الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 07:01

برافر سيمر بين الكلمات العابرة/ بقلم: خالد وليد كامل

كل العرب
نُشر: 22/07/13 17:35,  حُتلن: 18:07

خالد وليد كامل في مقاله:

تحاول اسرائيل مذ قيامها إقتلاع العرب من جذورهم وطمس أية ملامح عربية للأرض الفلسطينية

تحت مسمى مصلحة الجمهور الاسرائيلي تُسحق حياة العرب في النقب حيث تم تركيزهم ضمن عدد صغير من البلدات التي قامت الدولة بالتخطيط لها بذريعة إرغامهم على التمدّن 

إقتراح قانون تنظيم توطين العرب في النقب ينتهك المبدأ الديموقراطي الاساس الخاص بفصل السلطات بحيث يمنح مكتب رئيس الوزراء حريّة تصرف كاملة في تطبيق وتنفيذ المخطّط ويُشرعن إستحواذ السلطة التنفيذية على نظام التخطيط

إنها ليست قضية نقل البدوي للحضر كما يضلل الإعلام الاسرائيلي ويسمي إقتلاع العرب حضارةً وتراثاً من جذورهم الضاربة في ارض الميعاد بالــ "تمدين القسري" إنها قضية مصير أرض وكينونة شعب

 أهيب بالوسط العربي أفراداً ومجتمعاً مناشداً للتصدي لهذه النكبة التي تُصقل على شكل قانون ولهذه المؤامرة التي تُنسج على شكل مصلحة جمهور قبل أن نضيف مجلدات أخرى لكتاب "كي لا ننسى"

لا بد أن نشيد بداية بالتظاهرات التي احتشدت في بلداتنا العربية لتناهض تمرير قانون "تنظيم توطين البدو في النقب"، ولا بد أن نشدد على ترابط المجتمع العربي في اسرائيل بأطيافه، تياراته وأحزابه في وجه حكومة الأبرتهايد الصهيوني. كذلك تحية تبجيلٍ وإكبار لكل من تعطل عن عمله في هذا اليوم مساهماً بشلّ ما يمكن شلّه من مرافق الدوله الباغية كتعبير عن الغضب للتراب وإنجاح للإضراب.

تحاول اسرائيل مذ قيامها إقتلاع العرب من جذورهم وطمس أية ملامح عربية للأرض الفلسطينية، حيث أنها بين الفينة والأخرى تصادر أراضٍ في الجليل ، تقصقص المثلث الى أشلاء مدنٍ ، تهدم قرى في النقب وتهجّر أهله ماسحة أثرهم الإسمي والانثربولوجي كسكانٍ أصليين.

مصلحة الجمهور الاسرائيلي
تحت مسمى مصلحة الجمهور الاسرائيلي تُسحق حياة العرب في النقب، حيث تم تركيزهم ضمن عدد صغير من البلدات التي قامت الدولة بالتخطيط لها بذريعة إرغامهم على التمدّن من خلال إزاحتهم من أراضيهم الى أخرى. حيث إعتبرتهم حكومات اسرائيل المتتالية "معتدين على أراضي الدولة" لأن بعضهم لا يملك اية سندات ملكية بريطانية أو كواشين عثمانية لهذه الأراضي، وعليه فإن الدولة الاسرائيلية تحرمهم عمداً وحصراً من الخدمات الاساسية والبنية التحتية التي توفرها اي دولة - طبيعية - لمواطنيها بما في ذلك الكهرباء، الماء، شبكات الصرف الصحي، التعليم، الرعاية الصحية وغيرها كوسيلة ضغط عليهم ليغادروا أرضهم، بحجة انها تسعى لتمدينهم قسرا وعليه يجوز للدولة استثناء العرب ولاسيما عرب النقب من إطار الديموقراطية ونفي حقهم كمواطنين في "دوله ديموقراطية" بإختيار مكان سكناهم الخاص، ويجوز للدولة الحد من حرية تنقلهم وفرض قيود تميزية عليها.

التسلسل الزمني بإختصار
منذ 1969 هنالك مخطط هيكلي إقليمي لصحراء النقب لتحويلها الى بئر السبع الكبرى (مشروع ميتروبوليتان بئر السبع) الذي يستوجب تدميرَ معظم القرى غير المعترف بها والتي يبلغ عددها 35 قريةً. في عام 2007 شكلت الدوله لجنة "جولدبرغ" لتقديم توصية للحكومة بشأن سياستها المتعلقة بتنظيم توطين البدو في النقب وذلك لمساعدة المشروع الاقليمي.
في أواخر 2008: استخلص تقريرُ "جولدبرغ" نتيجة مفادها أنّ العرب لا يتمتّعون بملكيّة الأرض في النقب، ولكنه يُوصي بالاعتراف بالقرى غير المُعترَف بها - قدرَ الإمكان- بموجب المخطّط الرئيسي الإقليمي. وعليه تشكلت في عام 2009 لجنه تنفيذيه برئاسة "اودي برافر" الشخصية الامنية التي لا تبت للتخطيط والهندسة المدنية بصله لتبين سبل تنظيم العرب في النقب. في عام 2012 بعد التصديق على مسودّة مخطط برافر تم تعيين لجنة استماع يترأسها الوزير بيني بيغن للمباحثات حول سبل ترضية العرب في النقب مقابل اجتثاثهم من ارضهم.
في 26 نيسان الماضي اتفق اعضاء ائتلاف الحكومة الاسرائيلية الراهنة على أن التعديلات التي اجراها الوزير السابق بيني بيغن كانت متهاونة في مقايضة عرب النقب وسخية اكثر مما ينبغي بتوصياتها ولذلك ينبغي شطبها والعودة الى المخطط الاساس (برافر 2011)، بل وإضافة تحفظات على المخطط الاساسي، اذ قلصت من مساحة الاراض البديلة التي سيتم منحها مقايضة للمواطنين في النقب، كذلك تقليص المده الزمنيه لإخلاء النقب من اهله خلال ثلاث سنوات بدلا من خمس سنوات، بالاضافه لتعيين (المستوطن اوري اريئيل) مشرفا على تنفيذ القانون وتجنيدُ أفراد شرطة إضافيّين لغرض تنفيذ المخطَّط وبالتالي وضع التقديرات والاستعداد لاستخدام القوّة).

