الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 00:02

الدعوات للمقاطعة افلاس والتصويت للأحزاب الصهيونية خيانة/ بقلم: محمد فوزي اغبارية

كل العرب
نُشر: 08/11/12 12:05,  حُتلن: 15:20

محمد فوزي في مقاله:

يداً بيد سنخرج للتصويت فنحن بحاجة لان نصوت .. أن تنير شمعة خيراً من ان تلعن الظلام

التمثيل العربي في البرلمان حق وواجب وطني نضالي مشروع ما دام الجو السائد لمقارعة الاحتلال هو الجو السياسي والمعركة الديمقراطية

كيف لتيارات سياسية ناضجة وليست راديكالية بان تطرح المقاطعة دون طرح البديل ؟ وهل يجوز اصلاً بان تسمى مقاطعة ؟ ام ان مصطلح عريض ك "مقاطعة " يقتصر فقط على البرلمان ؟

احذروا .. ممن يدعون لمقاطعة البرلمان ويخنع في اماكن اخرى فهو لا يعول عليه .ان تمت الوحدة وان لم تتم -لا قدّر الله- فبوصلتنا جميعاً كعرب واضحة ، لا للتصويت للاحزاب الصهيونية ، صوتنا فقط للاحزاب العربية

ترددت صراحةً في أي بئر أدلو بدلوي في مقالي هذا ، فحين دار الحديث عن ائتلاف القوائم الانتخابية العربية توجّسني الخوف وتوقعت انّه ما زال في " أقليّتي " ممّن ينصّبون انفسهم قيادة لها ، اشخاصاً يدركون المُبتغى وأهميته وفي الوقت ذاته ينسفون الوسيلة ، اشخاص، وإن هيمن خطابهم الشعبوي واستقبله الاعلام فلا تلوموا شعبي على انعزاله عن المعترك السياسي .
ماذا تريدون من شعب كفر بامثال التعنت والرجعية ، كيف له ان يؤمن بمصداقية الاحزاب العربية حين تُصبح المناكفات والمزايدات العربية – العربية بارامتر لحملات بعض الاشخاص !

تأجيج الصراعات
معروف حتى عند الرُضَّع سياسياً انه حين يُفلس احد سياسياً فمخرجه فلسفة افلاسه السياسي. تناقلت بعض وسائل الاعلام في الاونة الاخيرة تصريحات السكرتير العام للحزب الشيوعي الاخ محمد نفاع . ونحن في الحقيقة نستهجن ونستنكر مثل هذه التصريحات وننأى بأنفسنا عن الرد عليها ، فمثل هذه التصريحات يسهل الرد عليها. لكننا لسنا من هواة تأجيج الصراعات ولسنا بصدد الدخول في مهاترات صبيانية وسطحيّة مع بقية الأحزاب في خضمّ النقاشات الجارية لوحدة القوائم العربية. لذا ارتأيت ووجدت انه من الافضل توجيه حديثي لابناء شعبي الناخبين ، فهذه بوصلتنا وعلى هذا تربينا وهذه اولويتنا. أبناء شعبي الناخبين. بنات شعبي الناخبات لا تجعلوا للمفلسين اذاناً صاغية بينكم ، فجميعنا متفقين على سلبيات التمثيل العربي بالبرلمان الاسرائيلي، ما ينقصنا الاجماع على ضرورته في هذه المرحلة المفصلية داخل دولة النُظم الكولونيالية.

واجب وطني نضالي
ان التمثيل العربي في البرلمان حق وواجب وطني نضالي مشروع ما دام الجو السائد لمقارعة الاحتلال هو الجو السياسي والمعركة الديمقراطية. يُصبح فقط التمثيل العربي خطاً احمرَ حين نرتقي ونعلو بمعركتنا مع دولة الاحتلال لمنعطف ليس بحاجة لا لبرلمان ولا لسياسيين ، الى ذلك الحين نحن بحاجة لكل منبر ولكل ميدان .  ان الاقلية الفلسطينية في الداخل المغتصبة في حالة تشرذم فكري وثقافي واجتماعي ، فلا يخفى على احد حالنا كاقلية اصلانية ما نعيشه من واقع هزيل لا يحتمل حتى المزاودات ولا النقاشات . لقد اُثقل العقل العربي الفلسطيني بمناقشات سياسية غريبة عن الواقع العربي الذي اعتاده وحتى في سياق معين من الذاكرة التاريخية حيث تمّت عملية اسرلة العقل العربي الفلسطيني بالداخل وتمت المُتاجرة به وزجه في مواضع لاضعافه وافراغه من اسسه وعزله عن محيطه القومي.

