تعيش الأمة الإسلامية في هذا الوقت أياما وليالي مباركة هي من أعظم الأوقات فضلا ، ألا وهي أيام وليالي شهر رمضان العظيم المبارك ، شهر الصبر و النصر والظفر ، شهر القرآن و الإيمان والإحسان ، شهر الجنان وشهر العتق من النيران .
فشهر رمضان المبارك فرصة مناسبة للتوبة والإقلاع عن الذنوب وهجر المعاصي ،وتطهير النفس من الخطايا والآثام، وتغيير العادات السيئة ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام أتاه فقال ":يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل: آمين فقلت: آمين".
وروي عنه صلى الله عليه وسلم قوله :" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر " ، فإذا استغل العبد المؤمن هذا الشهر العظيم بالإقبال على الطاعة والعبادة واجتناب المحرمات كان ذلك مكفرا لصغائر الذنوب ما بين رمضان الماضي ورمضان الحاضر .
إن الصيام في حقيقة الأمر لا يقتصر على الامتناع عن الطَّعام والشَّراب، وإنَّما هو -أيضًا- الامتناع عن كل ما حرَّم الله –سبحانه- من المعاصي والمنكرات، والمداومة على الطَّاعات، كي يحققوا معنى التقوى من خلال قوله تعالى في آيات الصيام : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين لعلكم تتقون "( سورة البقرة آية 184) .
فقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه"، أي من لم يترك قول الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه.
وقد قسم حجة الإسلام أبو حامد الغزالي ( توفي عام 1111 م ) رحمه الله تعالى الصوم إلى ثلاث مراتب : صوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص.
صوم العموم : هو كف البطن والفرج عن الشهوات. وصوم الخصوص فهو كف السمع والبصر وسائر الجوارح عن المعاصي والآثام والمحرمات.
وصوم خصوص الخصوص فهو أرقى وأعلى مرتبة وهو كف القلب عما سوى الله سبحانه وتعالى .
فهنيئا للصائمين الذين يصومون إيمانا بالله تعالى واحتسابا للأجر من الله تعالى وحده بمغفرة من الله تعالى فقد ورد في الحديث النبوي : " "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ".
هنيئا للصائمين الذين تكفل الله سبحانه وتعالى بجزائهم خير الجزاء ، فقد ورد في الحديث القدسي قول الحق تبارك وتعالى : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"
وهنيئا للقائمين الذين يقومون بالليل ويؤدون صلاة التراويح إيمانا بالله تعالى واحتسابا للأجر من الله تعالى وحده بمغفرة من الله تعالى فقد ورد في حديث نبوي آخر : " "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ".
هنيئا للصائمين المحتسبين بدخولهم جنة المولى من باب الريان الذي أعده الله تعالى
للصائمين ، فقد ورد النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد "
فهنيئا للصائمين الذين يمتنعون عن الطعام والشراب امتثالا لأمر الله تعالى ، وهنيئا لمن كف سمعه وبصره وسائر جوارحه عن الحرمات والمحرمات ، وهنيئا لمن ابتعد عن المعاصي والآثام واقتدى بخير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net