رسالة وفاء..... وكلمة عزاء/ بقلم: محمد أبو يونس

كل العرب
نُشر: 01/01 22:32,  حُتلن: 01:49


فجعت يوم الاربعاء مساء(19/12/2012) بوفاة صديق عزيز, انسان نبيل وزميل مخلص, جمع الكثير من الشمائل والصفات الانسانية. انه المربي الفاضل والاخ الكريم يوسف علي بدر بدارنة, الذي وافته المنية بعد مرض عضال صارعه بشجاعة واقدام, الى ان تمكن منه الموت, وخطفه من عائلته الكريمة وزملائه ومحبيه في سخنين وخارجها وهم كثر.


كانت الجنازة المهيبة يوم الخميس, وقد امطرت السماء مدرارا, باكية حزينة على زين الشباب. فأين القطرات التي هبطت من السحاب؟ لقد تغلغل بعضها في التراب, وتصاعد بعضها الى الجو, ولكن يدا خفية ستعود بها من مخابئها , ان لم يكن اليوم فغدا, الى البحر الكبير الذي انفصلت منه. ونحن, من نحن, الا قطرات انفصلت من بحر الوجود الاعظم؟ ومهما تقادمت بها الغربة, لا بد لها من العودة الى البحر الكبير, الى حضن خالقها.
سأتكلم عن راحلنا الغالي طالبا وصديقا وزميلا.


لقد جاء الى المدرسة الثانوية في اواخر السبعينيات من القرن الماضي فتاًَ وسيماً, متوقد الذهن , بهي الطلعة على درجة عالية من الاخلاق والاداب. وفي نهاية الصف التاسع اختار يوسف اختصاصا مهنيا, بالرغم من قدراته العلمية البارزة, والتي مكنته من اختيار اصعب الاختصاصات العلمية. وقد كان الامر مفاجئا لزملائه -وحتى اكون صريحا- وايضا لمعلميه.حيث نظر المجتمع, وما زال, الى الفروع المهنيةعلى انها للطلاب الاقل قدرة علمية. ولكن يوسف اختار ما يريد وليس ما هو متوقع منه, لقد عرف ما اراد وحزم امره. من السهل على المرء ان يسير مع التيار وان يغرد مع السرب, لكن يوسف لم يكن تقليديا فسار عكس التيار وغرد خارج السرب. شجاعة في اتخاذ الموقف وثقة في النفس....وهكذا تكون الرجال.


ودارت الايام ومرت السنون وعاد يوسف الى المدرسة التي تخرج منها زميلا ومدرسا. كانت الجلسة معه لها طعم خاص. محدث لبق , مستمع يأسرك بحسن استماعه, وحتى عندما يخالفك الرأي فبأسلوبه الكيس اللطيف. عمل في اكثر من موقع, واخلص في ادائه, واتقن صنيعه, صفات ورثها من عائلة مشهود لها في هذا المجال. لقد امن انه ليس المهم ان نمشي ولكن الاهم ان نترك الاثر الطيب. وقد ترك يوسف الاثر الطيب في كل مكان.


قبل سنتين قبلت ابنتي الصغرى لموضوع في الجامعة, واشترطت الجامعة تقدمها لأمتحان في مادة الفيزياء. وقد استشرت يوسف في الامر, ووجد من المناسب ان يرى مقرر المادة المطلوبة للامتحان, وما هي الا ساعات, ويأتي يوسف بمجموعة من الكتب, ومئات الاسئلة مع حلولها واضاف قبل ان يغادر:عندما تحتاج ابنتك الى اية مساعدة فأنا رهن الاشارة. قمة الصداقة التي اعطاها المرحوم بعدها الانساني.


كشفت الفحوصات الطبية قبل فترة عن مرض خبيث في جسم فقيدنا. كان الامر بمثابة الصاعقة في يوم صاف له ولعائلته ولمعارفه. ولكنه قرر ان لا مكان للضعف والاستسلام, وان مواجهة المرض بعزيمة ورباطة جأش هي واجب الساعة. كان يحدث عن المرض وعن العلاجات المختلفةالتي يتلقاها. ولكنه كان يحدث عن امور اخرى تخص المدرسة,المجتمع وغيرها من الامور التي تزخر بها جلساتنا. كان يمازح وكان يضحك فكأني به مدرك اجله القريب,اذن:"فليتمتع بالصبح ما دام فيه".
رحمة الله عليك يا يوسف المحبة والوفاء.
فذكراك ستبقى حية في قلبي.
لكم بكيتك....واسفي عليك.

بقلم:محمد ابو يونس
استاذ البيولوجيا في المدرسة
الثانوية على اسم جمال طربيه/سخنين

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة