الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 09 / نوفمبر 16:02

فارس الثقافة العربية يترجل مبكرا / بقلم:زياد شليوط

كل العرب
نُشر: 30/08/12 13:41,  حُتلن: 08:11

زياد شليوط في مقاله:

ألف رحمة عليك يا فارس الثقافة العربية، يا صاحب القلب الكبير والابتسامة العريضة

وفاة أبي رفيق المبكرة والمفاجئة شكلت صدمة لكل من عرفه وأسفا لمن لم يعرفه عن قرب كيف لا والمترجل فارس من فرسان الثقافة العربية في بلادنا؟

المرحوم عمل في شبابه في الكثير من الأعمال والتي تطلبت جهدا وكدحا وصبرا، منذ مطلع شبابه أثبت أنه صاحب شخصية مستقلة وعصامية

فقد المجتمع العربي في البلاد، وودع في قرية عبلين الوادعة الأسبوع الماضي، بقلوب كسيرة ودموع حبيسة ونظرات تائهة، أحد أعلام التربية والثقافة والمجتمع، إنه الأستاذ والأديب المرحوم موفق رفيق خوري، الذي دعي وبحق فارس الثقافة العربية، الذي توفي نتيجة نوبة قلبية مفاجئة، فاجأت الجميع من أقارب ومعارف وأصدقاء، حيث استغرب الجميع توقف القلب الكبير عن الخفقان في هذا الوقت المبكر، وغياب تلك البسمة العريضة الطيبة عن وجه سموح نضر من بيننا، وقصف زهرة ما زالت مفتحة موردة قبل الأوان نتيجة عاصفة هوجاء حاقدة.

صدمة كبيرة
شكلت وفاة أبي رفيق المبكرة والمفاجئة صدمة لكل من عرفه وأسفا لمن لم يعرفه عن قرب، كيف لا والمترجل فارس من فرسان الثقافة العربية في بلادنا، وفارس من فرسان الفن في بلادنا. جاب البلاد بطولها وعرضها من جليلها الى مثلثها الى نقبها، راعيا ومساندا وداعما لكل مؤسسة فنية أو ثقافية أو اجتماعية، تهدف الى بناء الانسان والى الحفاظ على الموروث الحضاري لشعبنا وتطوير أدواته الثقافية والفنية في سماء البلاد وأرضها. كثيرون يعرفون المرحوم موفق كمدير لدائرة الثقافة العربية أو نائب المدير العام لوزارة الثقافة والفنون والرياضة، ويعرفون عطاءه وخدماته. لكن قليلون يعرفون موفق الانسان العصامي، الشاب الطموح، المربي الواعد، الانسان منذ حداثته صاحب القلب الكبير والمسؤولية العظيمة. منذ شبابه عمل موفق في الكثير من الأعمال والتي تطلبت جهدا وكدحا وصبرا، منذ مطلع شبابه أثبت أنه صاحب شخصية مستقلة وعصامية، عركته الحياة منذ الصغر فتعارك معها وعركها. فقد والده وهو في مطلع شبابه في حادث مؤسف وبشكل مفاجيء فتشابه ووالده في الموت كما تشابها في الحياة، وأخذ موفق المسؤولية على نفسه بتربية وتنشئة أشقائه الذين كانوا أصغر منه سنا، وبات بمثابة الأب لهم كما كان الأخ الأكبر.

مساواة وانصاف
وكما عامل أبناء عائلته الصغيرة هكذا عامل أبناء عائلته الكبيرة، أبناء مجتمعه وشعبه، نظر للجميع بمحبة وأخوة وعامل الجميع بمساواة وانصاف، وارتقى موفق وارتفع وبات اسمه أشهر من نار على علم. وهنا كان عليه أن يدفع ضريبة النجاح والشهرة والمحبة التي قوبل بها أينما حل. فالغربان لا ترضى الخير للبلابل. وقام من يعرقل وينكش ويشي، وواصل أبو رفيق دربه وهو واثق أن الحق الى جانبه والرب يرعاه لأنه صادق ونظيف. فازداد زعيق الغربان التي أخذت تتصيد في المياه العكرة فلا صنارتها غلبت أو صلحت في أي صيد، لأن المياه العكرة لا تأتي إلا بالسمك الفاسد المسمم. ورغم الجروح والندوب قام أبو رفيق موفقا من هذه المعركة المفروضة عليه، وكم كان صوته صافيا مجلجلا في آخر مكالمة هاتفية معه قبل أسابيع قليلة من يوم رحيله، وكنا على موعد لجلسة مصارحة ومكاشفة، لكن القدر لم يمهله كي يكشف الأوراق كلها، فغاب الأسد وبقيت الغربان تزعق لكن هذه المرة على خراب ما زرعته أيديها.


وصدق الفيلسوف الشاعر جبران خليل جبران حين قال:
وقاتل الجسم مقتول بفعلته وقاتل الروح لا تدري به البشر
لكن البشر رأوا "قاتل الروح" يندس بين المشيعين متواريا، واستذكروا ذلك المثل المأثور، وواصلوا سيرهم خلف نعش صاحب القلب الكبير وعملوا بما كان يرغب أن يعملوا به.
فألف رحمة عليك يا فارس الثقافة العربية، يا صاحب القلب الكبير والابتسامة العريضة، وسيسجل التاريخ أعمالك وخدماتك بأحرف من نور ذهبية.
(شفاعمرو)

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة

.