لم تعد المرأة الواعية تلك السكرتيرة التي تستغل من قبل مديرها أو الصحفية التي تكتب في مجال المكياج والطبخ لكنها بدأت تعي أن اهتماماتها الانثوية ضرورة لا تهملها
الرجل الشرقي يعتبر العمل داخل البيت إهانة لرجولته وكأن كل أعمال الأمهات والزوجات داخل بيوتهم واحتضان الاسرة هي أعمال دونية فهو يفهم دوره من خلال السيطرة والقمع للمرأة
شكل العمل ايا كان مجاله له قيمة حقيقة لوجود الانسان ويحقق من خلاله انجازات حتى ولو كانت بسيطة فهي تعود عليه بايجابيات الوجود الانساني، وفي مجتمعاتنا العربية التي يهيمن عليها الفكر الذكوري يسيطر فكر ازدواجي لعمل المرأة وكلما تزداد الحياة في متغيراتها السريعة تشتد الافكار الازدواجية في تعصباتها ومشاداتها في إلقاء اللوم على المرأة الواعية بحقوقها، فبعد أن حققت المرأة نجاحات عديدة في الكثير من المجالات والتخصصات التي تنوعت في السنوات الاخيرة وبرزت في مناصب عديدة متجاوزة بذلك من يدعي أن المرأة لا تصلح الا أن تكون مدرّسة او طبيبة لأنها وظائف انسانية وتتلائم مع نظرة المجتمع.
صورة توضيحية
ادركت المرأة أن لها حقوق انسانية من الصعب أن تنالها الا باستقلالها الاقتصادي وتطوير ذاتها ورفع مستواها العلمي وزيادة خبراتها، وأنها قادرة على التعلم السريع والتطور الذي أذهل الرجل في المجتمعات العربية واخافه من أن المرأة اليوم تشكل منافس حقيقي لكثير من المهن والوظائف لأنها دقيقة النظر في تفاصيل كثيرة ولم تعد تعمل من أجل مساهمتها في رفع دخل الاسرة فقط وإنما من أجل تحقيق وجودها الانساني وفرض ذاتها وافكارها ومشاريعها التي لايمكن اليوم اغفالها أو منعها.
إهتمامات أنثوية
لم تعد المرأة الواعية تلك السكرتيرة التي تستغل من قبل مديرها أو الصحفية التي تكتب في مجال المكياج والطبخ لكنها بدأت تعي أن اهتماماتها الانثوية ضرورة لا تهملها وتضيف لها الوعي بالعمل الجاد الذي يؤهلها لأن تكون مسؤولة وناجحة و لها شأن في مجال تخصصها، ومن هذا اشتد صراعها مع الثقافة السائدة التي تريد أن تطيح بجهود المرأة التي حققتها في السنوات الماضية والتي تنص على أن كل ما يحدث للاسرة من تفكك وانحلال هو بسبب خروج النساء الى العمل وتخليها عن دورها الحقيقي في البيت، وكأن المرأة هي المسؤول الوحيد عن الاسرة، وهرب الرجل من مسؤوليته داخل الاسرة وإنكار متغيرات العصر السريعة التي تؤثر على المجتمعات.
إهانة الرجولة
ظل الرجل الشرقي يعتبر العمل داخل البيت إهانة لرجولته وكأن كل أعمال الأمهات والزوجات داخل بيوتهم واحتضان الاسرة هي أعمال دونية، فهو يفهم دوره من خلال السيطرة والقمع للمرأة واعتبارها ناقصة وقدرتها ضعيفة فلا يشعر أنه رجل اذا تفوقت عليه امرأة بعقلها وهذا ما رسخ في المفاهيم البالية لحقيقة عقل المرأة وأنها التابع المطيع وأن النساء الفاشلات اجتماعيا هن من ينجحن في العمل، وايضا من هذا نفهم أن من يطالب برجوع المرأة للبيت وأن العمل مفسدة لها فهو يقصد المرأة الناجحة والمتميزة في مجال عملها لأنها تعتبر منافس حقيقي للرجل لكنه لم يطالب بإرجاع العاملات في المصانع أو الفلاحات في المزارع أو الممرضات في المستشفيات وحتى السكرتيرات لأن كل واحدة منهن لها فائدة تتحقق للرجل والمجتمع دون أن تنافسه على موقع يعتبر نفسه هو أحق به.