الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 04:01

الحذاء الروسي في الوجه الأمريكي المسوّد/بقلم:المحامي محمد احمد الروسان

كل العرب
نُشر: 21/07/12 14:34,  حُتلن: 14:15

محمد احمد الروسان في مقاله:

الفدرالية الروسية تعتبر أنّ معطيات الظروف الحالية في العالم والشرق الأوسط بشكل خاص مشابهه تماماً للوضع الذي كان سائداً قبل نشوب الحرب العالمية الثانية

ما يجري الآن من أحداث في بلاد الشام بأنه نتيجة ثورة أو بسبب القمع الديناميكي الداخلي في سورية ليس فقط تفسير خاطئ بل هو تحريف حقيقي لما يجري على الأرض ويحمل في طياته تجاذبات سياسية متشعبة

ما زالت روسيا الفدرالية تدعم خطة كوفي عنان – وهي في الواقع نسخة معدلة عن الخطة التي قدمها وزير خارجيتها "سيرغي لافروف" إلى الجامعة العربية- وقد عبرت روسيا الفدرالية عن أسفها العميق لعدم تطبيق هذه الخطة

يعتقد الخبراء والمراقبون الدوليون، أنّ مراحل الأزمة السورية وحدثها الأحتجاجي قد تغير بشكل ملحوظ وجوهري، وأنّ الحفاظ على حالة عدم الاستقرار لتمرير قرار يجيز لحلف الناتو التدخل العسكري في سورية بشكل قانوني باء بالفشل الذريع، وأعلنت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي بشكل واضح، أنها ستشن هجوما على سورية بدون قرار داعم من مجلس الأمن الدولي، مثلما فعلت من قبل في كوسوفو، معتبرة نفسها حتى اللحظة القوة العظمى الوحيدة في العالم، متجاهلة عن قصد أن روسيا "فلاديمير بوتين" غير روسيا "بوريس يلتسن". وفي المعلومات وبعد أن اطمأنت موسكو إلى الدعم الصيني وتماسك الموقف الصيني من جلّ الحدث السوري، رفعت حذاءها في وجه واشنطن المسوّد، وهددت أنه إذا ما استمر حلف الناتو ومجلس التعاون الخليجي بتجاوز القوانين الدولية، فهذا يعني بداية نشوب حرب عالمية ثالثة.

تهديدات مباشرة
وفي المؤشرات على ذلك، نجد أنّ "فلادمير بوتين" أكّد خلال احتفالات النصر على النازية في 9حزيران الفائت 2012م، على أن روسيا مستعدة لتقديم التضحيات مرة أخرى، كما اعتبر هذا القرار المهم هو الضامن للسيادة الروسية في مواجهة التهديدات المباشرة من قبل الولايات المتحده والحلف الأطلسي - الناتو، وكانت موسكو قد أدانت مرات عدة زيادة عدد قوات الناتو و إحداث قواعد عسكرية جديدة وتوسيع نطاق الدرع الصاروخي على الحدود و تدمير ليبيا، وإذكاء التوتر و حالة عدم الاستقرار في سوريا.
هذا وتعتبر الفدرالية الروسية أنّ معطيات الظروف الحالية في العالم والشرق الأوسط بشكل خاص، مشابهه تماماً للوضع الذي كان سائداً قبل نشوب الحرب العالمية الثانية، وتأشيراً على ذلك فقد قام فلادمير بوتين بجولة تفقدية، في الأيام الأولى بعد وصوله إلى سدة الرئاسة لقسم الصناعات العسكرية الروسية والقوّات المسلحة في الاتحاد الروسي الفدرالي، وبهذا الخط الذي اختاره لنفسه والذي لم ولن يتخطاه يكون قد وضع يده على الزناد تجاه سورية، لمنع القيام بأي عمل عدواني ضدها، فبحسب رأي بوتين: فانّ احتلال ليبيا يشبه احتلال تشسكلوفاكيا من قبل "الرايخ الثالث"، وإذا احتلت سورية فهذا يشبه احتلال بولندا الذي أدى إلى نشوب الحرب العالمية الثانية.

