الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 04:01

سوريا..سيناريوهات الحسم/ بقلم: إبراهيم خطيب

كل العرب
نُشر: 03/06/13 17:45,  حُتلن: 18:46

إبراهيم خطيب في مقاله:

يبدو أن تدخل "حزب الله" الأخير في سوريا ومشاركة قواته بشكل علني في القصير بدأ يزيد من حدة التوتر والحديث الكبير عن مؤتمر جنيف 2 وما يمكن أن يتمخض عنه كل هذا يجرّنا إلى وضع بعض السيناريوهات لمستقبل ما يحدث في سوريا

السيناريو الأول يتمثل في إمكانية حدوث حل سياسي بين الأطراف المختلفة في سوريا تكون عرّابتاه روسيا والولايات المتحدة وهذا الحل سيكون حصيلة إرادة الطرفين في وقف النزيف في المنطقة

السيناريو الثاني انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية وما يثير ويصعّد من إمكانية حدوث أمر كهذا هو تدخّل "حزب الله" العلني في القصير والتوتر القائم إثر ذلك في سوريا ولبنان

السيناريو الثالث استمرار الواقع على الأرض كما هو - أمر وارد وخصوصًا مع موازين القوى في المنطقة ومحاولة المحافظة عليها وأن يكون الحسم على الأرض هو سيد الموقف وبذلك ستستمر معاناة السوريين

السيناريو الرابع يمكن أن يزداد الدعم الغربي للمعارضة السورية في ظل رفع المنع عن تزويدها بالسلاح وأن يكون دعم بصواريخ وآليات نوعية خصوصًا بعد الزيارة الأخيرة لـ"ماكين"

ما يمكن تأكيده هو أن الجميع في الغرب والشرق والمؤسسة الإسرائيلية لا يريدون مصلحة سوريا أو السوريين ولا يسعون لذلك وإنما لتثبيت مصالحهم في المنطقة

يبدو أن الأحداث في سوريا تتسارع بوتيرة كبيرة، تؤثر على المنطقة برمتها وعلى الوضع العالمي وموازين القوى الإقليمية والدولية. يبدو أن تدخل "حزب الله" الأخير في سوريا ومشاركة قواته بشكل علني في القصير ومحافظات سورية أخرى حتى حلب، إضافة إلى تدخل شبه مكشوف لجنرالات إيرانيين وميليشيات عراقية كذلك في المواجهة القائمة الآن بين نظام بشار الأسد وبين السوريين بدأ يزيد من حدة التوتر، وأكثر من ذلك هو الهجوم الإسرائيلي على مواقع داخل الأراضي السورية وقول الإيرانيين والسوريين إن أي تدخل آخر يمكن أن يفتح جبهة الجولان، كما أن زيارة "ماكين" لمعاقل المعارضة وحديثه عن إمكانية تسليحها بدون وصول الأسلحة لمنظمات "متطرفة"، وفق تعبيره.

وأخيرًا الحديث الكبير عن مؤتمر جنيف 2 وما يمكن أن يتمخض عنه (إن عقد)، ورفض المعارضة بقاء الأسد في السلطة، علمًا أن وزير خارجيته أكد أنهم قادمون إلى جنيف دون قيد أو شرط وأن بشار باقٍ في السلطة إلى 2014، ومن الممكن أن يرشح نفسه، كل هذا يجرّنا إلى وضع بعض التصورات والسيناريوهات لمستقبل ما يحدث في سوريا، هذه السيناريوهات يمكن أن تكون متتالية أو أن يحدث قسم منها وفق تطور الأمور. كل هذا يمكن أن يحدث ما لم يطرأ تغير دراماتيكي يقلب الموازين.

حل سياسي
السيناريو الأول، يتمثل في إمكانية حدوث حل سياسي بين الأطراف المختلفة في سوريا تكون عرّابتاه روسيا والولايات المتحدة، وهذا الحل سيكون حصيلة إرادة الطرفين في وقف النزيف في المنطقة، وكذلك لعدم جر المنطقة لحرب إقليمية تستنزف الجهود وتُخلّ بتوازن المصالح والقوى في المنطقة، هذا الحل سيكون من الصعب تحقيقه، وإن كانت هناك محاولات من خلال مؤتمر جنيف 2، ولكن يبدو أن العثرات في الطريق كبيرة، خصوصًا أن المعارضة السورية على الأرض لن تنصاع بشكل مباشر لاتفاق مباشر، كما أن الأسد لن يقبل بسهولة التنازل عن الحكم، أو على الأقل السيطرة في سوريا من خلال أدواته.