عرش " قيادة الجماهير العربية "
بانعزال الاقلية العربية بالداخل عن محيطها القومي وزجها في صراعات سياسية غبية ( اكرر سياسية ولا اقصد عسكرية ) غُيّب دورها في الساحة العربية والعالمية . تقدمت جميع الامم ( طبعاً بوتيرة مختلفة ) وبقيت الاقلية العربية بداخل دولة الاحتلال اكبر همها أي فصيل سياسي سيتمركز على عرش " قيادة الجماهير العربية " . ونسيت ،او تناست، " القيادة العربية " في ذلك الوقت ان جماهير شعبها ما زالت تفرق بين فلسطيني مُسلم وفلسطيني مسيحي ،  لم تدرك الا متأخراً ان الشعب ما زال يتناقش حول ما إذا كانت هنالك أحقية للمرأة بالحديث أم أنّ صوتها عورة! فرنسا تصنع ثورة ، جنوب افريقيا تتحرر ، الهند تستقل ، موريتانيا تعلن دولتها ، مصر يقودها ناصرها ، اقليات عرقية في اوروبا تأخذ حقوقها وعرب الداخل مهمشين كلياً معزولين عن أي تطور استراتيجي اقليمي بل على العكس كانت بعض التيارات السياسية بالداخل تعزف وتلحن وتهلل لاتفاقات الذل والأسرلة.
محوران هامان جداً لعبا دوراً مركزياً في خلق هذه الحالة ، المحور الاول : جو سياسي كئيب عنيف بعيد كل البُعد عن المنظور الإقليمي بعيد كل البُعد عن الديمقراطية بشتى تفروعاتها ادى الى بروز واقعنا هذا.

حجب ثقة الجماهير العربية
هجر الاباء للسياسة مخذولين من واقعهم الفكري/السياسي/المادي وورّثوا الابناء نفسية الانبطاح والهزيمة والهروب . استمرت الاقلية العربية بتعنتها بان " القيادة العربية فاشلة وامر مفروغ منه " وانشغلت بالامور الحياتية للفرد منهزمتاً امام واقع الجهل والتبعثر مُسلمتاً ان شعبنا لا يستطيع قيادة نفسه بنفسه ، شعب قدره ان يعيش تحت الاحتلال . نشأت اجيال عديدة بهذه النفسية، ولم تعطِ انتباهاً انه بالمقابل نشأت تيارات سياسية وطنية شريفة تريد ان تقود دفة الاقلية العربية ونقلها من احضان دولة اسرائيل الى احضان شعبها العربي وفضائها الاسلامي . استغلت بعض الحركات السياسية والدينية ( وهنا افصل المحور الثاني ) هذه النفسية المولودة يتيمة وطرحت افكار " المقاطعة " ، دعت هذه التيارات - والتي لا نشكك بوطنيتها – الى مقاطعة الانتخابات البرلمانية لدولة اسرائيل وهللت وكَبرت لحجب ثقة الجماهير العربية عن الممثلين الشرعين لهم بالبرلمان مستغلة " الوضع الراهن " والمهيأ اصلاً لاستقبال أي خطاب مقاطعة دون المساس بشرعية الاحزاب واظهارها على انها " على خطيئة " !

الاستخفاف بعقول الجماهير
تذاكت هذه التيارات على عقول جماهيرنا بركوب موجة النزوح بالدعوة للمقاطعة وحصر الناتج على انه نتاج التفاف شعبي وجماهيري ايديلوجي، لكن تغابت على انفسها هذه التيارات حين طرحت نفسها لاعتلاء مناصب بالسلطات المحيلة مستغلة ضعف الاحزاب السياسية شعبياً نتيجة لما طرحته سابقاً واضعةً عاطفية شعبنا في مصالحها . وآسَف كل الاسف على من يدعي بأن السلطات المحيلة شيء مغاير تماماً للبرلمان الاسرائيلي ، مبيّنة على ان سخف هذا الادعاء ناتج من الاستخفاف بعقول الجماهير ، كيف لا ونحن نوقن ان السلطات المحلية والبرلمان وجهان لعملة واحدة ؟  وكيف لتيارات سياسية ناضجة وليست راديكالية بان تطرح المقاطعة دون طرح البديل ؟ وهل يجوز اصلاً بأن تسمى مقاطعة ؟ ام ان مصطلح عريض ك "مقاطعة " يقتصر فقط على البرلمان ؟  علمنا المعجم العربي معني كلمة مقاطعة ، علمنا التاريخ النضالي ل ملسون مانديلا كيف هي المقاطعة ، تتلمذنا على ان مقاطعة الاقليات يبتغي نضال وتضحية وعزل الاقلية كاملاً عن دولة الاحتلال والعمل على اقامة حكم ذاتي ، كيف تسول لكم انفسكم بالدعوة للمقاطعة وانتم حتى الان لا تسعون لانتخاب لجنة متابعة عربية ؟ عن أي مقاطعة تتحدثون ؟

