أبو وهيب:
من كان مجتهدا فليحمد الله ويسأله أن يكون من المقبولين لما يحبه ويرضاه سبحانه وتعالى حتّى يفوز بجنّة عرضها السماوات والأرض
عيد الفطر هو يوم الجائزة لمن فاز وصام وقام وصلح وأفلح بعد تكليفه بالصيام والقيام بحق الله تعالى كان له عند الله حسن القبول وحسن الوفاء
أخي المسلم الكريم أيها الصائمون أيّها الناس جميعا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إن شهر رمضان المبارك لحري بالجد والاجتهاد والتعرض لفضل الله تعالى وعطائه وجوده وكرمه الواسع فلنحمد الله الذي أعاننا على حسن الطاعة وحسن الصيام والقيام. فمن كان مجتهدا فليحمد الله ويسأله أن يكون من المقبولين لما يحبه ويرضاه سبحانه وتعالى حتّى يفوز بجنّة عرضها السماوات والأرض، ومن كان مقصّرا لغلبة هوى أو انشغال في لهو أو فراغ بائس فليبادر بالتوبة النصوح والندم على ما فات وليسرع بالعودة والإنابة إلى الله تعالى .
توبة تتكلّل بالندم وعدم الرجوع على الذنب والمعصية ليعظّم جانب الرجاء في الله تعالى دون القنوط من رحمة الله سبحانه، ليستجيب لنداء الله تعالى من خلال هذه الآيات : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم).
الشهر الفضيل
واعلم أيّها الأخ الكريم أن الله تعالى" يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء الليل حتّى تطلع الشمس من مغربها" وأنّه بواسع رحمته التي وسعت كل شيء يبدل الله السيئات حسنات كما قال تعالى في سورة الفرقان: (إلاّ من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) ، لقد اعتنى الرسول صلى الله عليه وسلم بنهاية هذا الشهر الفضيل كما اعتنى بأوّله ففي أوّله قال صلى الله عليه وسلم"إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصُفدت الشياطين".وقال صلى الله عليه وسلم "في آخره في ليلة التاسع والعشرين يعتق الله فيها مثل جميع من اعتق في كل شهر".صدقت يا رسول الله يا من قسّمت هذا الشهر إلى ثلاثة أثلاث :أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، فها نحن في أيّام العتق من النار نسأل الله أن يعتق رقابنا ورقاب والدينا من النار.
يوم الجائزة
سُمّي عيد الفطر بيوم الجائزة وجاء في الحديث القدسي أن الله تعالى قال:(عبادي لي صمتم ولي قمتم ارجعوا مغفورا لكم). فعيد الفطر هو يوم الجائزة لمن فاز وصام وقام وصلح وأفلح بعد تكليفه بالصيام والقيام بحق الله تعالى كان له عند الله حسن القبول وحسن الوفاء، للدخول من باب الريّان الذي خصّه الله تعالى فقط للصائمين. ليجعل بعد أعقاب هذه الأعمال عيد سعيد، ليعقب العيد صيام الستة من شوال لننال المغفرة والرحمة ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر، يقول عليه الصلاة والسلام:"من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوّال كان كصيام الدهر كلّه".
وكذلك عيد الأضحى المبارك بعد مجيء الحجاج من كل فج عميق شعثا غبرا يرجون رحمة الله ويخشون عذابه حافظين على محارم إحرامهم وقدسيّة حرم الله تعالى بعد الإفاضة من عرفات والنزول من المزدلفة عاملين بوصية وتعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم".
إن شهر رمضان شهر الأمة الإسلامية فيه نزل كتابها وفيه حقّق الله انتصارها وفيه قطع الله دابر الوثنية فقوض بنيانها، هو شهر صيام وقيام، وذكر وشكر، ودعاء وتبتل ، وجهاد واجتهاد ، وصدقات ورحمات، هو شهر تراويح وتهجّد ، يعيشه المسلمون في عمل وإيمان دائم وحركة مستمرّة ،الإسلام لا يعرف الكسل ولا الملل ، ولا حتّى التهاون ولا يرضى لأتباعه أن يعيشوا في قهقرة وفي مؤخرة الركب.
معالي الأمور
إنما يريد لنا الإسلام معالي الأمور كلها ويكره لنا التهاون بها ولقد علّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نأخذ ديننا عنه كما قال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ، فمن حافظ على صلاة الفجر في هذا الشهر فليداوم عليها في كل الأشهر ومن حافظ على صلاة الجماعة فليداوم عليها أيضا ، ومن حافظ على تلاوة القران وتفقّد الأرحام والمساكين فليداوم أيضا.
دون الملل أو الكسل إن رب رمضان رب الأشهر كلها فلنعمل بقول الله تعالى : (في بيوت أذن الله أن تُرفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) صدق الله العظيم.
نسأله تعالى أن نكون من الدّاخلين من باب الريّان حتّى ننال مرضاته لتكون الجائزة جنة عرضها السماوات والأرض بأذنه تعالى لنا جميعا وبارك الله فيكم. تقبّل الله طاعاتكم.
وكل عام وانتم بخير..
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net