غسان سليمان:
بلدة البعينة نجيدات أقامت معسكرا مشتركا مع جارتها من الوسط اليهودي من مدينة طبريا وخلال المعسكر استطاع الطلاب المشاركون كسر الحواجز السياسية العربية اليهودية
نواف حجوج:
باعتقادي أن مثل هذه المناسبات تنمي وتضيف لشخصية الطلاب روح الإنتماء والمحبة وتعلمهم معنى الرياضة والروح الرياضية الحقيقية وأتمنى أن نكثر من هذه المشاريع
فراس المغربي:
أنا سعيد جدا لاستضافتي كضيف شرف لهذا البرنامج الذي أبرز نجاحه في جميع المقاييس وأسعدت جدا عندما تمت دعوتي للمهرجان خصوصا وأني نشأت وترعرعت كلاعب في السابق في مثل هذه المهرجانات
دائما ما كانت الرياضة إحدى أقوى السبل الإجتماعية الداعمة لنبذ الحروب والعنف، وذلك من خلال تعليم اللاعبين المحترفين في مختلف الرياضيات كيفية التعامل بروح رياضية مع المنافسين، كما أن الرياضة بشكل عام عمدت دائما لتفريق السياسة عنها وإلغاء الحواجز السياسية وكسر الحواجز النفسية وهدم شعور الكراهية بين الشعوب المتخاصمة، من خلال إقامة بطولات دولية تجمع أشخاصا من كافة الأجناس والأديان والأعراق. تم طرح مشاريع رياضية كثيرة من أجل التدخل وحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، العربي اليهودي، لتوطيد العلاقات بين سكان الدولة الواحدة، وقد اتضح للألمان أن أفضل وسيلة لحل النزاع هي جمع الطرفين ضمن إطار يجذب الجميع، وكان ذلك الإطار الرياضة وبشكل خاص كرة القدم، فباتت مثل هذه المشاريع تنتشر بقوة في الشرق الأوسط، وتضمنت الرياضة أيضا السلة، التنس، الصحن الطائر، السباحة، الشطرنج، السكيت والتزلج الى جانب كرة القدم.
وكان أبرز المشاريع حتى العام الماضي هو مشروع "كرة القدم من أجل السلام"، الذي حلّ هذه السنة بمسمى جديد "الرياضة من أجل الحياة"، حيث تضمن برنامجا تدريبيا مكثفا لأطفال عرب ويهود من مختلف أنحاء البلاد، توزعوا على معسكرات مصغرة على مدار أربعة أيام، وتدربوا سوية وقضوا وشكلوا فرقا قوية التي تنافست في المهرجان الأخير الذي أقيم مساء أمس الخميس على أرض الملعب البلدي في كوكب أبو الهيجاء، بحضور رسمي وشعبي ثقافي وإجتماعي، حيث كان على رأس الحضور رئيسي السلطتين المحليتين كوكب أبو الهيجاء الممثلة بالأستاذ نواف حجوج، وبئر المكسور الممثلة بالدكتور ياسر حجيرات، إضافة الى نجمي كرة القدم من الوسط العربي في الدرجة العليا أبناء بلدة شفاعمرو، ولاعبي مكابي نتانيا، وفراس المغربي وعلي الخطيب ورئيس رابطة مشجعي الوسط العربي في البلاد ابن الناصرة وليد سندياني، ومفتش لواء الجنوب لؤي بدير، ورئيس الوفد الأردني المشارك طارق الحايك، ومعظم رؤساء أقسام الرياضة العربية.
