الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 04:01

نكبة إسرائيل/ بقلم: أسماء اغبارية زحالقة

كل العرب
نُشر: 20/05/12 13:09,  حُتلن: 13:40

أسماء اغبارية زحالقة في مقالها:

النكبة ليست ذكرى بل هي الواقع اليومي المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في الجلاء في المناطق المحتلة وداخل إسرائيل

النكبة ليست مأساة الفلسطينيين فحسب بل هي مأساة إسرائيل نفسها وهي لن تختفي بفعل القوانين والتشريعات المختلفة، وبالتأكيد لن تزول من خلال المزيد من صب الزيت على النار

المواطنة الكاملة في إسرائيل كانت دائما مشروطة بالولاء للدولة التي تضطهد العرب وتتمنى لو لم يكونوا أصلا ولكن قريبا سيصبح الأمر مكرّسًا في قانون "طال" الذي يفرض الخدمة العسكرية على العرب أيضا

ضد المشروع الاستيطاني قامت الانتفاضة الأولى التي انتهت باتفاق أوسلو ولكن الآمال التي جلبها الاتفاق تبددت وانتشر محلها المزيد والمزيد من المستوطنات التي لا تبقي أرضا يمكن أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية

منذ أربعة وستون عاما ويوم استقلال دولة إسرائيل يأتي مباشرة بعد ما تعتبره مُصابًا وهو يوم الذكرى لمقتل جنودها. ولكن مباشرة بعده يأتي وبإصرار يوم المُصاب الفلسطيني (النكبة) ليقطع على الدولة فرحتها. 64 عاما كما يبدو ليست وقتا كافيا لدولة إسرائيل لتدرك أن العامل الناقص في المتوالية: "مُصاب، استقلال، مصاب" هو استقلال الدولة الفلسطينية. ولكن، منذ متى كان للمنطق والعدالة دور في واقعنا الذي يسير حسب قوانينه الخاصة التي تحددها موازين القوى السياسية؟ ما يمكن التأكيد عليه هو انه طالما لم يحقق الشعب الفلسطيني طموحاته القومية المشروعة، فان نضاله سيستمر ونكبته سترفض التحول الى ذكرى، حتى يأتي من بعدها عيد الاستقلال.

النكبة ليست ذكرى، بل هي الواقع اليومي المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في الجلاء، في المناطق المحتلة وداخل إسرائيل. اللاجئون في لبنان يعيشون فقرا مدقعا، دون أدنى الحقوق في العمل، ويعانون من التمييز العنصري في كل مجالات الحياة؛ إخوتهم في الأردن يواجهون عنصرية النظام الهاشمي؛ وأهل الأرض المحتلة يرزحون تحت وطأة الاحتلال الذي قطع أوصال أراضيهم بالحواجز والجدران العازلة والمستوطنات، وحكم عليهم بالفقر الذي تجاوز ال50% لدرجة تضطرهم للعمل بظروف قاهرة؛ وفي غزة الشعب محاصر ومجوَّع. ورغم ادعاءات رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو، بأن العرب الوحيدين على وجه المعمورة الذين ينعمون بالديمقراطية هم العرب مواطنو إسرائيل، الا ان الواقع عكسي: 50% من فقراء الدولة هم عرب، و50% من العرب هم فقراء. ولم تكتف الدولة بالتمييز العنصري الممنهج، بل جاءت بموجة من التشريعات العنصرية الجديدة التي تكرّس في القانون دونية المواطنين العرب. المواطنة الكاملة في إسرائيل كانت دائما مشروطة بالولاء للدولة التي تضطهد العرب وتتمنى لو لم يكونوا أصلا، ولكن قريبا سيصبح الأمر مكرّسًا في قانون "طال" الذي يفرض الخدمة العسكرية على العرب أيضا.

النكبة هي الفقر
النكبة إذن ليست ذكرى بعيدة لقيام إسرائيل باقتلاع الناس من بيوتهم وتهجيرهم وسلب ونهب أملاكهم وأراضيهم. النكبة هي الفقر، الإهمال وسلب حقوق الإنسان والمواطن الفلسطيني الأساسية، ولا مجال لإسرائيل أن تتملص من مسؤوليتها. النكبة ليست حسابا على ما كان في ال48، بل على ما يحدث اليوم في عام 2012. فقدان الشرعية الذي بات يهدد دولة إسرائيل لا يكمن في الحرب التي دارت عام 48 بل في السياسة المنهجية التي تمارسها كافة حكوماتها بهدف سلب حق الشعب الفلسطيني في الحرية والحياة الكريمة.

حق العودة
إسرائيل تستغل مبدأ حق العودة كذريعة لمعارضة التوصل إلى تسوية تاريخية. ولكنها لا تكتفي بذلك، بل تواصل بشكل هستيري خلق المزيد من النكبات، سواء باحتلالها عام 67 ما تبقى من ارض فلسطين التاريخية وسن القوانين العنصرية ضد مواطنيها العرب. ضد المشروع الاستيطاني قامت الانتفاضة الأولى التي انتهت باتفاق أوسلو. ولكن الآمال التي جلبها الاتفاق تبددت وانتشر محلها المزيد والمزيد من المستوطنات التي لا تبقي أرضا يمكن أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية. بذلك تفاقمت الأزمة الوجودية للشعب الفلسطيني حتى لم يعد يرى الضوء في آخر النفق. رفض إسرائيل التوصل إلى تسوية وسيطرتها على كامل الأراضي الفلسطينية وبالتالي فرض معادلة "كل شيء او لا شيء"، جعلت الفلسطينيين يلوّحون مجددا بالنكبة، ويضعون المعادلة المضادة لممارسات إسرائيل، التي تقول: إذا لم ترتضِ بأراضي ال67، فلتكن إذن كامل أراضي ال48.

فكرة الدولة الواحدة
ذكرى النكبة كانت دائما جزءا من مسيرة حياة الشعب الفلسطيني خارج حدود إسرائيل. أما الأغلبية الساحقة من المواطنين العرب داخل إسرائيل فقد توخوا الحذر من التعبير بحرية عن آرائهم في هذا الشأن، حتى عام 2000 المصيري. في ذلك العام سفكت حكومة براك دماء 13 من مواطنيها العرب، ومنذ ذلك اليوم محا دمهم الأحمر الخط الأخضر الذي فصل بين طرفي الشعب الفلسطيني. عمليا، الجمهور العربي راح يبرز مواقفه في موضوع النكبة، كرد فعل على رفض الحكومة إنهاء الصراع والاحتلال وبالتالي إنهاء كل أشكال التمييز ضدهم. لا غرابة إذن أن فكرة الدولة الواحدة بدأت تتغلغل في أوساط هذا الجمهور. النكبة ليست مأساة الفلسطينيين فحسب، بل هي مأساة إسرائيل نفسها، وهي لن تختفي بفعل القوانين والتشريعات المختلفة، وبالتأكيد لن تزول من خلال المزيد من صب الزيت على النار. ستواصل النكبة مطاردة إسرائيل إلى أن تحل المشكلة وستكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، إنهاء الاحتلال. 
 
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.