محمد احمد الروسان في مقاله:
هنالك بادرات دبلوماسية مكثفة من الجانب الروسي إزاء الحدث الاحتجاجي السوري يقابلها تصعيد حربي أمريكي على الأرض السورية عبر أطراف ثالثة
الولايات المتحدة الأمريكية وان كانت وفي السياقات الأقتصادية الشاملة تدعم القطاع الخاص ومجالاته الحيوية والتخلي عن مركزية سيطرة الدولة على جل الأقتصاد وبشكل منفتح دون ضوابط
زيارة بوتين إلى غزّة المحتلة تبقى حاضرة في ذهنه وهي احتمال وان كان الاحتمال بالسياسة ليس يقيناً، كما سيقوم بوتين بزيارة الأردن وافتتاح بيت الحجيج الروسي، وسيجري مباحثات مع الملك وكبار المسؤولين
في السياسة الخارجية تسعى موسكو وبقوّة الى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب رأسمالي يحترم سيادات الدول ويقوم على أسس المساواة والعدالة لأحداث توازن دولي وللحفاظ على الأمن والسلم الدوليين واحترام القانون الدولي والعمل على انفاذه
الحزب الليبرالي بقي أكثر اهتماماً لدعم النموذج الأمريكي ومشاريعه التوسعية وله ارتباطات بجماعات اللوبي – الأسرائيلي الصهيوني ان لجهة الداخل الروسي، وان لجهة الخارج الروسي، ومعظم رموزه من النخب الروسية المتأمركة والمتأطلسة - نسبة لحلف الناتو
تنبع أهمية العملية السياسية الروسية المتجدّدة، إن لجهة الانتخابات البرلمانية الروسية الأخيرة والتي جرت قبل أشهر، وان لجهة الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي فاز بها الرئيس القديم الجديد فلادمير بوتين، من كونها تجيء على ضوء تطورات نوعية وكمية غاية في الدقة، ان لجهة الداخل الروسي وبناه الأجتماعية والأقتصادية والسياسية والثقافية، وتنامي الشعور الوطني والقومي، وان لجهة الخارج الروسي، على المستويين الأممي والأقليمي، وعلى وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الأتحاد الأوروبي، حيث الأخيرتان، تعانيان من اضطرابات متعددة.
لا شك أنّ هناك، وقائع ومعطيات حديثة، جاءت كنتيجة لأفرازات العملية السياسية الروسية هذه، لجهة الداخل والخارج على حد سواء، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هنا هو:- هل ستكون وتتمحور تموضعاً، افرازات نتائج تلك العملية السياسية الروسية الديمقراطية الأخيرة، باتجاه علاقات التعاون، أم باتجاه علاقات الصراع؟
النظام البرلماني الديمقراطي الروسي
النظام البرلماني الديمقراطي الروسي - يتكون من:
1 - مجلس الدوما، ويختص في اصدار القوانيين والتشريعات، وعدد اعضائه 450 عضواً، وحسب نصوص الدستور الفدرالي الروسي.
2 – المجلس الفدرالي الروسي، وعدد أعضائه 166 عضواً، والأخير مهمته تنحصر في متابعة ومراقبة الآداء التنفيذي، لجهة الحكومة ومؤسساتها المختلفة على المستويين الداخلي والخارجي، وفي شتّى المجالات والأوجه، ولجهة عمل الدوما، حيث مهمة الدوما – كما أسلفنا – اصدار القوانيين والتشريعات – منظومات تشريعية متعددة ومختلفة، تحكم نظام عمل الدولة الروسية الفدرالية الديمقراطية.
أمّا لجهة عمل وتوجهات موسكو السياسية، ازاء الداخل الروسي بمجمله، وفي السياقات الأقتصادية الشاملة، تقوم على دعم القطاع الخاص، مع تخليها عن مركزية سيطرة الدولة على الأقتصاد بتدرج، مع تعزيز العمل الديمقراطي، وتداول السلطة، حيث تقوم الدولة على التعددية السياسية والحزبية، أمّا لجهة السياسة الخارجية، تسعى موسكو وبقوّة، الى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب رأسمالي، يحترم سيادات الدول، ويقوم على أسس المساواة والعدالة، لأحداث توازن دولي وللحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، واحترام القانون الدولي والعمل على انفاذه.
