د. جهينة خطيب من شفاعمرو:
نحن كأكاديميين نحاول قدر المستطاع أنا أدرّس مساقاتٍ مختلفةً، ومن ضمنها أدرّس النحو فأحاول قدر الإمكان إيصال الطلاب إلى فهم النحو بمنطقه الرائع الجميل وليس الحفظ
ووفقًا لإحصائيات أجريت من قبل باحثين في اللغة كالدكتورة كوثر جابر حيث توصلت إلى أنّ هناك ارغامات سياسيّة وعوامل بيداغوغيّة تتحكّم في منهاج اللغة العربيّة
لغتنا العربيّة لغة حيّة، تحمل كنوزًا وابداعاتٍ ولكنها تمرّ في أزمة لعدة عوامل منها منهاج اللغة العربيّة في بلادنا
د. جهينة خطيب من مواليد شفاعمرو وسكانها، رضعت حب اللغة العربيّة من والدتها الأديبة الشفاعمريّة عايدة خطيب، فأكملت مسيرتها نحو عشقها الأبدي للغة العربيّة واتّخذت ذاتها سفيرة للدفاع عن لغتنا العربيّة، وللحفاظ على كيانها في زمن تفشّت فيه سموم قد تلحق بلغتنا، فتنعى حظّها ووجودها. وقالت العرب "وعند جهينة الخبر اليقين"، وسنبحث عنه من خلال محاورتها، وجهينة خطيب تحمل لقب الدكتوراة في اللغة العربيّة، وتعمل محاضرة في كليّة سخنين لتأهيل المعلمين.
كان لمجلة ليدي كل العرب هذا اللقاء معها حول كل ما يتعلق بلغتنا الجميلة، واين هم شبابنا منها في ظل العولمة والانترنت والفيسبوك واليوتيوب والتويتر، وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي، ولمحة عن انجازاتها في المجال كعربية استطاعت ان تحقق ذاتها، وان تتميز عن الآخرين تعيش في عالم من التناقضات الخارجية.
ليدي: اللغة العربيّة تنعي حظّها، مقولة تنطبق على لغتنا في زماننا هذا؟
جهينة: فعلاً، لا أريد أن أبدو متشائمة، ولكن من منطلق عملي الأكاديمي كمحاضرة للغة العربيّة، فأنا أجد أنّ لغتنا أصبحت في خطر، تنعكس عليها لغات أخرى، فطغت لغة "الشات" ومواقع التواصل الاجتماعي، وحدّث ولا حرج عن الأخطاء النحوية الكثيرة. من كتابة كلمة " أنتِ" بالياء إلى الإبحار في أخطاء كتابة الهمزة، ورفع المفعول به ونصب الفاعل.
ليدي: ما هو السبب برأيك؟
جهينة: لغتنا العربيّة لغة حيّة، تحمل كنوزًا وابداعاتٍ، ولكنها تمرّ في أزمة لعدة عوامل منها: منهاج اللغة العربيّة في بلادنا، ووفقًا لإحصائيات أجريت من قبل باحثين في اللغة كالدكتورة كوثر جابر، حيث توصلت إلى أنّ هناك ارغامات سياسيّة وعوامل بيداغوغيّة تتحكّم في منهاج اللغة العربيّة.
كذلك، فإن النصوص المختلفة تغلب عليها المواضيع العلمية كعالم الحيوان والنبات، وكأننا ندرس موضوع العلوم.
كما أننا نرى طلابنا يكرهون النحو منذ نعومة أظفارهم، وليس السبب هم ففي الغالب من يقوم بتدريسهم يكره النحو ويدرسه رغمًا عنه، كذلك طغت على لغتنا لغة معاصرة بعيدة كل البعد عن لغتنا بدمج اللغة العربية بالانجليزية والعبريّة.
ليدي: وما هو الحل؟
جهينة: نحن كأكاديميين نحاول قدر المستطاع، أنا أدرّس مساقاتٍ مختلفةً، ومن ضمنها أدرّس النحو، فأحاول قدر الإمكان إيصال الطلاب إلى فهم النحو بمنطقه الرائع الجميل وليس الحفظ، كذلك أدرّس موضوع التعبير الشفوي، وأذكر نهفة حصلت معي في أولى محاضراتي، فقمت كعادتي بالحديث بلغة عربية معيارية، وفوجئت بأن طلابي يضحكون وكأنني أتحدّث باللغة المكسيكيّة، فالعربية تعرف اليوم من خلال مسلسل مكسيكي مدبلج باللغة العربية!! ولكن رويدًا رويدًا اعتادوا نقاش مواضيع مختلفة بلغتنا الأم فهي لغة رائعة.
