إبراهيم خطيب في مقاله:
القرار النهائي الذي ستعتمده المؤسسة الإسرائيلية معقد وخصوصاً مع العوامل الكثيرة والمتشابكة التي تحيط بقرار بهذا الحجم وهذه الخطورة
من المرجح أن الولايات المتحدة لن تعلن مشاركتها في الحرب وإنما ستدعم تل أبيب من خلف الستار وذلك حرصاً على عدم جر نفسها والمنطقة إلى حرب كبيرة
الوضع الإسرائيلي الداخلي سيء جدا سواء على مستوى الجبهة الداخلية واستعداداتها السيئة أو من حيث الوضع الاقتصادي الذي يزداد صعوبة ويلقي بظلاله على وضع السكان وحياتهم
تصريح نتنياهو من أن قنبلة نووية ايرانية هي أخطر من الجبهة الداخلية تأتي كإشارة منه بأن هدف الضربة يشرعن لحد معين النتائج الصعبة التي ممكن أن تنتج عن ضربة كهذه لإيران
تعالت في الفترة الأخيرة النقاشات حول إمكانية توجيه المؤسسة الإسرائيلية ضربة إلى إيران في الخريف القريب، بهدف وقف أو تأخير البرنامج النووي الإيراني .هذه التهديدات ما يميزها أنها جاءت ممن يقفون على رأس هرم المؤسسة الإسرائيلية ؛ نتنياهو وبراك. ويبدو أن التصريحات الإسرائيلية المتعالية حول إمكانية توجيه الضربة تؤدي أكثر من وظيفة في هذا السياق ،ويجب فهمها وفق حسابات وأولويات الإسرائيليين.
إن قرار توجيه الضربة ضد إيران تغذيه عدة عوامل تحرك صنّاع القرار في تل أبيب:
1- مقدار التقدم في البرنامج النووي الإيراني :
فهذا أكثر ما يقلق المؤسسة الإسرائيلية في هذه المرحلة، فالتقديرات الإسرائيلية تحدث عن اقتراب إيران من تطوير سلاح نووي، وخطوة كهذه ترى بها المؤسسة الإسرائيلية قطعا تهديداً وجودياً لها يجب إزالته.
2- الوضع الإسرائيلي الداخلي:
الوضع الإسرائيلي الداخلي جداً سيء سواء على مستوى الجبهة الداخلية واستعداداتها السيئة أو من حيث الوضع الاقتصادي الذي يزداد صعوبة ويلقي بظلاله على وضع السكان وحياتهم، لكن في المقابل لا يمكن إنكار أن الجبهة الداخلية تستعد وبشكل مكثف هذه الأيام لاحتمال وقوع ضربة كهذه على إيران ، وإن تصريح نتنياهو من أن قنبلة نووية ايرانية هي أخطر من الجبهة الداخلية تأتي كإشارة منه بأن هدف الضربة يشرعن لحد معين النتائج الصعبة التي ممكن أن تنتج عن ضربة كهذه لإيران.
3- الموقف الأمريكي:
الموقف الأمريكي هو مفتاح لكل عمل عسكري إسرائيلي . فالقيادة الإسرائيلية ليس في وسعها شن حرب على ايران من دون موافقة الإدارة الأمريكية أو دعم منها عسكريا ولوجستيا.وإذا ما تحركت المؤسسة الإسرائيلية منفردة ،فهذا يعني أن هناك خطرا محدقا جداً وجب التصدي له. لكن في المقابل لا يمكن أن ننسى أن هناك علاقة عقدية وتحالفا إستراتيجيا بين الطرفين ما يجعل عملهما المشترك حتميا، ولكن شكل هذا العمل المشترك مرتبط بتقديرات كل طرف على حدة ،ومن الواضح وفقا لما يرشح من تصريحات أنَّ ثمة اختلافا بينهما في مسألة التقديرات.