أجواء تقارب مميزة
تخلل الإحتفال منافسات بين الفرق، والتي أدار عرافتها الحكم نائل عودة. وخلال تكريم الفائزين والمشاركين والمتبرعين كانت العرافة من نصيب الإعلامي المتألق والصحفي اللامع محمد الشيخ خليل، فيما اختتم الحفل بعرضين مميزين، كان الأول عبارة عن رقصة "الواكا واكا" قدمتها مجموعة من طالبات المعسكر، والعرض الثاني كان إطلاق الألعاب النارية إبتهاجا بأجواء الإحتفال. هذا وقد التقى مراسل موقع العرب وصحيفة كل العرب مع أبرز المشاركين في البرنامج، حيث قالت الطالبة الجامعية جوليا، وهي من وفد جامعة "كولن" الألمانية المنتدب للبعثة لتدريب الطلاب: "البطولة تحلت بالروح الرياضية والأخلاق العالية، وهو أحد أهم الأهداف الرئيسية للمعسكر التي تحققت، ونجحنا بعد عمل شاق من الوصول الى هذا الإحتفال المميز". وأضافت: "أكثر ما عمل عليه المدربين على مدار أيام البطولة هو خلق أجواء تقارب مميزة بين الطلاب العرب واليهود، وترسيخ مفهوم السلام في عقولهم، وهو الهدف الأسمى للمعسكر، وأنا واثقة بأنهم في حال استطاعوا الوصول الى ذلك سيبنون مجتمعا قويا متماسكا. ومن أهم الذكريات التي سأحملها معي الى ألمانيا ستكون بالتأكيد أيام التدريبات مع الأطفال، وبرائتهم تجاوبهم مع فكرة التعايش والشراكة، وقدرتهم على التسامح وطيبة قلبهم ومساعدتهم لبعضهم البعض، عربا ويهود".
جانب من الطلاب المشاركين بالفعاليات
هدف سامي
وبدوره صرّح المدرب غسان سليمان، ابن بلدة البعينة نجيدات، لمراسلنا حول أجواء المشروع والمهرجان قائلا: "بلدة البعينة نجيدات أقامت معسكرا مشتركا مع جارتها من الوسط اليهودي من مدينة طبريا، وخلال المعسكر استطاع الطلاب المشاركون كسر الحواجز السياسية العربية اليهودية، وتكوين علاقات وصداقات طيبة ومميزة بأجواء أخوية مميزة تخللتها الروح الرياضية العالية والمحبة والمشاركة والتسامح، وكان معسكرا ناجحا للغاية وعلى مستوى كبير من الإحترافية، وقد أنجزنا خطوة كبيرة نحو الهدف الأسمى وهو بناء جسر تواصل بين أبناء الشعبين نحو سلام عادل وشامل، وهذا يعود بشكل كبير بعد فضل الله سبحانه وتعالى للجهد الكبير الذي بذله المرشدون بالتعاون مع الوفد الأكاديمي الألماني". أما المدرب عمار دلاشه، والذي يشارك لأول مره كمدرب في مثل هذه المشاريع، فقد عبّر عن تفائله وسعادته قائلا: "أنا سعيد جدا لأن الأخ مشهور نجيدات قد انتدبني لتمثيل قرية البعينة في هذا المشروع، خصوصا خلال سفري للمعسكر الإعدادي في ألمانيا الذي سبق هذا المعسكر، حيث عملت ما في وسعي خلال تواجدي هناك لتشريف بلدي خاصة والوسط العربي عامة، وقد تعهدت أمامهم بأن الفريق المشترك البعينة نجيدات - طبريا سيكون في المرتبة الأولى لمنافسات الأخلاق والروح الرياضية العالية، وهذا ما أظهره أبنائنا واستحقوا اللقب عن جدارة واستحقاق".
دعم مادي ومعنوي
وكانت لبنسي هرائيل، مدرب رياضي من طبريا، وجهة نظره الخاصة حول المعسكر حيث أشار قائلا: "أنا من أوائل المشاركين في البرنامج منذ 13 عاما، وـنا من المبادرين في البرنامج بحلته الجديدة الذي يتضمن شراكة مع الجانب الأردني، وقد سافرت الى هناك أكثر من سبع مرات في السنوات الأخيرة لدعم مشروع "كرة قدم من أجل السلام"، وكلي أمل أن تنجح مثل هذه المشاريع بالتأثير على الطلاب المشاركين مستقبلا من أجل العيش بسلام جنبا الى جنب في دولة اسرائيل. المشروع الفردي للألمان انطلق فقط هذا العام ولكن شراكتهم بشكل عام عادت علينا بالفوائد الإيجابية، حيث أنهم قدموا لنا كامل الدعم المادي والمعنوي، واستقبلونا في بلادهم وفي بيوتهم، وأعطونا فرصة العمل بحرية، وذلك يدل على شراكة ناجحة بكل المقاييس".