قمع ديناميكي
يشير خبير استراتيجي الى أنّ أي تفسير مبني، على أن ما يجري الآن من أحداث في بلاد الشام بأنه نتيجة ثورة أو بسبب القمع الديناميكي الداخلي في سورية ليس فقط تفسير خاطئ، بل هو تحريف حقيقي لما يجري على الأرض ويحمل في طياته تجاذبات سياسية متشعبة، بعبارة أخرى أنّ الأزمة السورية أول وأهم أزمة من نوعها، وتشكل مرحلة متقدمة في مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، وتسير باتجاه القضاء على محور المقاومة ونشوب أول حرب غاز في العالم.
ويزيد هذا الخبير أنّه في الواقع الشيء المهدد بالخطر في سورية ليس كيف سيستطيع الرئيس بشار الأسد ونسقه السياسي، إحلال مبادئ الديمقراطية في المؤسسات التي ورثها، أو هل سينجح أمراء الوهابية السلفية في الخليج في القضاء على آخر حكومة علمانية في المنطقة ونشر الإسلام الوهابي، بل الخطر يكمن في تحديد الخطوط الفاصلة بين الحكومات الجديدة التي شكلها حلف الناتو و "SCO" ( منظمة شنغهاي للتعاون).

تغيرات مطلوبة
إنّ إعلان مزمن ومتقيّح للمسؤولين الأمريكيين، عن إمكانية التدخل الدولي خارج أطر قرارات مجلس الأمن الدولي، مثلما حدث في كوسوفو من قبل قوات الناتو كان موضع قلق وغضب الروس، وقد قرر الاتحاد الروسي الفدرالي، مدعوماً من الصين، حيث موسكو تموضعت حتى الآن في مواقع الدفاع لا الهجوم، أن تقدم على اتخاذ خطوات جديدة عميقة ذات بعد رأسي وافقي، حيث مرد ذلك إلى التغيرات الاستراتيجية الاضطرارية والأحداث المتسارعة والتغيرات المطلوبة في سورية، هذا وقد اقترحت موسكو أن تتشكل مجموعة اتصال حول سورية (تضم الدول ذات العلاقة) تجمع الدول المعنية، أي الدول المجاورة لسورية والقوتين العظمتين في العالم، بهدف إيجاد مرجعية للحوار تكون بديلاً عن التدخل العسكري الذي يسعى الغرب الحاقد لفرضه تحت عنوان "مؤتمر أصدقاء سورية".
وما زالت روسيا الفدرالية تدعم خطة كوفي عنان – وهي في الواقع نسخة معدلة عن الخطة التي قدمها وزير خارجيتها "سيرغي لافروف" إلى الجامعة العربية- وقد عبرت روسيا الفدرالية عن أسفها العميق لعدم تطبيق هذه الخطة، وحمّلت المعارضة المسلحة مسؤولية فشل تطبيقها، وحسب تصريحات "ايكالوشويتش" المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية فإن "الجيش السوري الحر" وهو منظمة غير قانونية استناداً إلى القوانين الدولية، يقوم كل يوم بقتل من 20 إلى 30 جندي نظامي سوري، ومع وجود هذا الخرق لخطة عنان فإنه يتلقى الدعم من الدول الأعضاء في حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي.

إنهاء القتال
هذا وقد طالب فلاديمير بوتين الذي يعتبر نفسه المدافع عن السلام في مواجهة حلف الناتو الساعي لشن الحروب، منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) التي تستعد لنشر قواتها في سوريا بإنهاء القتال بين الطرفين وبمواجهة القوات الأجنبية. فقد أكد "نيكول بوروجوا" الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي أنه مستعد مباشرة لنشر 20.000 جندي مدرب على هذا النوع من العمليات.
إنّ هذه هي المرة الأولى التي ترسل فيها منظمة معاهدة الأمن الجماعي قواتها خارج حدود الاتحاد السوفيتي السابق، وكان "بان كي مون" قلقاً جداً من هذا الموضوع وجهد ليعطل هذا الأمر، حيث كان متناقضا في سعيه المفاجئ لترتيب مجموعة اتصال، وقد وقفت "هيلاري كلينتون" وزيرة الخارجية الأمريكية خلال مؤتمر مجموعة أصدقاء معاقبة سوريا في واشنطن، وقفت في وجه المقترح الروسي وطرحت موضوعاً مختلف تماماً وهو تغيير النظام .

