أشرف هاني الياس في مقاله:
من يعزز روح الانقسام لا يعرف كنيسة الرب
إذا كان عدم قبولنا للحوار معضلة كبرى فإن الأدهى من ذلك هو ادعاء البعض المثالية وتظاهرهم بأنهم يؤمنون باحترام آراء الاخرين
أدعوكم للوحده المسيحية ولحل هذا الخلاف بالطرق السلمية وفقاً لتعاليم كتابنا المقدس وتذكروا رسالة سيدنا يسوع المسيح احبوا بعضكم بعضاً
ما يضعفنا ويهدد مصيرنا فهو إنقسامنا وتشرذمنا وخلافاتنا السياسية التي تجعلنا نربط مصيرنا بمصير أشخاص لا يسعون إلا إلى مصالحهم الخاصة
اسوأ المجتمعات وأكثرها استبداداً هي تلك التي تعلمنا مقطوعة موسيقية واحده لفترات طويلة وتلك التي تفرض علينا لوناً واحداً ونغماً واحداً رتيباً مملاً وتسلبنا حقنا في العيش
لكل شخص في هذه الحياة تصوراته الخاصة في بناء مستقبله وحريته الكاملة المنبثقة من جوهر الانسان في تحديد مصيره واختيارته فالحرية هبة سماوية من رب الامجاد
اثارني المشهد الدرامي الذي نعيشه اليوم عبر صفحات الفيس بوك والمواقع العربية المحلية حيث زاد هذا المشهد من الفجوه اتساعاً وعمل على تعزيز الانقسام الداخلي للطائفة المسيحية
الحوار الفعال يحتاج إلى بيئة صحية ترتكز على قناعة مطلقة في حق الآخرين في عرض وإبداء وجهات نظرهم بعيدا عن التشنج والانفعال وإلى بيئة تحترم العقل وتوفر له الحرية الفكرية
الذاكرة يا إخوتي مثل العاصفة أو الجنون عندما تستيقظ لا أحد يستطيع إيقافها فهي تجرف كل شيء في طريقها بلا رحمة وشفقة، لقد كانت التعقيبات على صفحات الفيس بوك والمواقع العربية في الايام الاخيرة تتزاحم في ذهني الواحدة تلو الأخرى مراوغة أفكاري ورغم أنني أحاول تنظيمها رويدا رويدا ولكنها تتسابق لاعتلاء الذاكرة الحزينة، والقصص التي أحنت دموعي في هذه الايام وسقطت كل الحروف والقيم والحرية والآمال بالوحدة.
التعقيبات المبعثرة
تتلعثم الكلمات في الحنجرة، أصمت. ثم كوردة في مهب الريح أرتعد وأرتجف وأحرك أنين اقلامي الرصاصية، وأنحني ثم أستقيم وتتحرك الأشياء الغامضة في رؤوس اقلامي وأتخيل تلك التعقيبات المبعثرة مثل اللعبة التي تتغير فيها الأشكال باستمرار، ارتعشت أناملي وكأن برودة قاسية دخلتهما فجأة من ارتجاجات تتغلغل في طائفتنا وأغمضت عيناي قليلا لمقاومة دمعاتي والارتجافات التي أرتسمت في المحجرين، واخذت اتذكر تلك العاصفة الآتية مع أول قطرات المطر والتي عصفت الطائفة المسيحية في الايام الماضية بخبر انعقاد مؤتمر لتجنيد الشباب المسيحي في منتصف اكتوبر في مدينة نتسيرت عيليت، بحضور العديد من الشباب المسيحي وبعض الآباء والكهنة المحترمين وبعض الممثلين عن الكشاف المسيحي في اسرائيل. صراحة وبغض النظر عن رفضي او قبولي لفكرة الخدمة العسكرية، أحنيت رأسي خجلاً، أقول هذا وأنا ألملم أحزاني المتعجبة الصغيرة من بين جراحي اللقيطة، فلم أكن اتصور يوماً أن تكون الأمور معقدة على ما عليها الآن. بيانات استنكار وتدخل خارجي وتراشق بالبيانات واهانات علنية عبر الصحف والمواقع وحرمان كنسي، من اعطاكم سلطاناً على كل هذا؟ من يعزز روح الانقسام .... لا يعرف كنيسة الرب.
الخدمة العسكرية حرية اختيار
إن اسوأ المجتمعات وأكثرها استبداداً هي تلك التي تعلمنا مقطوعة موسيقية واحده لفترات طويلة، وتلك التي تفرض علينا لوناً واحداً ونغماً واحداً، رتيباً مملاً، وتسلبنا حقنا في العيش، بمصادرتها خياراتنا وفرصنا في الاختيار والعمل، حيث أن خلق الانسان يرتكز على تحرر الروح والاستقلال في شؤون الحياة والحرية في الاختيار وقد عُجنت الحرية والاختيار والاستقلال مع وجود الانسان، وخلقت مع فطرة الانسان وطبيعته. حيث أومن أن لكل شخص في هذه الحياة تصوراته الخاصة في بناء مستقبله وحريته الكاملة المنبثقة من جوهر الانسان في تحديد مصيره واختيارته، فالحرية هي اصل عقائدي يدخل في اطال العدل الإلهي وهي هبة سماوية من رب الامجاد.
