بسم الله القوي العزيز الجبار الذي ارسل الينا المصطفى المختار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ضمن سلسلة مقالات حول تصميم المدى الجغرافي للبلاد في العصر ألحديث فيها تطرقنا للحدود الجنوبية والشمالية وهضبة الجولان، بهذا المقال سوف نتطرق حول تصميم الحد الشرقي المشترك مع المملكة الهاشمية الاردنية. ما يميز هذا الحد عن سائر حدود البلاد كونه طبيعي " نهر الأردن " فالحدود الشمالية والجنوبية كلاهما سياسية ( اصطناعية) اي انهما من صنع الانسان.
لمحة تاريخية سياسية لوضع الحد:
حتى عام 1918 سيطرت الدولة العثمانية على ضفتي النهر الغربية والشرقية ولم يضع حد فاصل يينهما، ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وانتصار دول الحلفاء بقيادة فرنسا وبريطانيا وتقسيم الشرق الاوسط بينهما خلال " اتفاقية سايكس – بيكو 1916" بدأ الحكم البريطاني على ضفتي النهر وبعد اتفاقية سان ريمو 1920 بدأ الحكم المدني البريطاني على ضفتي النهر. الضفة الغربية للنهر الاردن خضعت بشكل مباشر للحكم البريطاني الذي قسم البلاد لألوية (حيفا –القدس – يافا- بئر السبع –غزة-والجليل والسامره ) تحت اشراف للمندوب السامي. اما ضفة النهر الشرقية فكان الوضع يختلف، فقد تم تعيين الامير عبد الله احد ابناء الشريف حسين حاكماَ عليها كإرضاء للشريف حسين الذي اعلن الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية بعد اتفاقه مع بريطانيا (مراسلات الشريف حسين-مكماهون) التي وعدت الشريف بدولة عربية مستقلة مقابل الثورة، هذه الوعود لم تتحقق واكتفت بريطانيا بتعين فيصل على سوريا وعبد الله على شرق النهر.ومنذ عام 1921 تحول شرقي نهر الاردن الى امارات الاردن تحت حكم الامير عبد الله وغربي النهر تحت حكم المندوب السامي ألبريطاني، مما اوجب وضع حد فاصل بين شرقي وغربي نهر الاردن فتم اختيار جزء من نهر الاردن من بحيرة طبريا حتى خليج ايلات كخط طبيعي فاصل بين ضفتي النهر.
تحولات بمسار الحد والحضارة:
لم يطرأ على الحد الذي وضعته بريطانيا بين ضفتي النهر تغير حتى عام 1948، عندما استطاع الامير عبد الله احتلال قسم كبير من جبال السامره ( نابلس ) ويهودا (القدس) وضمها لحدود المملكة الاردنية. جراء ذلك اصبح الحد بين اسرائيل والأردن اصطناعياَ وله طابع حضاري جديد على المدى الجغرافي لبلادنا من ناحية تسمية بعض البلدات والمناطق ألجغرافية، فقد ظهر اسم الضفة الغربية لأول مرة على جبال السامره ( نابلس) وجبال يهودا (القدس) فالحد الفاصل بين الاردن وإسرائيل اصبح من منطقة المثلث الشمالي "وادي عاره " حتى الخليل وقسم من البحر الميت ،فأصبحت جبال السامره ( نابلس) وجبال يهودا (القدس) مناطق نفوذ اردنية عبر نهر الاردن لهذا اطلقت عليها الحكومة الاردنية اسم " الضفة الغربية ".
من ناحية اخرى مر مسار الحد داخل بعض بلدات العربية وقسمها لنصفين مما أظهر اسماء بلدات جديدة مثلاَ : باقة، الغربية في اسرائيل والشرقية في الاردن – برطعة، الغربية في اسرائيل والشرقية في الأردن - القدس، الغربية اسرائيل والشرقية في الاردن.
وفي عام 1967 استطاع الجيش الاسرائيلي احتلال الضفة الغربية وإعادة نهر الاردن مرة اخرى ليكون حد فاصل بيين ضفتي النهر، هذا الحد اصبح ثابتا ومتفقا عليه عام 1994 عندما تم التوقيع على معاهدة السلام وادي عربا بين اسرائيل والأردن .هذه الاتفاقية وضعت نقاط الحدود على المدى بشكل واضح ونهائي، بحيث اصبح الحد كما هو علية اليوم:
أ- نهر اليرموك بين هضبة الجولان التي احتلت عام 1967 وانضمت بشكل نهائي للأراضي الاسرائيلية عام 1981.
ب- غور الاردن من سهل بسان الجنوبي حتى بحر الميت.
ج- البحر الميت.
د- وادي العربا حتى خليج ايلات.
غور الاردن مؤقت والعربا ثابت
بمعاهدة السلام تم الاتفاق على نهر اليرموك وبحر الميت ووادي عربا كحدود متفق عليها وثابتة اما مسار الحد من سهل بيسان حتى البحر الميت لم يتم الاتفاق علية بشكل نهائي والسبب أن الحكومة الاردنية تريد أن تتفق مع احد الاطراف من الجهة الغربية للنهر فحتى اليوم هنالك نظاميين يديران الجهة الغربية وهما السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية. لذلك لا يمكن اتفاق على حد مشترك لشركيين من الطرف الاخر.لهذا تم السماح للإسرائيليين السفر للأردن فقط عبر جسر الشيخ حسين قرب بيسان كمنطقة متفق عليها من قبل الدولتيين، اما الفلسطينيي فسمح لهم السفر للأردن عبر جسر الملك حسين ( اللنبي) وهو معبر يخضع لمراقبة ثلاثية من قبل الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية والسلطات الاسرائيلية.
للختام:
الحد الفاصل بين بلادنا والمملكة الهاشمية الاردنية صمم عبر التاريخ الحديث بقرارات سياسية خارجية التي وضعت مسار الحد على المدى. هذا الحد يختلف عن غيرة من حدود الدولة كونه طبيعي، بالإضافة الى اختلاف نوعية الحد نفسه، فقد نجد ان قسم منة ثابت كوادي عربا والأخر متغير كغور الاردن، تاريخ تصميم الحد شهد تغيرات عديدة بحضارة ضفتي النهر وخاصة بظهور الضفة الغربية وأسماء جديدة للبلدات العربية بمنطقة المثلث.
الحمد لله التي بنعمته تتم الصالحات.
موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net