مرضَ أحدُ الأسودِ فأتتهُ الحَيَواناتُ تعودُهُ إلا الثَّعلبُ فلمْ يعُدْهُ ..
تقدَّمَ الذِّئبُ وقالَ للأسَدِ: عافاكَ اللهُ يا قائدَنا الأسد، أتينَا جميعاً لزيارتكَ عدَا صديقِنَا الثَّعلب، ونعتذرُ إليكَ نيابةً عنه فإنَّهُ تكاسلَ عن الحُضورِ لِزيارتِك والسُّؤالِ عنكَ بسببِ انشغَالِهِ بالصَّيْد....
غَضِبَ الأسدُ، وقالَ: ماذَا تقُول ؟ يتكاسَلُ عنْ زِيارتي وينشغَلُ بالصَّيدِ.. حَسَناً .. إنْ جاءَ فأخبرني أيُّهَا الذئبُ فسوفَ يرى مَاذَا سيَحُلُّ به ..
سمعَ القردُ ذلكَ فأسرعَ إلى الثَّعلبِ وحذَّرهُ من القدومِ على الأسَدِ .... وأخبرهُ بما قالََهُ الذِّئبُ للأسدِ، ففكَّرَ الثعْلبُ ثمَّ قال: بل سأذهبُ لزيارَةِ الأسدِ في الحالِ، وسيَرى الذئبُ عاقبةَ وِشايتِه..
أسرعَ الثَّعلبُ إلى الغابةِ واصطادَ طائراً سميناً، ثمَّ حَمَلَه بفكَّيهِ ومَضى إلى الأسَد ، وعندمَا وصلَ إلى عَرينهِ وضع طائرَ الكُركيِّ بينَ يديهِ ..
نظرَ الأسدُ إلى الثعلبِ وسَألَهُ: ما الذي جعلَكَ تتأخَّرُ عنْ زِيارتي يا أيُّها الثَّعلبُ؟
قالَ الثَّعلبُ: أطالَ الله عُمرك أيُّها الأسدُ .... فقدْ كنتُ أتردَّدُ على الأطبَّاءِ أسألُهُمْ عنْ حالَتِك وأستشيرُهمْ في دواءٍ مناسبٍ لك .. فأشاروا عليَّ أن أصطادَ لكَ طائرَ الكركيِّ لتأكُلهُ ثمَّ تأخذَ مرارَتهُ فتدهَنُ بها ساقَ ذئبٍ وتأكلُهَا فإنّكَ تَشفى بإذن الله..
سمعَ الأسدُ ذلكَ فأسرعَ وتناولَ الكُركِيَّ على الفَورِ ثمَّ أخرجَ مرارَتهُ وأكَلَ لحمهُ، فشعرَ بنشاطٍ، فصدَّق الثعلبَ ..
ولما حضرَ الذِّئبُ هجمَ عليه الأسدُ وقطعَ ساقَهُ ودَهَنَ بهَا مَرارَةَ الكركيّ وأكلهَا، فخرجَ الذئبُ وساقهُ تقطرُ دماً وهو يصرُخُ من الألمِ، فمرَّ بالثَّعلبِ فقالَ لهُ: ويْحَكَ يا ماكر ... لمَاذَا فعلتَ ذلك بي ؟! قالَ الثّعلبُ وهُوَ يبتسِمُ للذِّئبِ: يا صاحبَ السَّاقِ الحمراءِ.. إذَا حضرتَ المجالسَ فاحفظْ لسانَك.. واترك الوشَايةَ والنَّميمةَ فإنَّك تنجُو من الأذى والضَّرَرِ بإذن الله ...