اتهم نقيب المعلمين الأردنيين مصطفى الرواشدة الحكومة بأنها لم تستمع للطيف الواسع من المواطنين بعدم اللجوء لقرارات رفع الأسعار
بدت مدن عدة في الأردن بحالة من الإضراب إلى حد كبير، حيث شهدت مدينة معان حالة من الإضراب أغلقت خلالها الكثير من المحال والدوائر
شهدت مدن إربد والرمثا في الشمال ومناطق أخرى مظاهر للإضراب الذي لم يصل لحالة الإضراب العام والشامل في حين توقفت وسائط النقل العمومي عن العمل بشكل شبه تام في مدينة مأدبا
مديرية الأمن العام أصدرت صباح الأربعاء بيانا أعلنت فيه إصابة عشرة من رجال الدرك وأربعة مواطنين بعيارات نارية في مناطق مختلفة أبرزها السلط، التي ينتمي لها رئيس الوزراء عبد الله النسور
أعلنت نقابة المعلمين الأردنيين عن إضراب عام ومفتوح على إثر قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات، وذلك بعد ليلة ساخنة شهدت أكثر من مائة مظاهرة واعتصام شملت كافة محافظات الأردن ومناطق البادية لأول مرة في تاريخ المملكة، وتخلل العديد منها صدامات مع قوات الأمن والدرك وحرق مؤسسات عامة وإطلاق عيارات نارية.
ووصف بيان صادر عن اجتماع مجلس نقابة المعلمين -النقابة الأكبر في المملكة- صباح اليوم الأربعاء قرار الحكومة بـ"الجائر وغير المسؤول"، معتبرا أنه "يهدف لتطويع المواطنين وإفقارهم"، ودعا المعلمين للمشاركة بالفعاليات الاحتجاجية على قرارات الحكومة، وأكد على ضرورة سلمية التحركات وعدم المساس بالدماء أو الممتلكات ومقدرات الوطن.
احتجاج
واتهم نقيب المعلمين الأردنيين مصطفى الرواشدة -في حديث للجزيرة نت- الحكومة بأنها "لم تستمع للطيف الواسع من المواطنين بعدم اللجوء لقرارات رفع الأسعار". وقال إن هناك رفضا شعبيا عاما للقرار تدل عليه احتجاجات ليلة الثلاثاء، وأشار إلى أن قطاع المعلمين (120 ألف معلم) هم الشريحة الأكثر تأثرا بالقرار.
مظاهر للإضراب
وبدت مدن عدة في الأردن بحالة من الإضراب إلى حد كبير، حيث شهدت مدينة معان حالة من الإضراب أغلقت خلالها الكثير من المحال والدوائر، كما شهدت مدن إربد والرمثا في الشمال ومناطق أخرى مظاهر للإضراب الذي لم يصل لحالة الإضراب العام والشامل، في حين توقفت وسائط النقل العمومي عن العمل بشكل شبه تام في مدينة مأدبا (جنوب غرب عمان). كما بدأ نشطاء في مدينة العقبة على البحر الأحمر إقامة خيمة للاعتصام المفتوح ضد قرارات الحكومة، في حين تم تعليق الدوام في جامعة الطفيلة التقنية وسط دعوات لبدء اعتصام مفتوح أمام دار المحافظة، التي تشهد أبرز الحراكات المطالبة بالإصلاح في الأردن منذ عام ونصف العام تقريبا. وأعاد نشطاء الحراكات الشبابية والشعبية الدعوة للاعتصام في دوار الداخلية ظهر اليوم تزامنا مع دعوات لتحركات مماثلة في مختلف المحافظات، بينما دعت القوى القومية واليسارية "لانتفاضة شعبية ضد الحكومة".
إجتماعات طوارئ
ودخلت قيادة جماعة الإخوان المسلمين باجتماع طارئ صباح اليوم استكمالا للاجتماع الذي عقد حتى ساعة متأخرة من ليلة أمس، وستخرج عن الاجتماع بحسب قيادات بارزة فيه قرارات بفعاليات احتجاجية، وأبرزها بدء فعالية مركزية في عمان ظهر الأربعاء. وقال زكي بني أرشيد -نائب المراقب العام للجماعة- للجزيرة نت إن قرار رفع الأسعار كان "خطيرا جدا" و"نتج عن سوء تقدير سياسي كعادة النظام السياسي في الأردن". واعتبر بني أرشيد التداعيات عقب القرار "أخطر مما توقعت الحكومة، وشكلت ضربة مؤلمة للنظام السياسي والعملية الانتخابية المرتقبة". وحذر القيادي الإسلامي من "الوصول لحالة من العصيان المدني في حال لم تتراجع الحكومة عن القرار"، داعيا لحوار وطني للخروج من الأزمة الراهنة. وتابع "القرار وضع الأردن أمام محطة جديدة يمكن أن تكون لها تدعايات خطيرة، فالأردن اليوم ليس الأردن بالأمس، وما لم يدرك المسوؤلون هذا المتغير فإنهم سيكونون في موقف صعب لا يحسدون عليه".
إصابة رجال أمن
وكانت مديرية الأمن العام أصدرت صباح الأربعاء بيانا أعلنت فيه إصابة عشرة من رجال الدرك وأربعة مواطنين بعيارات نارية في مناطق مختلفة أبرزها السلط، التي ينتمي لها رئيس الوزراء عبد الله النسور. وتحدث البيان -الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه- عن "أحداث شغب وتخريب شهدتها بعض محافظات المملكة مساء أمس وفجر اليوم نتج عنها عشر إصابات بأعيرة نارية بين قوات الدرك، إضافة إلى إصابة أربعة مواطنين بعضهم جراء أعيرة نارية، كما نتجت أضرار مادية متفرقة بعدد من المؤسسات الحكومية والأهلية وعدد من المركبات العسكرية والمدنية وفق آخر الإحصاءات والبلاغات الواردة لغرف العمليات في مديرية الأمن العام". وتحدث البيان عن إغلاق طرق رئيسية عدة في المملكة نتيجة الأحداث من قبل المتظاهرين في الشمال والجنوب والوسط، واتهم من وصفم بالخارجين عن القانون باستغلال الأحداث وحرق محاكم ودوائر حكومية وسيارات وتخريب واجهات بنوك ومؤسسات في مناطق عدة. وكانت قوات الأمن فضت في الثالثة والنصف من فجر الأربعاء بالقوة الاعتصام الذي أقيم في دوار الداخلية واعتقلت عشرات المتظاهرين في حين نقل بعضهم للمستشفيات بعد إصابتهم بجروح ورضوض وكسور، كما اشتبكت مع متظاهرين في الكرك وإربد. وشهدت مدينة السلط محاولة المئات من المتظاهرين الوصول لمنزل رئيس الوزراء عبد الله النسور حيث صدتها قوات الأمن والدرك بالغاز المسيل للدموع لتنتقل الاحتجاجات لوسط المدينة التي شهدت أعمال شغب واسعة.
توجه للتراجع
بدوره اعتبر المحلل السياسي ماهر أبو طير أن الحكومة قد لا تستطيع التراجع عن قرارات رفع الأسعار رغم مشاهد الاحتجاج غير المتوقعة وغير المسبوقة. وقال للجزيرة نت "قد يتم التخفيف من القرارات لكن التراجع لا يبدو خيارا إلا إذا وصل للأردن مساعدات عاجلة"، مشيرا إلى أن الساعات الـ24 القادمة حاسمة، خاصة إن استمرت الاحتجاجات على نفس وتيرة ليلة الثلاثاء. وتحدث مقربون من مطبخ القرار الرسمي للجزيرة نت عن أن الاحتجاجات قد تكون مفيدة لمطبخ القرار الأردني أمام دول الجوار، وخاصة الخليج بأن استقرار الأردن ونظامه باتا على المحك بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة. ولم تخف ذات المصادر إشارتها إلى أن ملك الأردن قد يحسم الموقف باتجاه التراجع عن القرارات رغم كلفة مثل هذا القرار على تماسك وقوة المؤسسة الرسمية أمام الشارع المنتفض، ولا سيما أن التوقعات تشير إلى يوم جمعة غير عادي بالأردن إن استمرت الاحتجاجات على وتيرتها المتسارعة وإذا دخل الإسلاميون على خط الدعوة لعصيان مدني قد يشل البلاد.