شاكر فريد حسن في مقاله:
الثورة سرقت على يد الجماعات الأصولية الإخوانية والجهادية التكفيرية مثلما سرقت بقية ثورات ما سمي بـ "الربيع العربي" الذي تحول لـ "ربيع" أمريكي اسرائيلي
أثبتت تطورات ومجريات الأحداث في مصر فشل رئيس الجمهورية محمد مرسي الذي ينتمي للإخوان المسلمين ووصل الى الحكم برضى وغطاء أمريكي اسرائيلي وغربي في قيادة السفينة الغارقة في نهر النيل العظيم
كم كان فرحنا عظيماً عندما اندلعت الثورة في مصر الكنانة ، مصر أم الدنيا وقلب العروبة النابض ، مصر النيل والحضارة والثقافة والتنوير والإصلاح ، مصر أحمد عرابي وقاسم أمين وطه حسين وعبد الناصر ، لأن هذه الثورة جاءت بهدف التغيير وإجراء الإصلاحات الجذرية وتحقيق المطالب الشعبية والجماهيرية المشروعة، وإعادة الهيبة والكرامة لمصر صاحبة الدور القومي الرائد ، وبغية تحقيق الحرية والديمقراطية والرخاء للشعب ، والقضاء على الفساد والجريمة والتبعية للغرب ، وإسقاط حكم مبارك. لكن للأسف إن هذه الثورة سرقت على يد الجماعات الأصولية الإخوانية والجهادية التكفيرية مثلما سرقت بقية ثورات ما سمي بـ "الربيع العربي" الذي تحول لـ "ربيع" أمريكي اسرائيلي.
تخلف وفساد
أثبتت تطورات ومجريات الأحداث في مصر فشل رئيس الجمهورية محمد مرسي ، الذي ينتمي للإخوان المسلمين ووصل الى الحكم برضى وغطاء أمريكي اسرائيلي وغربي، في قيادة السفينة الغارقة في نهر النيل العظيم، وإدارة شؤون مصر الداخلية، حيث واصل سياسة النظام السابق بالتبعية والإرتماء في أحضان الإمبريالية الأمريكية والغرب الإستعماري، ولم ينجح في تحقيق جزء من آمال وطموحات وأماني الشعب المصري في العدل والحرية والديمقراطية والكرامة والحياة الشريفة، فالأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية في مصر زادت سوءاً، وتعمقت دائرة الفقر والبطالة، وانتشر التخلف والفساد الأخلاقي والسياسي والإجتماعي، وعمت الفوضى الخلاقة، وتواصلت معاناة الفئات والطبقات الشعبية الضعيفة الكادحة المسحوقة من غلاء المعيشة وغلاء الأسعار، ومن التهميش والإقصاء لغير الإخوان، ولم يحترم الرأي الآخر مما زاد الإحتقان الجماهيري ودفع بالشعب المصري ونخبه المثقفة وقواه التقدمية واليسارية المعارضة السابحة ضد التيار الى الإنتفاض والإحتجاج في ميدان التحرير وشوارع القاهرة وساحاتها وميادينها، والمطالبة بإسقاط الحكم الإخواني التسلطي القمعي ورحيل مرسي.
استغباء الجماهير
إن ما يجري الآن في مصر من أعمال احتجاجية لم يأت من فراغ وإنما استكمالا للثورة، ورفض للهيمنة الأصولية الإخوانية والتبعية للأنظمة العميلة والإستعمار الإمبريالي الأجنبي، وكذلك رفض صريح وواضح لأخونة مصر واستغباء الجماهير من قبل الحزب الحاكم، وإدانة للمحسوبيات والفساد المستشري . وهذه الجماهير الغاضبة التي خرجت عن بكرة أبيها للتظاهر والإحتجاج على سياسة وخطاب مرسي فإنها خرجت لتدافع عن كرامة وشرف وعروبة مصر وقدسية الثورة، ولأجل الخبز والعدالة الإجتماعية وحرية الفكر والتعبير عن الرأي، وفي سبيل بناء نظام سياسي ديمقراطي تقدمي مدني وحضاري يؤمن بالتعددية السياسية والفكرية ويحترم الرأي الآخر ويحقق الرخاء الإقتصادي، ويتبنى سياسة واضحة معادية ومناهضة للاستعمار والإمبريالية الأمريكية والرجعية العربية. وقد بات واضحاً أن مرسي وجماعته انخرطوا في المؤامرة الكونية ضد سورية بهدف تجزئتها وتفسيمها وتفكيكها، حين أغلق السفارة السورية في القاهرة ودعا للجهاد في سورية.
طوفان شعبي
ولا يختلف عاقلان أن محمد مرسي لا يصلح بأن يكون رئيس جمهورية، بل يصلح أن يكون فقط خطيباً في المساجد، ولكي يمنع سفك الدماء وسقوط الضحايا، وكي يحفظ مصر أم الدنيا من حرب أهلية ومعارك دامية طاحنة، فيجب أن يتنحى ويستقيل في الحال ويرحل عن سدة الحكم ويعلن عن انتخابات ديمقراطية مبكرة في مصر. هذا هو الحل والمخرج الوحيد للأزمة الراهنة، فلا يمكن تأسيس وبناء دولة حديثة عصرية على أساس ديني، وإذا لم يتنحى فالطوفان الشعبي قادم وقادر على إسقاطه.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net