د. رائد غطاس في مقاله:
الأحزاب المنافسة كانت تروج دائما ان التجمع يطالب بالوحدة بسبب عدم ثقته من اجتياز نسبة الحسم
ها هو التجمع قد اثبت للجميع وفي كل الانتخابات السابقة انه قوة سياسية اساسية راسخة ولا يمكن لأحد بعد اليوم ان يراهن على امكانية نجاحه
التجمع الوطني الديمقراطي قام اصلا على اساس قومي عروبي وجمعي وعالج قضية الانتماء القومي والمواطنة عن طريق الطرح المبدع "دولة المواطنين" في مواجهة "الدولة اليهودية
كما تعودنا قبل كل انتخابات برلمانية تتعالى الأصوات المطالبة للاحزاب والقوائم العربية ان تتحالف وتتوحد في قائمة واحدة لخوض الانتخابات. وفي هذه السنة شهدنا بعض الاجتهادات التي لم تتعدى عدة مقالات نشرت قبل حوالي ستة اشهر قيمناها في حينه بانها خطوة ايجابية، منها مقال النائب حنا سويد ومقال آخر للسيد عوض عبد الفتاح الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي بالاضافة لعدد من الدعوات الأخرى التي نادى اصحابها ومنهم كاتب هذه السطور، للتحالف والوحدة وتطرقوا لامكانيات واهمية خوض الانتخابات في قائمة تحالفية واحدة. وقد رأينا فيها دعوات صادقة اتت بناء على قراءة صحيحة للمرحلة الجديدة.
تبكير موعد الانتخابات
في هذه السنة ايضا ومع تبكير موعد الانتخابات للكنيست يطرح نفس السؤال: لماذا لا تتوحد القوائم العربية في قائمة تحالفية واحدة ؟ وعلى الصعيد الشخصي وجهت الي العديد من هذه التساؤلات في احاديث شخصية وفي رسائل بالبريد الالكتروني وايضا من على صفحات شبكة التواصل الاجتماعي. سأحاول في هذه المقالة ان اتطرق لموضوع التحالف بين الاحزاب والقوى السياسية العربية من وجهة نظر التجمع الوطني الديمقراطي. نحن في التجمع كنا دائما وما زلنا من اجل الوحدة. نقول ذلك ليس للاستهلاك الكلامي والاعلامي، فالتجمع الوطني الديمقراطي قام اصلا على اساس قومي ، عروبي وجمعي وعالج قضية الانتماء القومي والمواطنة عن طريق الطرح المبدع "دولة المواطنين" في مواجهة "الدولة اليهودية" . ووضع التجمع على سلم اولوياته تنظيم الاقلية الفلسطينية في الداخل على اساس جمعي وادارة ثقافية ذاتية. وخير دليل على ذلك هو حراك التجمع وعمله الدؤوب من اجل اعادة تنظيم لجنة المتابعة للجماهير العربية في الداخل وتحويلها من هيئة تنسيقية، كما يريدها البعض ان تبقى الى هيئة منتخبة ذات مرجعية وصلاحيات تستمد شرعيتها من الاقلية الفلسطينية في الداخل. وكلنا يعلم من هو الطرف المعارض والذي يقف حجر عثرة امام تحقيق هذا المطلب الذي تحول من مطلب التجمع فقط الى مطلب عام لمعطم جماهير شعبنا التي تنتقد الأداء الضعيف للجنة المتابعة بسبب تركيبتها الحالية وآليات اتخاذ القرارات فيها.
قضية الوحدة
ان قضية الوحدة هي في صلب برنامج التجمع لكن الأحزاب المنافسة كانت تروج دائما ان التجمع يطالب بالوحدة بسبب عدم ثقته من اجتياز نسبة الحسم. وكانت تراهن على امكانية نجاحه وها هو التجمع قد اثبت للجميع وفي كل الانتخابات السابقة انه قوة سياسية اساسية راسخة، ولا يمكن لأحد بعد اليوم ان يراهن على امكانية نجاحه. من المعروف ان هنالك ثلاث تيارات على ساحة الأقلية الفلسطينية في الداخل: التيار القومي متمثلا بالتجمع الوطني الديمقراطي والتيار الشيوعي متمثلا بالجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتيار الاسلامي متمثلا بالحركة الاسلامية المتحالفة مع مجموعات افراد سمت نفسها حركات وشبه احزاب. وكان يجري الحديث دائما عن تحالف هذه التيارات الثلاث. وفي كل مرة كان يلاقي معارضة من التيارين الشيوعي والاسلامي حيث ان التيار الشيوعي كان يعبر عن عدم موافقته الجلوس مع التيار الاسلامي في قائمة واحدة والعكس صحيح بالنسبة للتيار الاسلامي . بينما كان التيار القومي يوافق دائما على اقامة قائمة تحالفية واحدة او حتى على مبدأ اقامة قائمتين تحالفيتين منفصلتين ولم يعارض ابدا بشكل مسبق الدخول لاحدى هاتين القائمتين وحتى لا يتهم التجمع انه حجر عثرة امام التحالف، فقد اعلن ويعلن اليوم انه لا يعارض في دخول ممثل او ممثلين عن القوى اليهودية الديمقراطية غير الصهيونية من اعضاء الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة لمثل هذه القائمة التحالفية.
قائمة تحالفية عربية
في هذه المرة ايضا نرى التجمع سباقا في اطلاق الدعوة لتشكيل قائمة تحالفية عربية واحدة من خلال بيان مكتبه السياسي قبل بضعة ايام. ان انطلاق هذه الدعوة في هذا الوقت الذي تعطي فيه استطلاعات الرأي للتجمع اربع اعضاء في الانتخابات القادمة يؤكد مرة اخرى ان هذه الدعوة تعبر عن مبدئية ومصداقية التجمع الذي يطلق هذه الدعوة لادراكه مخاطر المرحلة المقبلة حيث تتزايد احتمالات توجيه ضربة عسكرية لايران بالاضافة لتضييق الحصار على غزة والامعان في الاستيطان في الضفة الغربية والاستمرار في التنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وعلى مستوى الداخل نرى المؤسسة الاسرائيلية تمعن في سياسة التمييز العنصري ضد الاقلية الفلسطينية وتعمل على تنفيذ مخطط برافر لتهجير اهالي النقب، هذا المخطط الذي يهدد بنكبة جديدة. بالاضافة للتشريعات العنصرية واهمها قانون طال حيث سيحولون برنامج الخدمة المدنية الى قانون يعاقب من يخالفه من شبابنا.
الحفاظ على الهوية
ان التجمع الذي دعا دائما ويدعو اليوم الى بناء تحالف او تحالفات بين القوى السياسية يفعل ذلك ليس فقط لزيادة التمثيل العربي الوطني في البرلمان فقط بل لأن من شأن مثل هذا التحالف ان يعزز ثقة شعبنا في الداخل بأحزابه السياسية ومعالجة اللامبالاة وظاهرة الامتناع عن التصويت. ومن شأن هذا ان يساهم في تنظيم الأقلية الفلسطينية في الداخل على اساس جمعي وقومي وبالتالي سيساعدنا في معركتنا الأساسية وهي الحفاظ على هوية شعبنا ووجودنا في هذه البلاد.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net