كذلك، أرى كثيرًا من معلمي اللغة العربية لا يتحدثون باللغة المعيارية مع الطلاب، فلا يعتاد طلابنا الحديث باللغة العربية الفصحى.
كذلك، يغيب على كثيرين ضرورة إدخال المتعة على لغتنا العربية من خلال مسابقات أدبية وتنافسية بين الطلاب لتحفيزهم على إدراك كنوز لغتنا.
وأنا بدوري كحل لتجنب بعض الأخطاء اللغوية والنحوية الشائعة، أنوه لهذه الأخطاء في صفحة التواصل الاجتماعي، إضافة إلى محاضراتي لأدخل إلى عالم محبب لطلابي وأدرّسهم بإضافة نكهات من المتعة والتعلّم وهذا أضعف الايمان.
ليدي: أصدرتِ كتابًا بعنوان تطور الرواية العربيّة في فلسطين 48 وهو رسالة دكتوراه لك، ما هو الدافع لكتابتك في هذا الموضوع؟
جهينة: تكمن خصوصية كتابي في كونه يبحث في رواية عرب فلسطين 48 بما تميّزت به من أطر، أوجبتها الظروف السياسيّة وتصوير معاناة أدبائنا، والتي هي جزء من معاناة عرب 48 جميعهم من الجغرافيا الفلسطينية، والتي تسمى 48 والهوية السياسية التي يحملونها. عانى أدباؤنا إجحافًا في العالم العربي، وحالة من التعتميم على نتاجاتهم الأدبية رغم وجود مضامين ونواح فنية في رواياتهم من حقها أن ترى النور، في ظل تطور الرواية العربية. ومن هنا جاء اهتمامي في بحث هذا الموضوع.
ليدي: ما هي أهم النقاط التي توصلت إليها في بحثك؟
جهينة: كان هدفي من كتابة هذا الموضوع هو إخراج رواياتنا في فلسطين 48 إلى النور، فقد حظي الروائي اميل حبيبي بمساحة كبيرة من اهتمام العالم العربي، بيد أنه أهمل باقي الروائيين، فأشرت في كتابي إلى أنّ البداية الحقيقية للرواية الفلسطينية في فلسطين 48 كانت في بداية السبعينيات، فظهرت على الساحة الأدبية أصوات مميزة أبرزها الروائي إميل حبيبي، وأسلوب السخرية والمفارقة لديه، وأشرت إلى روائيين نجحوا في ترك بصمة في الرواية الفلسطينية، أمثال حنا ابراهيم وادمون شحادة وناجي ظاهر، والاتجاه الواقعي السياسي في رواياتهم. والروائيون إميل حبيبي ورياض بيدس وسهيل كيوان والاتجاه الرمزي التهكمي الساخر، وحنا أبو حنا وحنا ابراهيم والاتجاه البيوغرافي والسيرة الذاتية. وبرزت الرواية النسوية لدى الروائيات فاطمة ذياب، سهير داود، سلام عباسي، أسيا شبلي ورجاء بكرية، وتوصلت إلى أن الرواية العربية في فلسطين 48 ما زالت في طور التطور، وثمة ما يستحق أن يشار إليه، وإن يغلب الواقع السياسي في كثير من الأحيان على قدرة التخيل الإبداعي، بيد أنه قد نجح كثيرون من روائيي فلسطين 48 في إقامة هذا التوازن بين السياسة والإبداع، وبدأت محاولات جادة بالخروج من النفق المظلم إلى النور.
ليدي: ما هي مشاريعك المستقبلية؟
جهينة: سأشارك باسم كلية سخنين في شهر تموز القادم في مؤتمر النقد الدولي الرابع عشر في جامعة اليرموك في الأردن، بحضور نخبة من الباحثين من العالم العربي، وسأناقش بحثي الموسوم بـ" ظاهرة كتابة الروائيين العرب بالعبرية، سيد قشوع نموذجًا" حيث أقارن بين طرح السردية الصهيونية والسردية الفلسطينية.
كما أن البحث العلمي هو نهر لا ينضب جريانه، فأرغب في التعمق في نثرنا الفلسطيني في فلسطين 48 بأنواعه المختلفة: الرواية، القصة القصيرة والمقالة، كما وأود متابعة اهتمامي بدراسة مجال الأدب المقارن العبري والعربي، لملء فجوات ما زالت موجودة لدى القارئ العربي.