محمد كناعنة في مقاله:
ما دفعني لهذا التقديم لهذه المقالة كونها الحلقة الاخيرة في جهد القرع على جدار خزان المتابعة وللتأكيد أن الامر لم ينتهي هنا
القراءة المقلوبة التي تشهدها ساحتنا تؤدي الى نتائج خاطئة وتُنتِج حتما نصاً ممسوخا حدّ القرف للرواية وهذا ما يستدعي التحرك على مستوى الاقلام كحد أدنى حتى لا نترك التشويه والتزييف سيدا في فضاء تاريخنا ومسيرة نضال شعبنا الطويلة
في اسرائيل كل الاحزاب العربية التي تشارك او شاركت في انتخابات الكنيست الصهيوني لها اعضاء في كنيست "اسرائيل" وليس في المجلس الوطني الفلسطيني وهؤلاء ومن سبقهم ومن يأتي من بعدهم يتلقون رواتبهم ومصروفاتهم من خزينة "دولة اسرائيل"
لماذا هذه الحرب من المزاودات التي تشهدها الساحة الحزبية تحت أي من المسميات كانت ما دام الجميع يقسم ذات اليمين للولاء وما دام رؤساء الكتل العربية يقفون صفأ واحدا في صورة تذكارية في مقر إقامة رئيس دولة "اسرائيل" بعد كل جولة انتخابات
اسوق هذا الكلام هنا من باب وصف حالة معينة ونقدها ونقد الناقدين لها من داخلها وكأنهم خارج اللعبة وأبداً ليس من باب احراج أحد أو بدواعي التهجم على هذه الاحزاب وقادتها شخصيا والتنظيم الذي انتمي اليه نختلف مبدئيا مع هؤلاء في موضوعة الكنيست وما يلفّها ولكنني أعتز أن الاحترام هو سيد الموقف في هذه العلاقة
في جهد النبش في تربة التاريخ، والبحث عن مفاصل التغيير وفواصل الاعاقة، تكون الخربشة على جدار الذاكرة من المهام المنوطة بالنابشين، وأمامهم تنتصب تحديات جمّة في طبيعة التعامل مع المخزون الجمعي وتحويله الى اسئلة جوهرية، استفزازية في احيان عديدة، خاصةً لأصحاب الافكار السطحية والمقولبة انغلاقا على "الصح المطلق" الذي يمتلكونه. والنبش الاستفزازي من اهم عوامل الدافع بإتجاه تعرية المفاهيم البالية والتحريض على النقد والنشر ثم المعرفة ومن ثمة التغيير.
هناك تفاصيل لا عدّ لها ولا حصر قد تم هنا تحييدها، من وصف وفي نقد الحالة السياسية الاجتماعية، هذا التحييد جاء لعدة اسباب، من اهمها أنه لا مساحة كافية لمثل هذه التفاصيل في المقالة الصحفية، وكذا رغبتنا في ترك الامر لمشروع قادم سيكون أشمل، في الوصف والسرد النقدي، وخربشة لتفاصيل مسيرة طويلة ونبش الخفايا، وهذا لا يستثني كاتب هذا السطور ولا التنظيم الذي ينتمي اليه.
نتائج خاطئة
ما دفعني لهذا التقديم لهذه المقالة، كونها الحلقة الاخيرة في جهد القرع على جدار خزان المتابعة، وللتأكيد أن الامر لم ينتهي هنا، وأنّ هذه المهاميز بتعابير المحامي جواد بولص، تستدعي الرد في قراءة صريحة وجريئة للواقع الذي نحيا، ونقد أداء الادوات الفاعلة في هذا الواقع، فالقراءة المقلوبة التي تشهدها ساحتنا تؤدي الى نتائج خاطئة، وتُنتِج حتما نصاً ممسوخا حدّ القرف للرواية، وهذا ما يستدعي التحرك، على مستوى الاقلام كحد أدنى، حتى لا نترك التشويه والتزييف سيدا في فضاء تاريخنا ومسيرة نضال شعبنا الطويلة.
أسرلة!
