شرع مسرح " انسامبل - الفرينج"، في الناصرة، بإجراء التمارين على إنتاجه المسرحي الجديد، وهو عبارة عن كولاج مسرحي، يحمل عنوان "ابن خلدون"
ويقدم هذا العمل عددا من المشاهد المسرحية المعربة إلى اللغة العربية، عن مسرحيات أجنبية باتت معروفة في العالم وللقارئ العربي المهتم بالمسرح أيضا، هذه المشاهد تقدم صورا نقدية شديدة الإيحاء وساخرة في معظم مواقفها، ويربط بين مشاهدها المفكر العربي العريق صاحب كتاب" المقدمة" عبد الرحمن ابن خلدون
" ان الناس ثلاثة… بشر… وأصناف بشر… ولا بشر…" بهذه الكلمات يفتتح المسرحية ابن خلدون, ويرافق احداث المسرحية كشخصية يعود تاريخها الى 630 سنة امتازت بالكتابة عن أحوال البشر والقدرة على إستعراض الآراء ونقدها،, و ما زالت كتابته حتى يومنا حاضرة بفكرها الثوري المميز, ففي المسرحية يستحضر ابن خلدون ليس كشخصية فحسب، وإنما كفكر له أهميته، ولديه القدرة للإشارة إلى حالات إنسانية وشخصيات من فترتنا الآنية من خلال نصوصه التي كتبت عن الانسان وتاريخه…
تتعدد مواضيع المسرحية الاجتماعية التي تتحرك داخل اللغة الكوميدية للمسرح ، لتنقل للمشاهد واقع الحياة العصرية بكل الوانها واطيافها ، فتنتقد استهتار السلطة المحلية للمواطن من خلال مشهد زيارة مراقب الدولة ،
التي تتسبب في " لخبطة " الاوراق داخل المجلس البلدي
كما تتطرق الى الجانب الاجتماعي في العلاقة الزوجية بين زوجين يتحاوران حول فتورالحب واختفائه نتيجة لهموم الحياة اليومية ، اضافة الى العلاقة الابوية بين الاجيال واختلاف المفاهيم بين الاب والابن الشاب والذي يتحدث مع ابيه بشكل صريح حول حياته كما يراها هو وليس كما يريدها الاب
وفي مشهد جميل للكاتب نيل سايمون، يعكس اهتمام العائلة بالقشور الخاصة والمظاهر الخارجية باحتفال ابنتهم في قاعة فندق بلازا والتي تكلفهم مبالغ طائلة، مع العلم ان ابنتهم لا تحب الشاب فتحبس نفسها داخل حمام الفندق رافضة الاستمرار في هذه اللعبة
لا يغفل الاعداد جانب الفرد العصامي الذي يصبح مليونيرا ، داخل المجتمع المادي حيث يستذكر الشاب الدرس الذي تلقاه من امه ، حول اهمية النقود في حياتنا فمن خلالها تسطتيع شراء كل شيء ، ولا يغيب الاعداد العلاقة بين الاحتلال الاسرائيلي للشعب الفلسطيني من خلال مشهد كوميدي كتبه حانوخ ليفين تعبيرا لرفضه لفكرة احتلال اسرائيل للشعب الفلسطيني ، في حالة كوميدية ساخرة تتصرف فيها الشخصيات عكس ما هو متوقع منها اذ يقوم صاحب البيت الفلسطيني ، باستقبال الجندي المكلف من قبل المقاول - جيش الدفاع الاسرائيلي! – في هدم بيته ،والذي يحب ان يؤدي مهمته باتقان دون اضرار نفسية او جسدية ، سخرية الحالة تصل الى قمتها حين يقوم الاب بمساعدة الجندي في تفجير بيته ، فنضحك حتى البكاء ، الم يقال في الامثال " وشر البلية ما يضحك "
هذا العمل من إعداد وإخراج مدير المسرح الفنان هشام سليمان، واعد نصوص ابن خلدون الكاتب الأديب ناجي ظاهر، فيما اعد المشاهد المسرحية وترجم بعضها الفنان الممثل المسرحي طارق قبطي
وفي حديث مع معد المسرحية ومخرجها سليمان، قال إن هذه هي المسرحية الأولى التي ينتجها مسرح الفرينج بعد تأسيسه في الفترة الأخيرة، موضحا انه تم اختيار نخبة من الفنانين المحليين الذين عرفوا بعطائهم المجزي في مجال التمثيل المسرحي وذكر أسماء هؤلاء وهم:شادي سرور، مروان عوكل، سناء لهب، حسن طه، ميساء خميس \ عموري
ملابس وديكور المسرحية من تصميم الفنانة طالي يتسحاقي ، موسيقى وسام جبران ، مصمم الاضاءة اسي جوستمن
ويشارك في المسرحية اضافة للطاقم الفني طاقم انتاجي يعمل على مدار الساعة وهم : مساعد انتاج محمود مسلمة، مساعد مخرج وانتاج وليد حمدان
وقال ظاهر معد نصوص ابن خلدون، في تعقيب له على المسرحية إنها تريد أن تربط الماضي بالحاضر عبر استحضار مفكر عربي، عرف بجرأته وواقعيته في التعامل مع أحداث التاريخ، لمواجهة الواقع اليومي المعيش لحياتنا، وعبر تذكيره لنا بالقيم الثقافية والإنسانية الراقية التي نادى بها في كتاب المقدمة
وأضاف ظاهر يقول، انه بذل، بالتعاون مع معد المسرحية ومخرجها، جهدا كبيرا في إعداد النص الخلدوني بحيث يكون ملائما للمشاهد المسرحي في فترتنا الراهنة، وحاول أن يحافظ على مساحة معقولة فيما بين المشاهد وبين النص المسرحي باللغة العامية المحلية، موضحا أن إعداد النص الخلدوني استغرق جهدا حقيقيا
ومن جهته أشار قبطي معرب النصوص المسرحية ومعدها، إلى أن المسرحية تقدم مشاهد من مسرحيات لكتاب عرفوا بأعمالهم المسرحية النقدية، وذكر من هؤلاء اوجين اونيسكو، ارثر ميلر، حانوخ ليفين واينجمار برجمان ، نيل سايمون ، ايلان حتسور وسعد الله ونوس وغيرهم
وأضاف قبطي يقول، انه حرص على تعريب المشاهد المسرحية، بحيث تتلاءم مع الذائقة الفنية للقطاعات الشعبية الواسعة