شطب الأحزاب العربية /بقلم:محمد دراوشة وأمنون بئيري سوليتسيانو

كل العرب
نُشر: 01/01 10:06,  حُتلن: 10:52

محمد دراوشة وأمنون بئيري سوليتسيانو في مقالهما:

 شطب الأحزاب العربية هو عمل أحمق وسوف يؤول هذا الإجراء إلى خفض نسب التصويت الآخذة بالتضاؤل

الشطب الجارف للأحزاب العربية الكبرى يحمل في ثناياه دلائل تشير إلى محاولة لخلق ديمقراطية تكون حكرًا على اليهود دون غيرهم

حتى إذا أبطلت محكمة العدل العليا ثانيةً شطب الأحزاب العربية فإن الضرر قد وقع – إذ لا يمكن للمواطنين العرب أن يثبّتوا انتماءهم للمجتمع الإسرائيلي

هل يظن أحد أن مصوّتي القائمة العربية الموحّدة – الحركة العربية للتغيير والتجمّع الوطني الديمقراطي سوف يتحوّلون بين ليلة وضحاها إلى صهيونيين فيمنحوا أصواتهم لأعضاء الكنيست الذين بادروا إلى شطب تلك الأحزاب؟

قيام لجنة الانتخابات المركزية بشطب الأحزاب العربية هو عمل أحمق وسوف يؤول هذا الإجراء إلى خفض نسب التصويت، الآخذة بالتضاؤل على أية حال، في صفوف الأقلية العربية، وإلى تقوية تلك الأوساط في المجتمع العربي الداعية إلى الانفصال ومقاطعة الانتخابات، وسوف يعمّق الصّدع الاجتماعي بين اليهود والعرب في إسرائيل.
المشاركة السياسية للأقلية في العملية الديمقراطية هي مصلحةٌ وطنية – يجب أن تستمع الغالبية اليهودية إلى أصوات الأقلية العربية، وأن تدمج المواطنين العرب في الخطاب السياسي، حتى وإن كانت آراؤهم تشذّ عن حدود الإجماع أو تتحدّاه أو لا يتوافق معها غالبية الجمهور اليهودي – على غرار ما يجري بين الغالبية والأقلية عادة.

الشطب الجارف للأحزاب العربية
يجب أن يكون المواطنون العرب جزءا لا يتجزّأ من النقاش العام الذي يتناول قضايا المجتمع الإسرائيلي ويتحدّد فيه مستقبله. الشطب الجارف للأحزاب العربية الكبرى يحمل في ثناياه دلائل تشير إلى محاولة لخلق ديمقراطية تكون حكرًا على اليهود دون غيرهم. ينسجم ذلك على نحو مباشر مع عملية نزع الشرعية عن ممثلي الجمهور العربي المنتخَبين وعن الجمهور العربي عموما، تلك العملية التي لم تعُدْ تنحصر في الإقصاء عن الحيّز السياسي، بل تتعدّاه إلى السعي لاعتماد قوانين تصبّ باتجاه الفصل بين اليهود والعرب في الحيّز الجغرافي ومواقع العمل وغيرها.
ما هي المآرب التي يسعى إلى تحقيقها أعضاء الكنيست اليهود الذين يدعمون إجراء الشطب؟ يبدو أن غالبيتهم تطمح إلى مجتمع خالٍ من العرب. لكن النتيجة التي سيحصلون عليها - إذا لم تبطل محكمة العدل العليا القرار - لن تكون مجتمعا خاليا من العرب، بل برلمانًا تغيب عنه الأحزاب العربية لمجتمع يشكّل المواطنون العرب 20% من مجموع سكانه. النتيجة التي ستنشأ سوف تنعكس في وجود أقلية قومية كبيرة غير ممثَّلة في عملية اتّخاذ القرارات والخطاب السياسي، حتى ولو من مقاعد المعارضة.
هل يظن أحد أن مصوّتي القائمة العربية الموحّدة – الحركة العربية للتغيير والتجمّع الوطني الديمقراطي سوف يتحوّلون بين ليلة وضحاها إلى صهيونيين فيمنحوا أصواتهم لأعضاء الكنيست الذين بادروا إلى شطب تلك الأحزاب؟ من نافل القول إن ردة الفعل لهذا الإجراء ستجد ترجمة لها في الامتناع عن الذهاب إلى صندوق الاقتراع بمقاييس غير مسبوقة.
زد على ذلك، فإن شطب الأحزاب العربية يثبّت مزاعم التيارات التي تدعو إلى مقاطعة الانتخابات في المجتمع العربي، لا سيما جناح الحركة الإسلامية الشمالي.
تشهد قضية المشاركة في الانتخابات نقاشا ملتهبا في المجتمع العربي – فالأطراف التي تدعم المقاطعة تزعم أن التصويت في الانتخابات يمنح الديمقراطيةَ الإسرائيليةَ ورقةَ تين تستر عوراتها، وتهاجم تلك الجهات أعضاء الكنيست العرب على مشاركتهم ديمقراطيةً اصطناعيةً لا يستفيد منها في واقع الأمر إلا اليهود.

