قيس عمر المعيش العجارمة في مقاله:
نغمة الاستحواذ والاقصاء التي تعزف عليها بعض القوى السياسية وائتلاف شباب الثورة تتعارض مع مبادئ ثورة 25 يناير المجيدة
التوظيف لقيم الثورة ودماء شهدائها الزكية لا يستقيم مع الديمقراطية ومبادئ العدالة التي قامت الثورة لاجلها ويتنافى مع اخلاقيات المواطن المصري العريق سياسياً
ثقافة الانتقام ورهن مستقبل مصر السياسي والاقتصادي بمشاعر التشفي والغلو في المحاسبة يعبر عن نظرة ضيقة لا تتناسب مع بناء دولة بحجم ومكانة مصر
لا يخفى على أحد ما يشهده الشارع المصري من اعتصامات ومظاهرات على اثر الحكم الصادر في قضية قتل المتظاهرين. ومن الواضح جدا أن موجة الاحتجاجات ليس طبيعية، ولا تعبر عن طبيعة الشعب المصري المتحضر، الذي لا يحتوي قاموسه على مصطلح الانتقام، وانما هي ورقة سياسية يتم توظيفها واستخدامها لتصفية حسابات نتائج الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية. فالاخوان المسلمون لهم مصلحة حيوية في تفعيل هذه القضية وابرازها على السطح، حتى يتمكنوا من حسم الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية مبكراً، مع المرشح احمد شفيق الذي وضعوه في خانة فلول نظام مبارك، واصبحت هذه التهمة سلاحا حادا يستخدمونه ضده.
اخلاقيات المواطن المصري العريق
أما بقية الاحزاب والقوى السياسية الاخرى التي تلبس قميص الثورة، وتختزل عظمتها، وتتحدث باسم ميدان التحرير، حتى بات البعض يسمي القوى المستحدثة التي تدعي امتلاكها لميدان التحرير، بقوى اوكازيون التحرير، فقد اتخذت من الحكم القضائي ذريعة لكي تعيد البريق لنفسها وتتصدر قائمة المشهد السياسي، وتحاول أن تتدارك جزءً مما حصده الاخوان، بعد أن تحطمت طموحاتها التي غذت اعتدادها بنفسها حتى وصلت الى درجة الغرور، على صخرة صناديق الاقتراع. إن هذا التوظيف لقيم الثورة ودماء شهدائها الزكية لا يستقيم مع الديمقراطية ومبادئ العدالة، التي قامت الثورة لاجلها، ويتنافى مع اخلاقيات المواطن المصري العريق سياسياً.
الدم لا يأتي الا بالدم
إن نغمة الاستحواذ والاقصاء التي تعزف عليها بعض القوى السياسية، وائتلاف شباب الثورة، تتعارض مع مبادئ ثورة 25 يناير المجيدة، فليس من حق أحد مهما كان أن ينصّب نفسه قيماً على هذه الثورة. ثقافة الانتقام، ورهن مستقبل مصر السياسي والاقتصادي بمشاعر التشفي والغلو في المحاسبة، يعبر عن نظرة ضيقة لا تتناسب مع بناء دولة بحجم ومكانة مصر. لقد قال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر " إن الدم لا يأتي الا بالدم " وكانت هذه القاعدة هي المنطلق الفلسفي الذي تعاملت به ثورة يوليو مع الملك فاروق. الانتقام والشخصنة لا يمكن أن تمتزج بقيم الديمقراطية والحرية والعدل، بل أن هذه القيم اساسها التسامح والعفو. فرفقا يا أهل مصر بمصر ولا تدعو الزمن يتوقف عند مبارك وابناء مبارك.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net