أبو عمار خاض خلال حياته نضالا وجهادا لا يلين طوال أكثر من نصف قرن على مختلف الجبهات حيث أعاد الحياة لاسم فلسطين ولقضية شعبها في الوعي الانساني
عرفات توفي في 11.11.2004 في مستشفى بفرنسا بعد مرض مفاجىء حيّر الأطباء وتعتقد بعض الجهات الفلسطينية أنه تم تسميمه،وتجرى عملية تحقيق طويلة بشأن موته حتى الآن
يصادف اليوم الذكرى السنوية الثامنة على رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "أبو عمار"، قائد الشعب الفلسطيني ومفجر ثورته الحديثة، وأحد أبرز القادة في العالم خلال القرن العشرين. خاض "أبو عمار" خلال حياته نضالا وجهادا لا يلين طوال أكثر من نصف قرن على مختلف الجبهات، أعاد الحياة لاسم فلسطين ولقضية شعبها في الوعي الانساني، ووضع القضية الفلسطينية على الخريطة السياسية العالمية.
القائد ياسر عرفات
أبدى "أبو عمار" في صغره اهتماما بالشؤون السياسية والعسكرية، إذ كان يجمع حوله رفاقه ويدربهم على المشي العسكري، وكثيراً ما كان يتسلل ويهرب من المدرسة ليذهب إلى الأماكن التي يرتادها رجال السياسة ويشترك في عملية تهريب الأسلحة من مصر ثم تطور دوره بعدها ليصبح مشترياً للسلاح.
إحراق الكتب
وبعد استشهاد القائد عبدالقادر الحسيني في القسطل في العام 1948م اجتمع الطلبة الفلسطينيون في كلية الهندسة في جامعة الملك فؤاد الأول بالقاهرة، وكان من بينهم محمد القدوة المشهور باسم ياسر عرفات وكان حينذاك في التاسعة عشرة من عمره، وقرروا إحراق كتبهم والذهاب إلى فلسطين للالتحاق بصفوف المجاهدين. وصل عرفات وزملاؤه إلى فلسطين في عام النكبة 1948م، وانضموا إلى صفوف المجاهدين وأبلوا بلاء حسنا، ولكن تدخل بعض الجيوش العربية أضعف مقاومتهم وجرّدهم من السلاح فغادر عرفات ورفاقه مضطرين إلى القاهرة مسلوبي الجنسية والهوية، ولكن اليأس لم يكن ليعرف طريقه إليه فحرص على إعداد نفسه وخدمة قضيته وشعبه ورأى أن جهاد شعبه سيتواصل ولا بد من تضافر الجهود وإعداد أبناء هذا الشعب. شرع يدرب الطلاب الفلسطينيين في مصر عام 1954م بعد ثورة يوليو وكان هذا نتاجاً للقائه مع الرئيس جمال عبدالناصر، وكانت تربط عرفات بقادة ثورة يوليو روابط قوية بحكم مشاركته المصريين في معارك القتال ضد الإنجليز. وكان قبلها قد قدّم للرئيس محمد نجيب وثيقة مكتوبة بالدم تطلب منه ألا ينسى القضية الفلسطينية.
الحصار الطويل
وبعد تخرجه في كلية الهندسة أصبح رئيساً لرابطة الخريجين الفلسطينيين، مما أتاح له الاتصال بالفلسطينيين المثقفين في جميع أنحاء العالم. توجه إلى الكويت للعمل مهندسًا، وهناك كانت البداية، حيث أسس هو وخليل الوزير "أبو جهاد" أولى الخلايا السرية لحركة فتح ونشط في ترسيخها وطلب من الرئيس الجزائري أحمد بن بلا السماح بفتح مكتب لحركة فتح في الجزائر. وعقب حرب يونيو 1967م شرع ينتقل بين القدس ورام الله ونابلس ليبني قواعد تحتية للعمل الفدائي. وتولى رئاسة حركة فتح ومن بعدها اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1973م. تنقل بين لبنان والأردن وسوريا ودول أخرى حيث تشرد الشعب الفلسطيني، وقاد معارك لبنان عامي 1978 و1982، وغادر بيروت عقب الحصار الطويل في عام 1982 إلى تونس حيث جعل منها مقرا لمنظمة التحرير، وركز على العمل السياسي لحل قضيته. في العام 1993 وافق على خطة اوسلو، وفي 1994 عاد إلى فلسطين رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في غزة وأريحا.
فتح ضريح عرفات
وفي 11/11/2004 توفي "أبو عمار" في مستشفى بفرنسا بعد مرض مفاجىء حيّر الأطباء، وتعتقد بعض الجهات الفلسطينية أنه تم تسميمه، وتجرى عملية تحقيق طويلة بشأن موته حتى الآن. الى ذلك، كشفت مصادر فلسطينية عن خلافات بين اللجنة الفرنسية للتحقيق في ملابسات وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ونظيرتها الفلسطينية مما قد يؤخر أو يعطل فتح ضريح عرفات. وأوضحت هذه المصادر أن الخلافات تدور حول ما سمته مسائل سيادية بسبب رفض اللجنة الفرنسية الموافقة على اطلاع الجانب الفلسطيني على تفاصيل عملها قبل البدء به. وكانت اللجنة الفرنسية قد أبلغت نظيرتها الفلسطينية ان القوانين الفرنسية تحظر عليها إشراك أي جهة أخرى في أعمال التحقيق. كما أبلغتها اعتزامها التحقيق مع شخصيات فلسطينية مرموقة، وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني. وأوضح مدير مكتب قناة الجزيرة الفضائية في رام الله وليد العمري أنه إلى جانب هذه الأسباب فإن ما أثار استياء الجانب الفلسطيني أيضا، هو أن الفرنسيين ما زالوا يتجاهلون الرد على ثلاثة أسئلة وجهتها اللجنة الفلسطينية للجهات الفرنسية تتعلق بأسباب قيام المستشفى الذي عولج فيه عرفات بباريس بإخفاء عينات تتعلق بعرفات، وكذلك لماذا تجاهلت الجهات الفرنسية إجراء تشريح لمعرفة سبب الحالة المرضية التي وصل لها الزعيم الفلسطيني الراحل. وأما السؤال الثالث فهو لماذا لم تبادر فرنسا لفتح تحقيق مشابه للذي قامت به شبكة الجزيرة الإعلامية، والذي عزز فرضية أن يكون عرفات قد توفي مسموما.
وأشار العمري إلى أن هذه الخلافات قد تؤدي لتأخير فتح ضريح عرفات، الذي كان من المقرر أن يتم في 26 الشهر الحالي. يذكر أن وفدا فرنسيا وآخر سويسريا كان قد عاين قبر عرفات لمتابعة نظرية وفاة الرجل مسموما.