على هامش القانون
- إن آلة الاحتلال الصهيونية لم تزل تعمل بذات البرمجة وتنفذ بذات المنهجية. حكومات اسرائيل على مر الستة عقود لم تفتأ ترى مواطنيها العرب من المنظار الامني لذلك فإنها تجنّد كوادر شرطه اضافيين على الجهاز التنفيذي من باب "وأعدوا لهم ما استطعتم".
- اقتراح قانون تنظيم توطين العرب في النقب ينتهك المبدأ الديموقراطي الاساس الخاص بفصل السلطات بحيث يمنح مكتب رئيس الوزراء حريّة تصرف كاملة في تطبيق وتنفيذ المخطّط ،ويُشرعن إستحواذ السلطة التنفيذية على نظام التخطيط. ويحصر سيادة القانون بحيث يكون النظام القضائي مُجرّداً من سُلطات المُراجعة القضائيّة بشأن أوامر الإخلاء، فالمُراجعة القضائيّة تقتصر على الأمور التقنيّة فقط.
- إن هذا القانون يخالف حق تقرير المصير ويمنع المواطن من حق الملكيه الخاصة. حيث تم تهميش العرب في النقب بشكل منهجي في صياغة المخطط الذي يغزل مصيرهم ويحيك مستقبلهم، كذلك يقتلعهم من ملكهم الخاص لينقل سكنهم لملك عام.
- هذا القانون المجحف بحق الديموقراطيه، العنصري بامتياز إزاء مواطنيه العرب، هذا المشروع التمييزي سيصادر اكثر من 800 الف دونم، سيهدم اكثر من 35 قرية وسيهجّر 40 ألف مواطن من بيوتهم ليفترشوا التراب ويلتحفوا السماء تحت مسمى مصلحة الجمهور الاسرائيلي.
- على مر الستة عقود تعاملت اسرائيل مع عرب النقب تحت مسمى "بدو النقب" اذ تعاملت معهم على أنهم طائفة منفصلة عن الشعب العربي وعن الدين الإسلامي وهذه النقطه مهمة جدا بنظري اذ علينا الإنتباه لمحاولات البروتوكولات الصهيونيه لشرذمة العرب طوائف وأديان ، علينا أن نكون متيقظين لسياسة "فرّق تسد"، علينا أن نعلم أن هذه القضية ليست قضية بدو إسرائيل كما أسموها بل هي قضية الداخل الفلسطيني مجتمعاً..

قضية مصير أرض
إنها ليست قضية نقل البدوي للحضر كما يضلل الإعلام الاسرائيلي ويسمي إقتلاع العرب حضارةً وتراثاً من جذورهم الضاربة في ارض الميعاد بالــ "تمدين القسري". إنها قضية مصير أرض وكينونة شعب. وعليه فإني أهيب بالوسط العربي أفراداً ومجتمعاً مناشداً للتصدي لهذه النكبة التي تُصقل على شكل قانون ولهذه المؤامرة التي تُنسج على شكل مصلحة جمهور قبل أن نضيف مجلدات أخرى لكتاب "كي لا ننسى". وأهيب بالقوى السياسية الاسرائيلية والتيارات اليهودية اليسارية ناصحاً ان يُحكّموا منطق العقل وعدالة الديموقراطية المزعومة في هذه القضية ولتحرك هذه القوى سكونها قبل أن يكون هنالك يوم أرض آخر وقبل أن تُضاف أسماءٌ أخرى لقائمة شهداء القمع والتنكيل. سادتي إن من واجب كل مواطن في هذه الدولة يصبو للسلام ويطمع ان تنعم الدولة بهدوء سياسي ان يُلغى هذا القانون، فمن مصلحة الدولة سياسياً.. أمنياً وقانوناً أن لا يمر هذا القانون الا بين الكلمات العابرة ليُدثر في قفار النقب وتحافظ الدولة على دعايتها "واحة الديموقراطيه في الشرق"، لتمنع القلقلة بين مواطنيها ولتحد من الإرهاصات التي قد تؤدي لعواقب أمنية وخيمه.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.