بشار الأسد:
سوريا في طريقها إلى تجاوز عنق الزجاجة التي حُشِرَتْ فيها خلال السنتين الماضيتين
إعلان فتح جبهة الجولان أمرٌ جدِّيٌّ تماما؛ لكنَّهم لا يفكِّرون في مقاومة شكلية إستعراضية تطلِق من حينٍ إلى حين بعض القذائف البدائية العشوائية على العدوّ وتترك زمام المبادرة والفعل الحقيقيّ له
نقلت صحيفة "الاخبار" اللبنانية،عن الرئيس السوري بشار الاسد بأنَّ "سوريا في طريقها إلى تجاوز عنق الزجاجة التي حُشِرَتْ فيها خلال السنتين الماضيتين، وأنَّ هذه اللعبة اللئيمة التي لعبها الغرب وأتباعه معها، أصبحتْ في خواتيمها. فالدول الغربية، بخلاف ما تُظهِر، أصبحت، الآن، تتسابق لتقدِّم له، من تحت الطاولة، عروضاً مغرية تسعى من خلالها إلى ضمان حصص شركاتها في مقاولات إعادة الإعمار وإستخراج النفط والغاز اللذين اكتُشِفَتْ إحتياطات هائلة منهما في الساحل السوريّ".
وكشف الاسد، بحسب "الاخبار"، إنَّ "البنك الدوليّ نفسه - وهو لا يتحرَّك من دون مشيئة الولايات المتَّحدة وإذنها - قدَّم له عرضاً "سخيّاً" لمنحه قرضاً قيمته 21 مليار دولار، بشروط ميسَّرة، مبدياً (البنك) رغبةً ملحَّةً في تمويل مشاريع إعادة الإعمار. وكلّ ذلك من طريق عرَّاب الخصخصة الشهير في سوريا، عبد الله الدردريّ. لكنَّه رفض هذا العرض جملةً وتفصيلاً. واتَّخذ قراراته النهائيَّة بالنسبة إلى عروض إعادة الإعمار كلّها".
التعامل مع الدمار
وأوضح الرئيس الأسد أن "ما يشغل تفكيري الآن، أكثر من سواه"، كما قال، هو التعامل مع مرحلة ما بعد الحرب؛ وخصوصاً، كيفيَّة التعامل مع هذا الدمار الواسع الذي حلّ بمناطق مختلفة من البلاد، وكيفيَّة مداواة جراح الناس الذين فقدوا أحبَّاءهم في الحرب، وبعضهم تشرَّد، وبعضهم الآخر خسر بيته أو مصدر رزقه أو ثروته... إلخ". لكنَّ قلقه الأكبر يتعلَّق بنوعٍ آخر من الدمار حلَّ بسوريا وبالبلاد العربية الأخرى، هو إستشراء داء الطائفية والمذهبية على نحوٍ مَرَضيّ؛ الأمر الذي يمثِّل خطراً داهماً على وجود الأمّة وكيانها ومستقبلها. وبالتالي، يجب العمل بجدّية لمواجهته واجتثاثه.
فتح جبهة الجولان
وفي ما يتعلَّق بإعلان فتح جبهة الجولان؛ قال الرئيس الأسد إنَّه "أمرٌ جدِّيٌّ تماماً؛ لكنَّهم لا يفكِّرون في مقاومة شكلية إستعراضية تطلِق، من حينٍ إلى حين، بعض القذائف البدائية العشوائية على العدوّ، وتترك زمام المبادرة والفعل الحقيقيّ له، بل مقاومة مدروسة، ومعدّ لها جيّداً، ومتواصلة، ومؤثِّرة، وتحرص دائماً على إمتلاك زمام المبادرة، وترسم ميدان الصراع على نحوٍ يخدم كفاحها ويضرّ بعدوِّها، كما هو شأن المقاومة التي خاضها حزب الله في جنوب لبنان".
لا ينسى الرئيس الأسد أصدقاءه؛ حيث قال إنَّه "منح حقّ إستخراج نفط الساحل السوري لشركةٍ روسية"، مؤكِّداً ثقته التامَّة بأنَّ الروس لن يغيِّروا موقفهم من بلاده؛ لأنَّهم في الحقيقة يدافعون عن أمنهم الإستراتيجي ومصالحهم الوطنيَّة اللذين كانا سيتعرَّضان للخطر لو تمكَّن الغرب وأتباعه من وضع يدهم على سوريا. وأوضح أنَّ الروس لم يحاولوا، مع ذلك، في أيّ مرحلة من مراحل الصراع، إملاء أيّ موقف على بلاده، وأنَّهم حتى عندما كانت تتشكَّل لديهم اقتراحات مختلفة بشأن بعض جوانب الصراع، كانوا يكتفون بإبداء رأيهم فقط، ويتركون لسوريا أن تتصرّف في ضوء ما تراه مناسباً. وبالنسبة إلى إعادة الإعمار، قال إنَّ "الشركات الصينيَّة جاهزة للقيام بدورها في هذا المجال، وإنَّهم تفاهموا معها على كلّ شيء بهذا الشأن".
تحقيق نتائج باهرة
وأوضح الرئيس الأسد أنَّه ليس متفائلا كثيراً بإمكانيَّة أنْ يحقِّق "جنيف 2" نتائج باهرة؛ لأنَّ مَنْ سيجلسون في الطرف الآخر من طاولة المفاوضات لا يستطيعون أنْ يقرِّروا بالنيابة عن المجموعات المسلَّحة الموجودة على الأرض؛ ولأنَّ أطراف المعارضة، في الخارج والداخل، بينهم خلافات كبيرة وعديدة. وفي ضوء هذا الواقع، فإنَّ كلّ ما يريده السوريّون والروس، من هذا المسار، هو عدم إغلاق باب المفاوضات والحوار؛ كذلك فإنَّهم حقَّقوا، سلفاً، عدداً من النقاط الإيجابية المهمّة التي تحصَّلتْ من مجرَّد الاتِّفاق بين الروس والأميركيّين على عقد المؤتمر؛ إذ في مقابل كلّ المحاولات التي بذلتها دول الخليج، في مؤتمر الدوحة الأخير وفي الجمعية العامّة لهيئة الأمم المتّحدة، لسرقة حق تمثيل سوريا ومنحه للجماعات المسلّحة التابعة لها، وُجّهت الدعوة إلى "النظام السوريّ" (استخدم الرئيس الأسد هذا التعبير ساخراً، وقال: كما يقولون هم)، لحضور "جنيف 2"، بوصفه هو الشرعية السورية والممثِّل الحقيقي للدولة السورية في هذه المفاوضات، أمّا الآخرون، فلن يشاركوا إلا بوصفهم معارضة فقط.