د.محمد وتد في مقاله :
من الجدير بمواطني دولة إسرائيل العرب ألّا يظلّوا لا مبالين أمام الواقع الصعب الذي يعيشونه
تحاول حكومة إسرائيل أن تقطع صلة هذه الأقليّة بالحديث الجماهيريّ-السياسيّ ويجب العمل على إفشال هذه المحاولة
مقاطعة الانتخابات هي انتصار لموكب الحماقة للجمود السياسيّ لاقتصاد الأغنياء لسحق الطبقة الوسطى ولطمس مكانة الفقراء الذين يُشكّل العرب غالبيّتهم
مقاطعة الانتخابات هي التخلّي عن محكمة العدل العليا التي هي آخر معقل للأقليّات ونقلها إلى أيدي من يدعو إلى إضعافها من الحريٌّ بالمواطنين العرب في الدولة أن يلعبوا دورًا في تصميم الدولة
الامتناع عن التصويت هو تصويت لأحزاب وآراء تُلحق الضرر بالمواطنين العرب في إسرائيل وعليهم ألاّ يسمحوا أن يجعلهم كونهم أقليّة يعيشون في وهم فقوّتـهم ليست في عددهم بل في كونهم قوّة سياسيّة ثابتة ومؤثّرة
إن ما يدفع بعض الشخصيّات العربية للمناداة بمقاطعة الانتخابات أمر يصعب فهمه ويدعو إلى القلق. لقد عانى المواطنون العرب في إسرائيل في أربع السنوات الأخيرة من التشريع الصارم والعنصري، ففرضت الكنيست بدعم من الحكومة موانع قانونيّة على أفعال وأقوال سياسيّة يقوم بها أو يقولها المواطنون العرب في إسرائيل، وجعلتها في بعض الأحيان مخالفات جنائيّة. وقد عاملت الدولة مواطنيها العرب على أنّهم طابور خامس "ليس أهلا للثقة"، وجعلتهم إرهابيين بكل معنى الكلمة.
من الجدير بمواطني دولة إسرائيل العرب ألّا يظلّوا لا مبالين أمام الواقع الصعب الذي يعيشونه، فالأقليّة العربيّة في إسرائيل هي التي ترجّح كفّة الميزان، وترجيح كفّة الميزان هذا هو أمر في غاية الأهميّة في التمثيل الديمقراطيّ. تحاول حكومة إسرائيل أن تقطع صلة هذه الأقليّة بالحديث الجماهيريّ-السياسيّ، ويجب العمل على إفشال هذه المحاولة. ففي الوقت الذي يتباهى فيه معسكر اليمين بتطرّفه، يجب على المواطنين العرب بالذات أن يشحذوا هممهم ويتوجّهوا إلى صناديق الاقتراع ويعبّروا بأعلى صوتهم عمّا لديهم ليقولوه في كلّ ما يخصّهم من جدول الأعمال الاقتصاديّ والاجتماعيّ والسياسيّ والأمنيّ، وقد آن الأوان ليكون لهم دورهم وتأثيرهم.
انتفاضة اجتماعيّة وجماهيريّة
مقاطعة الانتخابات هي انتصار لموكب الحماقة، للجمود السياسيّ، لاقتصاد الأغنياء، لسحق الطبقة الوسطى ولطمس مكانة الفقراء الذين يُشكّل العرب غالبيّتهم. مقاطعة الانتخابات هي مصيبة سياسيّة وأمنيّة معًا؛ إنّها قد تؤدي الى انتفاضة اجتماعيّة وجماهيريّة يقوم بهما مواطنو إسرائيل اليهود والعرب معًا. مقاطعة الانتخابات هي إعطاء الشرعيّة لسيطرة وحكم عائلات الإجرام ولقلّة حيلة الأمينين على أمننا الشخصيّ.
مقاطعة الانتخابات هي التخلّي عن محكمة العدل العليا التي هي آخر معقل للأقليّات، ونقلها إلى أيدي من يدعو إلى إضعافها. من الحريٌّ بالمواطنين العرب في الدولة أن يلعبوا دورًا في تصميم الدولة. إن لم يكن الأمر كذلك فليس لهم إلاّ أن يلوموا أنفسهم. إن لم تجد الأقليّة لها مكانًا في حضن الأكثريّة، فعليها أن تكون مُبدعة ولا تنتظر التعليمات من الأكثريّة. الامتناع عن التصويت هو تصويت لأحزاب وآراء تُلحق الضرر بالمواطنين العرب في إسرائيل؛ وعليهم ألاّ يسمحوا أن يجعلهم كونهم أقليّة يعيشون في وهم، فقوّتـهم ليست في عددهم بل في كونهم قوّة سياسيّة ثابتة ومؤثّرة. يكفيهم ستّون عامًا من النوم في أحضان الطفولة كافية فحانت ساعة النضوج.
* د. محمد وتد- محاضر كبير خبير في القانون الدستوري، كلية القانون، الكلية الأكاديمية صفد.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net