الشيخ صابر زرعيني:

المزاح يؤدي إلى الغفلة والمسلم يحتاج إلى قلب حي لا تتسرب الغفلة إليه فيجس صراعه مع الشيطان

يؤدي المزاح حال كثرته إلى قلة الهيبة أو اجتراء السفهاء على المازح كما أنه يسبب شيئاً من الضغينة

بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خُطبة وصلاة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع، حيث كان خطيب هذا اليوم الشيخ أ.عبد الكريم مصري آل أبو نعسه، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك "المزاح"، هذا وقد أمّ في جموع المصلين الشيخ صابر زرعيني، إمام مسجد عمر بن الخطاب. تمحورت الخطبة حول "معنى المزاح هو الدعابة، والمزح نقيض الجد، الأصل في المسلم أن يكون جاداً، إذ لم يخلق في هذه الدنيا للعبث واللعب، والمزاح قد يخرج المرء عن الواجب الذي خلق له، ومن هنا ذم المزاح، إنما ذم لما يؤدي إليه من كذب أو ترويع أو استهزاء أو غفلة عن الله وذكره".

ووضح الشيخ المقصود بالنهي "كما قال العلماء الإفراط والمداومة: الإفراط في المزاح يؤدي إلى كثرة الضحك التي تميت القلب. وفي الحديث عن الترمذي وغيره وفيه فقال: "ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب". فالمزاح يؤدي إلى الغفلة، والمسلم يحتاج إلى قلب حي لا تتسرب الغفلة إليه فيجس صراعه مع الشيطان، فقد أقسم الشيطان على غوايتنا {فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} [ص:83-84]".

مخالفة شرعية
وأضاف الشيخ: "والغفلة هي صفة الكافرين "فويل يومئذ للمكذبين الذين هم في خوض يلعبون". "فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون". "ثم ذرهم في خوض يلعبون". وفي يوم القيامة يقال لهم "ما سلككم في سقر". فكان من جوابهم "وكنا نخوض مع الخائضين". وقد يؤدي المزاح حال كثرته إلى قلة الهيبة أو اجتراء السفهاء على المازح. وقال عمر رضي الله عنه: "من مزح استخف به". وقد يسبب المزاح شيئاً من الضغينة فيكون مذموماً، قال عمر بن عبد العزيز: "اتقوا الله وإياكم المزاح فإنه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح، فحدثوا بالقرآن وتجالسوا به، فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال"". وتابع الشيخ: "ويصبح المزاح حراماً إذا صاحبه مخالفة شرعية: الترويع، الكذب في المزاح، المزاح الذي قد يؤدي إلى الإضرار بالممزوح معه، المزاح الذي تنتهك فيه حدود الله عز وجل".

أساليب المزاح
وبيّن الشيخ من خلال السنة "كيفية المزاح الذي أباحه الشرع من خلال هدى سيد البشرية ومعلمها صلى الله عليه وسلم: "مزاح النبي صلى الله عليه وسلم وهديه في ذلك: جاءت صور كثيرة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمازح أصحابه ويمازحونه، وهذا يفيد إباحة المزاح إذا خلى عن الحرام كالكذب والترويع. ومزاح النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن للعبث أو لمجرد الترويح، بل كان جزء من تربيته لأصحابه: المزاح للتحبب، المزاح للمواساة، المزاح من أجل التربية". كما وعرض الشيخ "صورا من أساليب المزاح من السلف الصالح من الصحابة والتابعين، والأئمة الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين". وفي ختام الخطبة تحدث الشيخ عن "الدافع الذي جعله يتحدث عن هذا الموضوع الغريب عن المنابر، حيث أن الأمر خطير، وهو يتعلق بأولادنا في جميع مراحل التعليم".