روح رياضية حقيقية
وعبّر رئيس مجلس محلي كوكب ابو الهيجاء نواف حجوج عن سعادته باستضافة كوكب لهذا المشروع المميز قائلا: "أود أن أشكر كل من ساهم في إقامة مثل هذه فعاليات والبرامج الإجتماعية الرياضية الناجحة التي تثلج الصدر، حيث أن المشروع تميز باستضافة نخبة من خيرة أبناء الوسطين العربي واليهودي. باعتقادي أن مثل هذه المناسبات تنمي وتضيف لشخصية الطلاب روح الإنتماء والمحبة، وتعلمهم معنى الرياضة والروح الرياضية الحقيقية. أتمنى أن نكثر من هذه المشاريع لعلها لا تكون فقط مشاريع تواصل وسلام بل عملية اقتلاع لآفة العنف المنتشرة في وسطنا العربي التي تقتلع أرواح شبابنا زهرة تلو الأخرى، وبحر الدم لا يتوقف، ومن هنا أوجه رسالة لشباب الوسط العربي، اتعضوا بالدين وعودوا الى وعيكم ورشدكم وعقلكم، استعينوا بنا ككبار وكأصحاب خبرة وكأهل، وكفاكم عبثا بأرواحكم وبأرواح الناس، وإن كانت هنالك مشكلة مستعصية الى ذلك الحد نرجوكم التوجه لنا واستشارتنا، ونحن بكل صدر رحب سنجد الحل السلمي المناسب الذي يحفظ كرامة كل إنسان بعيد عن ميادين القتل وشلالات الدماء".
مثابرة واجتهاد
ووجه لاعب مكابي نتانيا، فراس المغربي، نصيحة للطلاب الطامحين للسير على دربه والوصول للإحتراف والدرجات العليا قائلا: "أنا سعيد جدا لاستضافتي كضيف شرف لهذا البرنامج الذي أبرز نجاحه في جميع المقاييس، وأسعدت جدا عندما تمت دعوتي للمهرجان، خصوصا وأني نشأت وترعرعت كلاعب في السابق في مثل هذه المهرجانات، وقد سرح بي التفكير وعادت بي الذكريات الى الماضي الجميل، وأنا واثق أن كل طالب شارك بالمهرجان كان سعيدا بهذه المشاركة، فما يقدم في مثل هذه البرامج في حلتها الحديثة لم نحصل عليه في جيلنا، خصوصا البرامج الترفيهية الثقيفية التعليمية، والسفر الى الخارج وتبادل الزيارات والإطلاع عن قرب على معسكرات اللاعبين العالميين المحترفين. أنا أشاهد الكثير من الشبانالصغار الواعدين أصحاب المواهب، والذين يقابلوني بالإعجاب، ولطالما سألوني عن إمكانية بلوغهم لما بلغته، فكنت أنصحهم بالإجتهاد والمثابرة والمواضبة على التمارين، والحفاظ على أجسادهم ولياقتهم، والإستعانه بمدربين أخصائيين، والذين ينتشرون هذه الأيام بكثرة. وأهم شيء أن يبتعدوا عن العنف والمظاهر البشعة التي نراها في وسطنا العربي، هذا الجرح القاسي الذي لا يندمل، فأنا أبكي بحرقة عند تواجدي مع فريقي عند تصفحي الأخبار وقراءة مصرع فلان ومقتل آخر، حيث ينتابني الرعب على عائلتي وجيراني وأقاربي وكل من أحبهم من أن تطالهم أيادي الغدر. أطلب من الله تعالى أن يرحمنا برحمته ويوقف شلالات الدم البشعة الناتجة عن جرائم القتل والعنف، رحمة ورأفة بأهالي الشبان الصغار".