الفدرالية الروسية
في حين نجد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية، وان كانت وفي السياقات الأقتصادية الشاملة، تدعم القطاع الخاص ومجالاته الحيوية، والتخلي عن مركزية سيطرة الدولة، على جل الأقتصاد وبشكل منفتح دون ضوابط، فانّ العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، تسعى الى نظام عالمي جديد ديمقراطي وتعددي رأسمالي، يقوم على أساس اعتبار، خضوع الجميع الآخر، للهيمنة الولاياتية المتحدة الأمريكية. الفدرالية الروسية، تعتمد على مواردها الداخلية، مع اعتماد مبدأ التعاون مع الآخرين، من أفراد الأسرة الدولية الواحدة، في مشارق الأرض ومغاربها، بينما نجد أمريكا تسعى دائماً وابداً، للأعتماد على موارد الآخرين، من أفراد الأسرة الدولية، وتعمل بقوّة على ابتزازهم، وابتزاز مواردهم والسيطرة عليها، لأنفاذ توجهات مشاريع الهيمنة الأمريكية الديكتاتورية- الديمقراطية على العالم، وعبر ديكتاتوريات الديمقراطيات الحاكمة، وحسب المصالح الأمريكية.
اذاً ببساطة متناهية، نحن أمام مشروع روسي بنّاء، يعتمد على موار الفدرالية الروسية الذاتية، مع استراتيجيات الألتزام بالتعاون مع الآخرين، مقابل مشروع أمريكي ديمقراطي – ديكتاتوري، يعتمد على موارد الآخرين والعمل بقوّة على ابتزازها والسيطرة عليها، واعتبار الآخرين أتباع لواشنطن، لا حلفاء وشركاء معها، وهذا ما قاله تماماً الرئيس الروسي فلادمير بوتين، والعائد الى الكرملين بثبات ورويه - .
ديمقراطية الديكتاتورية
أمّا "ربيع " جون ماكين على حسابه على تويتر بقوله: أنّ روسيا قد تشهد ربيعاً مشابهاً للربيع العربي، قول يجافي الحقيقة، ويجانب جادة صواب المنطق والواقع، فروسيا ينتظرها ربيعاً بنّاءً، وتوافق روسي بين السلطة والمعارضة، فالمعارضة الروسية، معارضة حقيقية بنّائه، لا تقف ضد نفسها ودولتها، فالخطر الخارجي يوحد الروس، ويزيد شعورهم الوطني والقومي، وهذا ما قد تجهله العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي.
الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى الى تنحية الفدرالية الروسية جانباً، وفي ركنها بعيداً، لكي لا تعمل على انفاذ مشروعها الديمقراطي- الذهبي، لعالم متعدد الأقطاب ليحكم المعمورة، فموسكو بمؤسساتها الديمقراطية، ونهجها القويم والسليم، مصدر قلق وتوتر واستفزاز للغرب، وتثير ضيق العاصمة واشنطن دي سي، وديمقراطية قتلت بدم بارد جدّاً، وسحلت العقيد القذّافي، هي ديمقراطية الديكتاتورية، لم يشهد مثيل لها التاريخ حتّى الأن.
وتتحدث المعلومات، أنّ الحزب الليبرالي الديمقراطي وهو موجود في الدوما الروسي، ذو توجهات داعمة للتوجهات السياسية الأمريكية، ازاء بلاده روسيا، وازاء المنطقة الأقليمية المحيطة بموسكو، وازاء العالم وما يجري تحديداً في الشرق الأوسط، والشرق الأدنى، وأسيا الوسطى، وفي شبه القارة الهندية، فهو بمثابة وكما أسلفنا – حصان طروادة لواشنطن، داخل مفاصل وفواصل الدولة الروسية الصاعدة، والعائدة بقوّة كلاعب منافس على المسرح الأممي الشامل.
القوى المناهضة لتمدد النفوذ الأمريكي
وتشير معلومات أخرى، أنّ هذا الحزب الليبرالي، بقي أكثر اهتماماً لدعم النموذج الأمريكي، ومشاريعه التوسعية، وله ارتباطات بجماعات اللوبي – الأسرائيلي الصهيوني، ان لجهة الداخل الروسي، وان لجهة الخارج الروسي، ومعظم رموزه من النخب الروسية المتأمركة والمتأطلسة - نسبة لحلف الناتو. إنّ إفرازات نتائج العملية السياسية الروسية، باعتقادي وتقديري، لها كل الأثر على جل توجهات السياسة الخارجية الروسية، ازاء العالم وتحديداً الشرق الأوسط، والشرق الأدنى، وأسيا الوسطى، وشبه القارة الهندية، كون القوى الرئيسية – حزب روسيا المتحدة، الحزب الشيوعي، حزب روسيا العادلة - في الدوما الروسي، هي قوى مناهضة لتمدد النفوذ الأمريكي، وأحسب أنّ السياسة الخارجية الروسية، الشرق أوسطية الجارية الآن، لجهة الملف السوري، والملف الأيراني، وملف أزمة الأتحاد الأوروبي، سوف تشهد تفاقم وتصاعدات، في مواجهات دبلوماسية، على خطوط البيت الأبيض – الكرملين، وتزايد حدة التنافسات بينهما، والتي قد تذهب الى صراعات هنا وهناك، مما يقود ذلك حتماً الى المزيد من الأستقطابات والأصطفافات، داخل مجلس الأمن الدولي – والذي صار مجلس الحرب الدولي بسبب الفعل الأمريكي.