واستكمالا لرؤيتنا لحالة التزييف في المواقف حدّ العهر، والمزاودة بإتهام احزاب الكنيست – العرب – لبعضها البعض في الاسرلة، او التساوق مع الدولة، او القبول بشرعيتها، (وكلٌ أدرى بنفسه ومطالبٌ بمراجعة لذاته)، ففي هذا الامر وحول ملابساته نقول الآتي:
في اسرائيل – نعم هنا اسرائيل هذه بلا أقواس – كل الاحزاب العربية التي تشارك، او شاركت في انتخابات الكنيست الصهيوني لها اعضاء في كنيست "اسرائيل" وليس في المجلس الوطني الفلسطيني أو الدوما الروسي، وهؤلاء ومن سبقهم ومن يأتي من بعدهم يتلقون رواتبهم ومصروفاتهم من خزينة "دولة اسرائيل"، وحين يكون هناك مس بحقوق احدهم التقاعدية أو الضمانة الاجتماعية أو غلاء المعيشة، فإنهم كـ"البنيان المرصوص"، صفا واحدا (وأقصد هنا كل أعضاء الكنيست عربا ويهودا) ولن نعود الى تفاصيل صغيرة في هذا الأمر حتى لا نزعج الأموات من هزل السيرة، وللمعلومة فقط، إن راتب عضو كنيست عربي لشهر واحد فقط يفوق راتب أكبر متفرغ من أبناء البلد لمدة سنة كاملة.
مزاودات
فلماذا اذا.. لماذا هذه الحرب من المزاودات التي تشهدها الساحة الحزبية، تحت أي من المسميات كانت، ما دام الجميع يقسم ذات اليمين للولاء، وما دام رؤساء الكتل العربية يقفون صفأ واحدا في صورة تذكارية في مقر إقامة رئيس دولة "اسرائيل" بعد كل جولة انتخابات، فالصورة التذكارية الاخيرة شملت كل من: شمعون بيرس رئيس الدولة، بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة، فؤاد بن اليعيزر رئيس الكنيست، نفتالي بنيت زعيم البيت اليهودي، يئير لبيد - يوجد مستقبل، شيلي يحيموفتش زعيمة حزب العمل، اللي يشاي - شاس، تسيفي لفني – حزب الحركة، شاؤول موفاز – كاديما، زهافا جلؤون – ميرتس.. محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية، ابراهيم صرصور – القائمة العربية الموحدة، وجمال زحالقة رئيس التجمع الوطني الديمقراطي.
نهج إيجابي
اسوق هذا الكلام هنا من باب وصف حالة معينة ونقدها، ونقد الناقدين لها من داخلها وكأنهم خارج اللعبة، وأبداً ليس من باب احراج أحد أو بدواعي التهجم على هذه الاحزاب وقادتها، شخصيا ، والتنظيم الذي انتمي اليه نختلف مبدئيا مع هؤلاء في موضوعة الكنيست وما يلفّها، ولكنني أعتز أن الاحترام هو سيد الموقف في هذه العلاقة.. وقد كافحنا، في أبناء البلد لرسم معالم أخلاقية ثورية في العلاقات الحزبية وليس فقط على مستوى القيادة، ولا أنكر أن شوائب عديدة مازالت تعتري العلاقات على مستوى القاعدة ومع بعضهم على كل المستويات، وأتسائل هنا: اليس من الاجدى أن يحل بين هؤلاء الاحترام مكان العداوى، وأن يسود الاتفاق والوفاق بدل الفرقة والتفرقة – يذكرنا هذا الامر بمخاتير وزعماء العائلات قبل عقود، حين كان يلتقي هؤلاء سرا لشرب القهوة والشاي، والطوشة قايمة قاعدة بين عائلاتهم في قراهم، وعند عودة هؤلاء المخاتير الى قراهم يتظاهرون انهم الد الاعداء – لا يكفي أن يلتقي رؤساء الاحزاب والحركات السياسية، لينسقوا مثلا لرفع نسبة التصويت بين العرب (ولا يهم ان كان ذلك تزويرا)، وإنما يجب أن يتحول هذا الالتقاء الى نهج ايجابي في العلاقات الداخلية بين هذه الاحزاب وأذرعها، في الشارع والمظاهرة، في الجامعة وما أدراك ما يحدث بين شباب احزابنا في الجامعة، فُتوّة على بعضهم البعض، زعران من خارج الجامعة لإرهاب الطرف الآخر، طوشات وشتائم لأتفه الاسباب وأمام ناظر الجميع، وكل شيء يرخص، من الجسد حتى العقل، في سبيل حقد أعمى، فهذه الفئة من مجتمعنا، الاكادميين، اللذين يُنظر لهم كأعمدة المستقبل لا يعرفون للحوار مدخلاُ، وما يحدث على ساحتهم ما هو الا انعكاس لثقافة ونهج احزابهم وقادتهم، ولا أستثني أحدا.
موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net