المحامي ناصر إدعى أن بناء الجدار في المنطقة غير قانوني ومخالف للقوانين الدولية التي تسري على الأراضي المحتلة
أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمرًا احترازيًّا يمنع مباشرة أعمال بناء الجدار في قرية بتير وذلك بناءً على الالتماس الذي تقدَّم به مجلس قرية بتير وأهالي قرية بتير بواسطة المحامي غياث ناصر. وتعود حيثيات القضية إلى سنة 2007، حيث أعدّت السلطات الإسرائيلية مخطّطًا لإقامة جدار في محيط القرية وأراضيها الزراعية، وقامت في الآونة الأخيرة بالإعلان عن مصادرة مساحة ضخمة من الأراضي الزراعية من أجل تنفيذ المخطط المذكور وإقامة الجدار. وبحسب مخطط الجدار الذي أعدته السلطات سيتم تدمير عدد كبير من الأراضي الزراعية في المنطقة المعروفة "بالمدرجات الزراعية" للقرية نسبةً إلى شكل هذه الأراضي التي بنيت على شكل مدرجات يقوم أهالي بتير بإستعمالها زراعيًّا.
وتعتبر هذه المنطقة من أجمل المناطق الزراعية في فلسطين، ومنطقة تراث عالمي بحسب المعاهدة الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي، وذلك لما تشتمل عليه من مناظر خلابة، قد صنعتها يد الإنسان والطبيعة عبر مئات السنين، وبسبب الينابيع المتدفقة فيها من خلال نظام ري قديم مستعمَل فيها منذ مئات السنين. هذا وقد حازت هذه المنطقة جوائز عالمية، منها جائزة ميلينا مركوري تحت رعاية منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة. كما دعت منظمة اليونسكو العالمية في المؤتمر الأخير الذي عقد لها في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية في شهر يوليو الأخير جميع الدول الأعضاء في المعاهدة بما في ذلك دولة إسرائيل إلى حماية هذه المنطقة والمحافظة عليها ومنع التعرض لها. كما توجهت منظمة اليونسكو برسالة إلى إسرائيل لمنع إلحاق الضرر بهذه المنطقة وتغيير مسار الجدار المخطط له فيها. هذا وانضمت إلى هذه التوجهات، مجموعة كبيرة من المنظمات التي تعنى بحماية الطبيعة، منها مؤسسة حماية الطبيعة ومنظمة أصدقاء الكرة الأرضية. كما انضمت إلى الأصوات المطالبة بمنع إقامة الجدار في المنطقة سلطة الحدائق الوطنية الإسرائيلية، وهي مؤسسة حكومية، قد اقرّت بالأهمية الخاصة والتراثية لهذه المنطقة.
إتفاقية وقف إطلاق النار
إلا أن توجهات المؤسسات إلى السلطات الإسرائيلية لم تلق التجاوب المطلوب، حيث أعلنت سلطات الجيش في الفترة الأخيرة أنها تنوي المباشرة في أعمال بناء الجدار في المنطقة في القريب العاجل. الأمر الذي دعا أهالي القرية إلى التوجه السريع إلى المحكمة العليا بواسطة المحامي غياث ناصر بالتماس لإبطال مشروع إقامة الجدار الذي يتهدد القرية. وقد ادعى المحامي ناصر أن بناء الجدار في المنطقة، غير قانوني ومخالف للقوانين الدولية التي تسري على الأراضي المحتلة، وينبع من نوايا توسعية للسيطرة على أراضي القرية الواقعة خلف سكة القطار الذي تمر بمحاذاة القرية. وأوضح المحامي ناصر للمحكمة، أنه فضلا عن الأضرار الجسيمة التي سيسببها بناء الجدار في المنطقة، لكونها منطقة تراث عالمي، والأضرار الذي سيسببها لنظام الري القديم فيها، فإنه سيؤدي أيضًا إلى ضم مساحة ضخمة من الأراضي الزراعية التابعة لأهالي قرية بتير الواقعة خلف سكة القطار والتي تبلغ مساحتها ثلاثة آلاف دونم. كما ادعى المحامي ناصر، أن ضم هذه الأراضي إلى إسرائيل مخالف لاتفاقية وقف إطلاق النار التي عقدت في جزيرة رودوس اليونانية في عام 1949 بين الأردن وإسرائيل.
الغاء مسار الجدار
حيث تم الاتفاق في هذه الاتفاقية على أن تبقى الأراضي الواقعة خلف سكة القطار بملكية وحيازة أهالي قرية بتير، الذين استمروا في فلاحتها واستصلاحها بشكل متواصل بعد الاتفاقية ومنذ أكثر من ستين عامًا. وعليه، طالب المحامي ناصر المحكمة، بإلغاء مسار الجدار في المنطقة وإبعاده عن القرية، وطلب من المحكمة إصدار أمر احترازي يمنع مباشرة أعمال بناء الجدار في المنطقة إلى حين النظر في القضية وصدور قرار نهائي فيها. هذا واستجابت المحكمة لهذا الطلب وأصدرت اليوم أمرًا احترازيًّا يقضي بمنع سلطات الجيش من المباشرة في أعمال بناء الجدار في المنطقة إلى حين النظر في القضية. كما وطلبت المحكمة من الحكومة الإسرائيلية، ومن سلطات الجيش الرد على القضية خلال أربعة عشر يومًا. وقد عبر أهالي قرية بتير عن ارتياحهم لصدور هذا القرار، إذ إن سلطات الجيش كانت تنوي المباشرة في أعمال بناء الجدار خلال الأيام القريبة حيث قامت في الأيام الأخيرة بوضع علامات مساحة في الأراضي الزراعية المزمع إقامة الجدار عليها، وذلك من أجل مباشرة العمل.