الحدث الاحتجاجي السوري
حيث نرى مبادرات دبلوماسية مكثفة من الجانب الروسي إزاء الحدث الاحتجاجي السوري، يقابلها تصعيد حربي أمريكي على الأرض السورية عبر أطراف ثالثة، والسؤال هنا: هل تنجح موسكو في عقد مؤتمر دولي خاص حول سوريا، تحضره كافة الأطراف السورية الداخلية، بجانب دول أطراف العامل الخارجي مع دول الجوار السوري، يبحث الشأن الاحتجاجي السوري ويصل إلى نتائج؟!.
هذا وقد سارعت الولايات المتحدة الأمريكية، والغرب الأوروبي، واسرائيل، لجهة القيام، بعمليات التضخيم السياسي والأعلامي، لفعاليات الحدث السياسي الأحتجاجي الروسي، والذي انطلقت وقائعه وتداعياته المحدودة، عقب اعلان نتائج الأنتخابات البرلمانية الروسية الأخيرة قبل أشهر، كما فعلت عقب فوز بوتين بانتخابات الرئاسة وأعادت الكرّة من جديد قبل أسبوعين، فعملت واشنطن، وأوروبا، واسرائيل، على توظيف الجماعات السياسية الليبرالية الروسية، لجهة القيام بالأحتجاجات، باعتبار أنّ الانتخابات سواءً كانت البرلمانية أو الرئاسية غير صحيحة، وأنّها مزورة، بسبب التلاعبات في مراحل التسجيل والأقتراع وفرز الأصوات. كما تعمل واشنطن، وفرنسا، وبريطانيا، واسرائيل، على توظيفات محددة لتأثير الطبقة الوسطى الروسية ودفعها، لكي تشترك بقوّة في الأحتجاج السياسي، باعتبارها طبقة، يمكن الرهان عليها لأحداث التغيير في روسيا، مستغلةً واشنطن ما عانته هذه الطبقة الهامة، في المجتمع الروسي، من سياسات خصخصة الأقتصاد، وتزايد نفوذ رجال الأعمال الروس، حيث ألحق كل ذلك الضرر بأفرادها، فمشاركة هذه الطبقة الوسطى الروسية، في ملفات الأحتجاج السياسي، يزداد زخم المشاركون في الأحتجاجات، مع توظيفات للشبكة العنكبوتية، ووسائل التواصل الأجتماعي، لتحريكات الدعاية السياسية، وعمليات الشحن، والتعبئة السلبية الفاعلة، وعبر التويتر، والفيس بوك، والأوروبكس، ...الخ.
زيارة بوتين إلى غزّة
كما تدفع وتوظف، العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، الأنخراط الكبير للجماعات الدينية المتطرفة الروسية، وجماعات التيار القومي الأجتماعي الروسي، ليقود ذلك الى تصاعد في أعمال العنف المادي والرمزي، ضد الأقليات الروسية، وضد الغرباء والأجانب، هذه الفوضى التي تسعى اليها واشنطن وحلفائها، من الأوروبيين وعلى رأسهم فرنسا وبريطانيا، لكي يعيق ذلك صعود وتنامي الفدرالية الروسية وأدوارها الشاملة، لتشكيل عالم دولي جديد متعدد الأقطاب، تسوده روح العدالة والمساواة، واحترام سيادات الدول الأعضاء من الأسرة الدولية.
المنطقة الشرق الأوسطية، تنتظر زيارة الرئيس الروسي فلادمير بوتين آواخر هذا الشهر، حيث يزور "إسرائيل" ومناطق السلطة الفلسطينية المحتلة، وهناك معلومات تقول: أنّ زيارة بوتين إلى غزّة المحتلة تبقى حاضرة في ذهنه، وهي احتمال وان كان الاحتمال بالسياسة ليس يقيناً، كما سيقوم بوتين بزيارة الأردن وافتتاح بيت الحجيج الروسي، وسيجري مباحثات مع الملك وكبار المسؤولين.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net