قوات صاروخية استراتيجية
وفي مؤشر سياسي عسكري خاص، قد يعطي صورة أنّ موسكو مستعدة لحرب عالمية ثالثة، أنّه في يوم الخميس 7 حزيران شهدنا أحداثا مهمة جداً في وقت كان فيه كل من "كي مون" و ممثلة منظمة حقوق الانسان يطالبون بتشكيل ملف ضد روسيا الفدرالية في الجمعية العامة في الأمم المتحدة، كانت موسكو تجري تجربة على صواريخ بالستية عابرة للقارات. فقد أكد الكولونيل "فاديم كوفال" المتحدث باسم القوات الصاروخية الاستراتيجية الروسية، أن اختبار هذه الصواريخ كان من سيلوي القريبة من بحر قزوين، أما اختبار الصاروخ "بولوا" حتى الآن لم يتم التأكيد أنه أطلق من غواصة في البحر المتوسط، لكن كامل مناطق الشرق القريب، "اسرائيل" - فلسطين المحتلة - وسورية والأردن ولبنان و آرمينا شاهدوا اللهب المنبعث من هذا الصاروخ، حيث أنه لا توجد أسلحة أخرى تترك أثراً في السماء مثل هذه الصواريخ.
الرسالة من الاختبار واضحة: "موسكو مستعدة للحرب العالمية، إذا لم يراعِ حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي القوانين الدولية التي تضمنها خطة عنان وإذا ما استمروا في دعم الارهاب في سورية والمنطقة".

إجراءات عنيفة
وحسب التقارير الواردة، شجعت موسكو دمشق - في الوقت الذي حصل فيه الأسد على التأييد خلال إجراء الاستفتاء على الدستور-، على القيام بتفكيك "الإمارة الإسلامية في بابا عمرو"، كما شجعته أيضاً بعد تشكيل مجلس الشعب وتكليف رئيس وزراء جديد، بأن يقوم بتطهير البلاد من المجموعات الإرهابية المسلحة، وكانت الأوامر خارج إطار الاستراتيجية الدفاعية، حيث اتخذت إجراءات عنيفة لحماية الشعب من المجموعات الإرهابية وإعداد الجيش النظامي السوري للهجوم على مواقع وتحصينات "الجيش السوري الحر" منظمة غير مشروعة وفقاً للقوانيين الدولية، فخلال الأيام القادمة ستستعر المواجهات – ان لم تكن قد استعرت وسعّرت - بسبب امتلاك المجموعات الارهابية لمدافع الهاون والصواريخ المضادة للدروع بالإضافة إلى صواريخ أرض-جو.
وللحد والتخفيف من حدة التوترات المتصاعدة، قبلت فرنسا بسرعة المقترح الروسي لحضور اجتماع مجموعة الاتصال الخاصة، كما وافقت واشنطن أيضاً على عكس تصريحاتها، وقد أرسلت "كلينتون" وزيرة الخارجية الأمريكية "فردريك سي هاف" على وجه السرعة و قبلت الدعوة الروسية، ولقد تجاوز الأمر قضية احتمال اتساع المواجهات، فقد امتدت إلى لبنان أو بداية نشوب حرب على مستوى المنطقة، ويسعى حلف الناتو ومجلس التعاون الخليجي خلال أكثر من عام ونصف، لايجاد حالة عدم الاستقرار في سورية، والتي لا يوجد طريق للخروج منها إلا الدفع نحو حرب عالمية ثالثة جديدة عبر البوّابه السورية وديكتاتورية جغرافيتها ونسقها السياسي.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.