الأقلية المعزولة
تمثّل الأحزاب العربية غالبية الجمهور العربي، تلك الغالبية التي تختار سبيل المشاركة الفعّالة في حياة المجتمع الإسرائيلي بما في ذلك السياسية. شطب الأحزاب العربية هو بمثابة رسالةٍ لا لُبس فيها موجّهةٍ إلى تلك الغالبية مفادها أنها غير مرغوب بها، فتدفعها من ثم إلى أذرع الأقلية المعزولة التي تقودها تيارات انفصالية النزعة. يأتي هذا الإجراء في وقت يسعى فيه المجتمع المدني إلى كبح عملية انسلاخ العرب عن الحيّز السياسي، لا سيما على خلفية ما يراه كثيرون من المواطنين العرب، حتى من بين أولئك الذين يؤيدون المشاركة، أن هذه قد فقدت فعاليتها، وأنهم محرومون من المشاركة المنصفة في اتخاذ القرارات. بدل الحديث إلى قلوب العرب والعمل على إبقائهم في الصورة والسعي إلى توسيع مشاركتهم، تعمل هذه القوى السياسية على تحطيم الفرص لإقامة ديمقراطية مصحِّحة تمثّل كافة فئات المجتمع التي تكوّنه.
عُقد مؤخّرا اجتماع حول مائدة مستديرة استضافه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية بالتعاون مع مبادرات صندوق إبراهيم تناول قضية مشاركة الأقلية العربية في الانتخابات. وقد قالت القاضية (المتقاعدة) دالية دورنر في الاجتماع: "يكفي أن أنظر إلى العدد الضئيل من أعضاء الكنيست العرب، عِلْمًا بأن العرب يشكّلون نسبة 20% من السكان، لأقول لشعبي، الشعب اليهودي، إن إقصاء 20% من مواطنيك هو أمر غبي". وقد أكّدت القاضية دورنر في كلمتها على أهمية وجود الأحزاب العربية وعلى حق التعبير التام للمواطنين العرب في الكنيست.
في نهاية المطاف إذا تحوّل المجتمع الإسرائيلي إلى ديمقراطية حكر على اليهود – ديمقراطية غير قادرة أن تشمل أفراد مجموعة الأقلية إلا إذا تضامن هؤلاء مع قيم الغالبية – فسوف يأتي اليوم الذي سيُحنّ فيه إلى أعضاء الكنيست العرب المشاركين في اللعبة الديمقراطية، مع كل ما يضفونه من استغراء عليها.
حتى إذا أبطلت محكمة العدل العليا ثانيةً شطب الأحزاب العربية، فإن الضرر قد وقع – إذ لا يمكن للمواطنين العرب أن يثبّتوا انتماءهم للمجتمع الإسرائيلي إذا كان السبيل إلى ذلك يسير عبر الحصول على فضول محكمة العدل العليا. 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير علي العنوان: alarab@alarab.net
 

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة