أبو وهيب في مقاله:
معجزة الإسراء والمعراج ما هي إلا تقديس لعبده محمد صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا حين غُسل بماء زمزم وأودع في صدره الإيمان والحكمة
استهل الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء (سبحان) التي تعطي الإنسان طاقة قوية تبعد عنه كل شبه المقارنة التي تأتي بين قانون المادة الأرضي البشري وقانون السماء من الله تعالى . ومعنى سبحان الله أن الله منزّه في ذاته وفي صفاته وأفعاله. فإذا صدر فعل قال الله تعالى (سبحان)بقوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير). الله عز وجل هو الذي أسرى بعبده محمد روحا وجسدا صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى الذي هو مبارك حوله من الله تعالى. اختار الله عزّ وجل لفظا يعطي حيثيته تلك التجربة وهو (بعبده) ثم بيّن سبب الإسراء والمعراج (لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير).
القدرة الإلهية
الله تعالى هو الذي نقل رسوله صلى الله عليه وسلم روحا وجسدا هذه النقلة العجيبة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ثم إلى السماوات العلى في البرهة الوجيزة ليفتح قلبه على آفاق عجيبة في هذا الوجود وهذا الكون. ليكشف كل الطاقات المخبئة في كيانه صلى الله عليه وسلم وعن الاستعدادات الدينية التي يتهيأ بها لاستقبال فيض القدرة الإلهية التي كرمّه الله بها وفضّله على كثيرا من الخلق تفضيلا أنه هو السميع البصير. الفعل والأمر منه سبحانه وتعالى لهذا يجب أن يُلغى قانون البشرية، الله عز وجل هو الذي أسرى بعبده فالأمر أمره ومحمد صلى الله عليه وسلم هو المأمور المصاحب للبراق. هو المنّفذ والمأمور، ولو قيست المسافة زمانها بنسبة القوة لوجدنا أن المسافة تتناسب مع القوة مهما طالت لأن القوة من الله تعالى.
آيات المعراج
فيتلاشى الزمن مع هذه القوة الخارقة. وفي آيات المعراج التي تتحدث في أول سورة النجم يقسم الله تعالى بالنجم إذا هوى أي أن محمد صلى الله عليه وسلم ما عدل عن طريق الحق وما اعتقد باطلا وما يصدر نطقه فيما يتكلم به من القرآن وأمور الدين عن نفسه فما هذا كله إلا وحي من الله يوحي إليه علّمه هذا الوحي ملك شديد القوى، ذو حصانة في عقله ورأيه ليستقيم على صورته وهو بالجهة العليا من السماء. وهذا يكمن بقوله تعالى : (قل إنّما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ), جبريل عليه السلام قرّب منه فزاد في القرب حتى إن كان قاب قوسين أو أدنى فأوحى جبريل إلى عبده صلى الله عليه وسلم ما أوحى، أمر عظيم القدر، بعيد الأثر، وما أنكر فؤاده صلى الله عليه وسلم ما رآه بصره. أتكذبون الرسول صلى الله عليه وسلم وتجادلونه على ما يرى؟ صلوات ربي وسلامه عليك يا رسول الله أيّها الصادق الأمين والبشير النذير.
معجزة الإسراء والمعراج
إن هذا التفصيل كلّه في سورة النجم في كتابه العزيز وكذلك رُوي عنه صلى الله عليه وسلم انه قال :"فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل عليّ جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست أي وعاء من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا إلى آخر الحديث... هناك لفرضيّة الصلاة كافة للعالمين.
والحكمة من فرض الصلوات الخمس لله تعالى إن معجزة الإسراء والمعراج ما هي إلا تقديس لعبده محمد صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا حين غُسل بماء زمزم وأودع في صدره الإيمان والحكمة. ومن شأن الصلاة أن يتقدمها الطهور تناسبا من الحديث نفسه لتكون شرطيّة الصلاة: الطهارة، حتى تكون الصلاة إعانة للمرء على التكاليف الشرعيّة الأخرى لأن الإنسان هو من صنع الله عز وجل.
صنع المعجزات
لذلك يجب أن نعلم أن كل صنعة تقف أمام صانعها خمس مرات لا بد لها أن تكون على أطهر حال وعلى أوفى شيء، ليستمدّ هذا العبد العون من ربّه ليقف أمام صانعه الخالق سبحانه وتعالى حتى يصلحه ويهديه ويقويّه على الاستقامة وأداء الواجبات الدينية الأخرى. لتغيب الهموم وتستريح بها العقول وتطمئن بها القلوب ألا وهي الصلاة، كما كان يقول صلى الله عليه وسلم لبلال بن رباح : (أرحنا بها يا بلال) ليتحقّق الأجر المضاعف وهو بخمسين صلاة والفرض خمس صلوات وهذا من فضل الله علينا خمس صلوات والأجر بخمسين. صلوات ربي وسلامه عليك يا رسول الله يا من بلّغت الرسالة وأدّيت الأمانة ونصحت الأمّة وكشفت الغمّة وتركتها على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها ألاّ هالك.
أسأل الله أن يجعلنا جميعا من المصلين ومن المأجورين بخمسين آمين...آمين.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net