4- تبعات الضربة:
من الأمور التي يفكّر بها الساسة الإسرائيليون تبعات الضربة سواء على الصعيد الداخلي من حيث حجم رد الفعل الإيراني والأهداف التي ستضربها إيران، وكم سيؤثر على الجبهة الداخلية، وكم من الخسائر ستتكبدها تل أبيب؟ أو رد فعل المجتمع الدولي الذي يبدو غير متحمس لضربة كهذه.
الحصول على سلاح نووي
يتضح أن القرار النهائي الذي ستعتمده المؤسسة الإسرائيلية هو جداً معقد، وخصوصاً مع العوامل الكثيرة والمتشابكة التي تحيط بقرار بهذا الحجم وهذه الخطورة، لكن الأمر المهم جداً هو أن المؤسسة الإسرائيلية لن تقبل بإيران نووية أو أن تكون "على عتبة" الحصول على سلاح نووي وبذلك تكون مخيفة ورادعة كما هو الحال مع المؤسسة الإسرائيلية التي تتبع سياسة التعتيم حول برنامجها لتكسب من قوة الردع وعدم المحاسبة الدولية، وفي التالي لن ترضى المؤسسة الإسرائيلية أن تكون إيران ذات قوة ردع في المنطقة.
الحرب منفردة
في المقابل سيكون من الصعب (وليس من المستحيل) أن تشن المؤسسة الإسرائيلية الحرب منفردة من دون تنسيق مع الولايات المتحدة الشريك الأكبر لها، ولكن أمريكا من جهتها لن تقدم على حرب في ظروفها الحالية ،نظراً للواقع الصعب الذي تعيشه ، ولا سيّما اقتراب الانتخابات الرئاسية ،الّا إذا كانت مجبرة على حرب كهذه أو حدث أمر مزلزل وتطور دراماتيكي في المنطقة. ويبدو أن السياسة الإسرائيلية والتصريحات السياسية الإسرائيلية الأخيرة والتي يغلب عليها التوجه للحرب من قبل السياسيين (بعكس العسكريين) هي سياسة تسعى لأن تضع الولايات المتحدة والعالم أمام مسؤولية التعامل مع الملف الإيراني (وفق وجهة نظر الإسرائيليين) وتسعى للضغط على هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة لتوقف برنامج إيران النووي في أسرع وقت، كما تسعى للضغط على الولايات المتحدة لكي تلوّح بالقوة في وجه إيران ،فإذا ما حققت ذلك فإن خيار الضربة سيؤجل.
وقف البرنامج النووي
وسيكون خيار الضربة العسكرية واردا وبقوة إذا لم تفلح المؤسسة الإسرائيلية في الضغط على دول العالم لوقف البرنامج النووي الإيراني، وهذا الخيار سيكون قطعاً بتنسيق مع الولايات المتحدة ، والتجارب تعلمنا أن الولايات المتحدة لا ترك المؤسسة الإسرائيلية لوحدها في المواجهة ، ولكن إذا وقعت الحرب في المدى القريب، فإنه من المرجح أن الولايات المتحدة لن تعلن مشاركتها في الحرب ، وإنما ستدعم تل أبيب من خلف الستار وذلك حرصاً على عدم جر نفسها والمنطقة إلى حرب كبيرة ، وذلك حتى لا يتم استهداف مصالحها في الشرق الأوسط ، ولكي لا يُستنزف اقتصادها المتآكل ،إضافة لتأثير ذلك على الانتخابات الرئاسية.
الخيار العسكري
اذاً واستناداً لقراءة العقلية الإسرائيلية والوقائع على الأرض يبدو أن الحرب من المحتمل أن تقع إذا ما لم يكن تحرك أو وعد دولي وخصوصاً أمريكي (علني أو سري) بالتعامل بحزم مع إيران ووقفها عند حدها والتلويح بالخيار العسكري. في النهاية تشير كل المعطيات أن ضربة كهذه إن وقعت سيكون لها الأثر الكبير على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وستكون موجعة، خاصة في ظل الإعدادات الإيرانية، ولن تكون حرباً سهلة على المؤسسة الإسرائيلية ، وخصوصاً إذا ما شارك فيها كذلك حزب الله وحلفاء إيران في المنطقة.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net