حرب إقليمية
السيناريو الثاني، انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية. وما يثير ويصعّد من إمكانية حدوث أمر كهذا هو تدخّل "حزب الله" العلني في القصير والتوتر القائم إثر ذلك في سوريا ولبنان، وهنا يمكن أن تكون لبنان منطلقا لحرب أهلية على غرار الحرب الأهلية التي شهدتها في سنوات خَلَتْ، إذا ما تطور الخلاف الحاد والانقسام بين القوى اللبنانية حول الشأن السوري إلى تسلح ومواجهة علنية، كما أن التدخل الإسرائيلي وضرب مستودعات الصواريخ السورية واستمراره يمكن أن يجر سوريا إلى محاولة جس النبض الإسرائيلي من خلال محاولة تصدير الأزمة إلى الخارج.
السيناريو الثالث؛ استمرار الواقع على الأرض كما هو - أمر وارد، وخصوصًا مع موازين القوى في المنطقة ومحاولة المحافظة عليها، وأن يكون الحسم على الأرض هو سيد الموقف وبذلك ستستمر معاناة السوريين أمام فوهات المدافع ويبدو أن هذا سيطول.

دعم غربي للمعارضة
السيناريو الرابع، يمكن أن يزداد الدعم الغربي للمعارضة السورية في ظل رفع المنع عن تزويدها بالسلاح وأن يكون دعم بصواريخ وآليات نوعية خصوصًا بعد الزيارة الأخيرة لـ"ماكين"، الذي حاول، كما يبدو، فحص الواقع السوري، وهل بالفعل يمكن أن تصل الأسلحة إلى قوات جهادية قد تستعملها ضد المؤسسة الإسرائيلية، ورفع الحظر الأوروبي لتوريد الأسلحة إلى المعارضة، هذا الوضع يمكن أن يساعد في تقدم الثوّار بشكل جيد على قوات النظام، ولكنه في نفس الوقت سيصعّد ويزيد من الدعم الروسي - الإيراني للنظام، ومجددًا نعود إلى دوامة تصعيد الصراع.
السيناريو الخامس، فرض قوة الأمر الواقع والتوازنات الإقليمية؛ هناك إمكانية -ولو كانت ضئيلة- لبقاء الأسد في السلطة حتى عام 2014، ومن ثم الإعلان عن عدم خوضه الانتخابات مجددًا، وإجراء انتخابات تفضي إلى وجوه سياسية جديدة تكون الأطراف الدولية راضية عنها وَتُوفِق بين المصالح المختلفة في المنطقة وتحفظ وجود المتورطين في جرائم الحرب من كبار السياسيين، فيما تقدم قرابين من صغار السياسيين والعسكريين على هذه الجرائم. وتلتزم سوريا الجديدة ببقاء القواعد العسكرية الروسية وتحفظ أمن تل أبيب... فيما تلتزم الأسرة الدولية بإعادة ترميم البلاد، وفي هذا السيناريو المتوقع يكون التيار الإسلامي بكل توجهاته خارج المشهد، وهو ما سيرضي الاتحاد الأوروبي وواشنطن وطبعًا روسيا والصين والمؤسسة الإسرائيلية.

مصلحة سوريا
ما يمكن تأكيده هو أن الجميع في الغرب والشرق والمؤسسة الإسرائيلية لا يريدون مصلحة سوريا أو السوريين ولا يسعون لذلك وإنما لتثبيت مصالحهم في المنطقة. كما أن المؤسسة الإسرائيلية بشكل خاص تريد إضعاف سوريا وإنهاكها، لكنها قادرة على السيطرة على الحدود مع الجولان. كيف يمكن أن تسير هذه السيناريوهات؟ وكيف يمكن أن تترجم الإرادات والمصالح المختلفة؟ هذا ما سيحدده تطور الأحداث على الأرض، ولذلك يتصاعد احتدام المعارك ومحاولة كسب النقاط في الميدان.

*إبراهيم خطيب – باحث سياسي في مركز الدراسات المعاصرة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.