أحمد ملحم في مقاله:
ما هي نتائج تلك "الرحلات الاستجمامية" التي لقبتموها بزيارات عمل ولقاءات جاليات
هناك ضحك على اللحى وما عدنا نستطيع الصمت والسكوت والتعلق بالأمل فلا أمل لنا من لقاءاتكم هذه ولا نحسدكم طبعا إذا كانت تلك مجرد رحلات استجمامية بحتة وصحتين
لنا طلب وحيد، ألا تسمونها لقاءات عمل من اجل رفع قضايانا بالمحافل الدولية وألا تصفوها بأوصاف اكبر مما تحتمل وعليكم أن تعوا جيدا بأن مجتمعنا ليس ساذجا إلى هذا الحد
منذ سنين، تطالعنا العناوين الملونة بأخبار متلاحقة عن رحلات دولية يقوم بها أعضاء الكنيست إلى جميع أنحاء العالم، توصف على أنها زيارات عمل هامة توهمنا أنها قد تأتي أكلها ذات يوم، لدعم مصالح الشعب الفلسطيني داخل إسرائيل، وحل بعض القضايا المتراكمة والفظيعة، وترانا نقول بان الفرج سيكون قريبا بعد تلك الزيارات.
هناك من يطير بعيدا حتى أن يحط في قلب أمريكا، ويلتقي حسب التقارير الصحفية المصورة بجاليات وقيادات وبرلمانيين وسياسيين وعدد بلا حرج، وما أن تحط طائرته بالمطار عائدة لنا به بسلام، واذا بتلك التصريحات تسبقه إلينا تحت عناوين ثقيلة العيار، نكاد نطير لها فرحا وبه لان الفرج نراه وقد اقترب. ومنهم من يتواضع فيقفز برشاقة إلى رام الله ويلتقي بفلان وعلان من أصحاب السيادة والمعالي والسعادة والفضيلة، "وتعلمون أن رام الله مليانة من أصحاب هذه الصفات"، وأيضا من هناك نلتقي بعناوين وتقارير ليست بأقل مساحة من تلك التي وردتنا من أمريكا تارة، ومن أوروبا تارة أخرى.
الفرج آت
منهم من حزم الأمتعة ليصل إلى الصين واليابان وروسيا وتركيا، وكذلك هو الأمر من هناك، عناوين ومقالات وتقارير حول عظمة الصين ونظافة اليابانيين، ولذيذ طعام الأتراك، ورباطة جأش الروس، وطبعا تلك هي التقارير ذاتها، والعناوين ذاتها. فنقول : إذا ها هو الفرج آت لا محالة، وذلك طبعا بحسب تلك التقارير حول زيارة قام بها النائب العلاني أو النائبة الفلانية.
أما قمة تلك الرحلات تلك التي تحط في دول الخليج وعلى رأسها ست الكل، قطر، عاصمة الخلافة الإسلامية العادلة، التي قد يصلنا منها بعض الفتات من أموال الحرام، ومع هذا نقول ها هو الفرج آت وقريب.
مجتمع غير ساذج
وطبعا فأنا لم أنسَ لقاءات السفراء ونواب السفراء ووكلاء السفارات المصرية والأردنية والتركية وربما "الصومالية". والعناوين ذاتها تشع في وجوهنا من خلال جميع المواقع المحلية، وعددها بالعشرات ما شاء الله، وترانا نكاد نطير فرحا وبهجة لأننا نتأمل بان الفرج آت وقريب.
وبما أننا أصبحنا مجتمعا غير ساذج، إذا لا بد لنا من طرح التساؤلات، وربما المساءلات وربما المحاسبات لؤلائك النواب المحترمين الذين جملوا رحلاتهم وتسميتها "بزيارات عمل" :
1. ما الذي جئتم لنا به من هناك، من شأنه ساهم في حل واحدة من قضايانا العالقة؟؟
2. ما هي نتائج تلك "الرحلات الاستجمامية" التي لقبتموها بزيارات عمل ولقاءات جاليات داعمة لقضيتنا الداخلية في مناطق ألـ48؟
3. ما فائدة ذهابكم إلى ايطاليا ونتائجها؟
4. ماذا حققتم من زيارتكم إلى أمريكا ؟
5. كم هو حجم التبادل التجاري مع الصين ؟
6. أي صفقة عقدتموها مع الروس؟
7. كم هي الملايين التي جئتم بها من قطر؟
8. ماذا لكم مع المصريين؟
9. كيف هي أحوال اليابانيين معنا ؟
10. هل من أجوبة ؟
ضحك على اللحى
صراحة، هناك ضحك على اللحى، وما عدنا نستطيع الصمت والسكوت، والتعلق بالأمل، فلا أمل لنا من لقاءاتكم هذه، ولا نحسدكم طبعا إذا كانت تلك مجرد رحلات استجمامية بحتة، وصحتين على قلوبكم، لكن لنا طلب وحيد، ألا تسمونها لقاءات عمل من اجل رفع قضايانا بالمحافل الدولية، وألا تصفوها بأوصاف اكبر مما تحتمل، وعليكم أن تعوا جيدا، بأن مجتمعنا ليس ساذجا إلى هذا الحد، واعلموا كذلك انه ليس ذلك المجتمع قبل عشرون عاما.
مجتمعنا اليوم تحول إلى مجتمع مثقف ،واع، يمارس السياسة ويفهم أسرار لعبتها جيدا، ولديه من المعرفة والقدرات والثقافة والمعرفة، ما يفوق كثيرا من السياسيين من مختلف الأحزاب السياسية، ويستطيع أن يقرأ المكتوب من عنوانه، ويرى ما بين السطور من النظرة الأولى.
معذرة، فنحن لسنا بسذج.
موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net