المتأزم ليجعلك تعيش لحظة العطف والشفقة على حاله فيقول لك: أريدك أن توقع لي على استلام القرض ( المشكنتا) لكي ابني بيتا أو اشتري سيارة أو أو أو ... ثم يعيد الطلب وأنت كلك خجلا لهذا الموقف .
فرصة التفكير
كيف لا وأنت تربطك به صلة صداقة أو قرابة أو نسب ، نعم إنه صديقك وعزيز عليك جلس معك الساعات, دعاك فأجبته وضحك معك الساعات الكثيرة ، طبعا سيكون ردّك فورا نعم حاضر لا توجد مشكلة ! تجيبه بكلام يخرج من شفتيك ، حتى أنه لا يمنحك فرصة التفكير أصلا فيأخذك بالكلام الجميل ويُطرب أذانك بكلام المديح وليس له سواك ، ثم يبين لك كم هو جادّ بسد القرض وأنه سوف يقوم بسدّها متى ما لاحت وتسنت له الفرصة في اقرب وقت ممكن ليستريح منها ويريحك من همها ، حتى توافق وتذهب للمصرف ( البنك) فتوقع بكل خجل وقلبك ينبض خوفا أن يخيب رجاءك .
مستندات المحامي
وبعد فترة زمنية وجيزة إلا من رحم ربي وإذا بمستندات المحامي والبنك تأتي إليك المستند تلو الآخر لتدفع عن صديقك الذي أخذت معه العهد وفرّجت عنه كربة من كرب الدنيا, فيبدأ القلب بنبض نبضات الخوف والقلق وتبدأ تتساءل ما الذي جرى؟ فتقوم لتتصل بهذا الصديق فإذا بالرسالة الصوتية المسجلة تقول لك الاتصال الذي طلبته مغلق ، وأعد الاتصال في وقت آخر ! فتبدأ حياتك في انهيار وأزمات, وتبدأ هذه الآثار تنعكس على حياتك مع عائلتك وأبنائك ، ليصل بك الحال للجوء إلى استعمال العنف مع صديقك لأنه أصبح بهذه الفعلة أشد أعدائك فتنسى كل الفضل بينكما لتعمل فقط لحل قضيتك والتحرر من هذا المأزق ! يبدأ المحامي بالضغط عليك وتخويفك بدفع غرامة التكاليف زيادة على القرض .
الحقيقة
أما صديقك فليس له أثر تبحث عنه فلا تجده ، تتصل فلا يرد، أو قد يكون قد غير رقمه ، وإذا كان قريبا منك سكنا قد تظنه هاجر حتى لا يواجهك ، وإذا أمسكت به ووجدته يبدأ بالتحدث إليك بأن الأمر مستحيل ويبدأ بالتكلم إليك بأكاذيب ، أو قد يكون على علم فيبدأ كلامه ليقول انه يعمل جاهدا لحل القضية ويبدأ بزخرفة حديثه وفي الحقيقة منهم من يكون صادقا لكن ظروف الحياة عرقلة مسيرة عيشه فيبدأ بالبحث عن حلول ويجتهد لأن يغلق الملف مع الجهات المسئولة حتى لا يوقع بنفسه وبصديقه في متاهات وإحراج . لكن الأغرب من هذا وجود نوعية من البشر التي لا تبالي أبدا بهذا الأمر فيبدأ بأخذ جانب من صديقه والهروب منه وعدم الرد عليه والأشد من هذا كله قد تجده يسافر ويرحل ويفرح ويتكبر أمام الناس ويعمل من نفسه حلاّل المشاكل, ويتكلم عن الناس ويغتابهم ويذكر عيوبهم وينسى نفسه ماذا عمل مع صديقه , حتى تبدأ المشاحنات والمضايقات بين الصديق وصديقه فتبدأ العلاقة بالانهيار فتنقلب إلى عداوة . عجبا لأمر هؤلاء البشر الذين يعاملون أصدقائهم الذين صنعوا معهم المعروف بهذه الطريقة .
لحظة الاحراج
ثم تأتي لحظة الإحراج فيأتي القانون يأخذ مجراه فيبدأ صانع المعروف جبرا بدفع المبالغ التي وقّع عليها وإلا فسوف تصادر مستلزماته وأثاثه المنزلي...
أترى هل هذا جزاء من عمل معك معروفا؟ هل تفقد عشرة عمر مع صديقك بسهولة وتجعله يدخل في حالة ضيق بسببك؟هل تنكر عشرة العمر التي عشتموها مع بعض؟
أين رجولتك ومروءتك لتصنع بصديقك هكذا؟ غريب أمرك تصلي وتصف في الصف الأول في المسجد وتصنع بصديقك أو قريبك هكذا ولا تبالي !
كن صديقا وفي مع صديقك وأوفي بوعودك ، فلا تظلمه بهذه الفعلة المشينة .
ألا تعرف أن المظلوم دعاءه مستجاب كما بين إسلامنا الحنيف وليس بين دعوته وبين السماء حجاب . يرحم الله شاعرنا حينما قال :
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلوم منتبه يدعوا عليك وعين الله لم تنم .
أما تعرف أنك عكرت على صديقك حياته وعيشته ؟ ألا تعرف أنك قد تكون أحرمت عائلة كاملة من لذة الحياة بسبب فعلك بصديقك ؟
كثير من الناس الأصدقاء من وقعوا ضحية أصدقائهم بسبب هذه القروض ! فمنهم من أُجبر على سد الديون من ماله الذي جمعه من أجل أن يعيش بكرامة , ومنهم من بقي يدفع السنين الطّوال لكي ينهي هذا الملف أمام الجهات المسئولة ، ومنهم من لجأ إلى العنف مع صديقه ظانّا أن العنف قد يجبره على حل القضية ، وغيره وغيره .
أخي الكريم على الأقل افعل شيئا ! اهتم بتسديد الديون من أجلك ومن أجل صديقك!
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net