احذروا النقاشات والانقسامات
لقد اثارني المشهد الدرامي الحواري الذي نعيشه اليوم عبر صفحات الفيس بوك والمواقع العربية المحلية حيث زاد هذا المشهد من الفجوه اتساعاً وعمل على تعزيز الانقسام الداخلي للطائفة المسيحية، ليتجاوز ذلك اسس الاحترام من بعض الاشخاص البائسين من خلال تبادل الشتائم والتنابز والمناكفة وإثارة النعرات الطائفية، وأحيانا الى التكفير والتخوين والعمالة وتهم التشدد والتعصب واستخدام مصطلحات تخدش الذوق العام، وأحيانا يتجاوز ذلك بكثير ونجد من يهدد باللجوء إلى العنف من أجل إسكات الآخرين، فإذا كان عدم قبولنا للحوار معضلة كبرى فإن الأدهى من ذلك هو ادعاء البعض المثالية وتظاهرهم بأنهم يؤمنون باحترام آراء الاخرين، رغم أن أفعالهم تخالف هذه الشعارات المزيفة التي يحاولون التظاهر بها، من خلال ازدراء حرية التعبير عن الرأي وبث مفهوم الترهيب الفكري والمعنوي الذي تجاوز كل الحدود المتداول بها، ضاربين لكل من يخالفهم الرأي ولكل الشرفاء الذين يرفضون أن يُمس الحصن المتين الصامد للكنائس المسيحية في الاراضي المقدسة الممثلة برتبة الكهنوت، فهؤلاء الفتات ورغم كل محاولاتهم الفاشلة لن يمزقوا بسهامهم هذه الوحدة ولن نسمح لهم أن ينخروا الجسد المسيحي وأن يزيدوا الشرخ اتساعاً، وسنترك التاريخ يحاسبهم هم والاطر الفارغة التي تتبناهم والتي تتدنى وفقاً لتدني مستوى ابنائها بمجرد وصولهم لهذا الوضع الراهن المأساوي الخالي من شمات الحوار الحر والسليم، فالحوار الفعال يحتاج إلى بيئة صحية ترتكز على قناعة مطلقة في حق الآخرين في عرض وإبداء وجهات نظرهم بعيدا عن التشنج والانفعال، ويحتاج إلى بيئة تحترم العقل وتوفر له الحرية الفكرية حتى نرتقي بحواراتنا إلى مستوى يليق بالمجتمع المسيحي.
المحبة والسلام والطمأنينة
المسيحية هي ديانة جاءت لبناء الانسان في مجتمع تملأة المحبة والسلام والطمأنينة فنحن ثابتون في انتمائنا للبلاد المقدسة وفي ايماننا وروحانية كنائسنا الممثلة بشخص يسوعنا الحبيب. فسلاحنا الحقيقي هو العلم والايمان والثقافة النابعة والمتمسكة بالقيم المسيحية المكللة بالعطاء والتسامح والمحبة وقبول الآخر والنهي عن العنف والحروب، فنحن ملح هذه الارض واصحابها الاصليين وتاريخنا وحضورنا العريق جذوره متصلة في صلب الحضاره العربية صامد لا يتزعزع.
أنا ضد التجنيد وأنا مع التجنيد
بين نعم جازمة من البعض، ولا حازمة من البعض الآخر، تكون قضية التجنيد ورقة انقسام مسيحي داخلي في حضورها وغيابها، وتعود المؤسسات المسيحية الى قلب الانقسام المسيحي جريحة وجارحة، ولكن تذكروا أن ما يضعفنا ويهدد مصيرنا فهو إنقسامنا وتشرذمنا وخلافاتنا السياسية التي تجعلنا نربط مصيرنا بمصير أشخاص لا يسعون إلا إلى مصالحهم الخاصة من جميع الاطراف ولا يفكرون البتة بالوحده المسيحية، تذكروا تلك الهبة الرائعة التي صلّى الربّ يسوع نفسه من أجلها خلال العشاء الأخير قبل آلامه: “ليكونوا كلّهم واحدًا، كما أنت فيَّ، يا أبتٍ، وأنا فيك، ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا، لكي يؤمن العالم أنّك أنت أرسلتني يوحنّا 17، 21 . نحن المسيح القائم من الموت، نحن المسيح المنتصر على الموت والظلم الذي حمله وتألمه نيابة عن الجميع يجعلنا مشاركين في نصره، وهو وحده يمكنه أن ينقذنا من العواقب السلبية المترتبة على انقساماتنا، فالانقسام هنا في فهم المسيح ليس ناتجًا عن شخص المسيح بل عن الانقسام الواقع فى طبيعة الإنسان، بسبب الخطيئة والكبرياء، أدعوكم للوحده المسيحية ولحل هذا الخلاف بالطرق السلمية وفقاً لتعاليم كتابنا المقدس وتذكروا رسالة سيدنا يسوع المسيح، احبوا بعضكم بعضاً.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net