شراكة النضال
رفاقنا في التيارات الداعية للمقاطعة ، كنا نفضل ان نتعاون على شراكة النضال كلاً من مكانه دون المساس بشرعية الاخر ، ان من يريد المقاطعة عن مبدأ فكري ايدلوجي من شعبنا ليس بحاجة لكم لتخبروه ، كفاكم فالوضع لا يحتمل.
ابناء شعبي، ان التيارات السياسية واجهت وما زالت تواجه حتى يومنا هذا التحدي وتسعى لابراز المفارقات التي تم تغيبها ، ان مطلبنا هو اعادة الدور الريادي للشعب العربي الفلسطيني للرجوع للوثوق بالعمل السياسي وانتدابها كممثلين لها . فعندما فُقد الرباط التنظيمي السياسي والحزبي بين المؤسسات السياسية وبين الجماهير خسرت جماهيرنا كثيراً واصبح الصوت الحق بيننا للعشائر وللقبلية والطائفية .من هنا وبمراجعة بسيطة جداً لواقع اقليتنا العربية نجد ان اقبال الجماهير وانتسابها للعمل السياسي المنظم وبين الحالة الاجتماعية والرفاهية والفكرية للاقلية هي علاقة طردية . ونجمع جميعاً بضرورة وجود الاحزاب لتنظيم امورنا كأقلية اصلانية على هذه البلاد . من المهم دمج وجهات نظرنا كأقلية في المناقشات السياسية العقلانية وارتباطنا بها يغني عمليات تقييم وتحليل ورصد وتنفيذ مبادرات التنمية المحلية على مستوى الفرد والمجموعة كما يضمن إيجاد حلول محليّة ومستدامة لمواجهة تحدّيّات القادم . ان الاحزاب العربية واضحة ، ونهجها واضح للجميع ، وهي تستحق اعطاءها الثقة لتمثيلنا .

حل القضية الفلسطينية
أبناء شعبي .. ان الجماهير العربية ممثلةً باحزابها البرلمانية ( التجمع ، الجبهة ، الاسلامية الجنوبية ) لا تمتلك الان مفاتيح سحرية لحل القضية الفلسطينية ولا تملك تبشيرات الهية بالنصر ، وهي مجبَرة على اسماع واعلاء كلمة الحق، كلمتنا نحن ابناء الاباء والاجداد ، كلمة تحاكي وتسمع في كل مكان ، كلمة تطرق كل باب يُفتح امامها لتحاول العبور بجسره الى حل او الى رقي بنا كاقلية لنصبح مجتمع حضاري معاصر يرفض الاملاءات الامبريالية والاملاءات الرجعية . شعب له كلمة وله صوت .
وبالنظر الى الوضع الراهن نرى ان التمثيل العربي بالبرلمان الاسرائيلي واستخدامه كوسيلة لا كغاية هو احد تلك الابواب التي يجب طرقها وبقوة لمحاكاة من هم خلف الباب .لربما ننجح ولربما لا ، لكن الافضل استغلال هذا الباب لا الجلوس بالبيت ننتظر فرج السماء .الحاجة لاصواتكم تنبع من حرصنا على تمثيلكم ، فوفقاً للدراسات الرسمية ، اذا ارتفعت نسبة التصويت عند العرب نستطيع الحصول ( قوائم عربية مُوحّدة ) الى ما نسبته عشرون مقعدًا برلمانيّا ، حينها لن يجرؤ لا نتنياهو ولا ليبرمان على سن قوانين عنصرية بحق الاقليات ، فالنواب العرب متحدين مع النواب اليساريين، يستطيعون افشال أي مخطط خطير سينتج عن تحالف اليمين نتنياهو- ليبرمان .

يداً بيد سنخرج للتصويت ..
شراسة الهجمة العنصرية الممنهجة واراء المجتمع الاسرائيلي الحاقد اتجاهنا تسلتزمنا دق نواقيص الخطر والتوحد والالتفاف وراء احزابنا . مخطئ من يظن ان البرلمان الاسرائيلي هو ساحة النضال الوحيدة ومخطئ من يعتبرها أنها هي النضال لا غير ، ولكن انتخابات البرلمان هي جزء من معركة نضالية طويلة ومنبر عالمي واممي للاقلية العربية . ساذج من يعتقد ان التمثيل العربي يُلمع صورة دولة الابارتهايد الصهيوني امام المجتمع الدولي ولا يُدرك ان السلطات المحلية العربية ايضاً يمكن استغلالها للهدف نفسه . اتفق ان هذه احدى سلبيات الحالتان في مقياس طويل لايجابياتهن.  في ظل غياب الدور الريادي للجنة المتابعة فان البرلمان والتمثيل العربي هو المخرج الانجع لمحاكاة معاناة الاقلية العربية دولياً . فالمؤتمرات الدولية لممثلينا امام البرلمانات الاوروبية تشهد على نجاعة هذا المنبر .ان ما يصدر من دعوات للمقاطعة هو حق ايديلوجي وفكري، لكن احذروا .. ممن يدعون لمقاطعة البرلمان ويخنع في اماكن اخرى فهو لا يعول عليه .ان تمت الوحدة وان لم تتم -لا قدّر الله- فبوصلتنا جميعاً كعرب واضحة ، لا للتصويت للاحزاب الصهيونية ، صوتنا فقط للاحزاب العربية ، الدعوات الى المقاطعة من البعض افلاس ، التصويت للصهيونية خيانة ، صناديق مدننا وقرانا لن تُخرج سوى عرباً. يداً بيد سنخرج للتصويت فنحن بحاجة لان نصوت . ان تنير شمعة خيراً من ان تلعن الظلام .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير علي العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.