إبراهيم صرصور – رئيس حزب الوحدة العربية / الحركة الإسلامية في مقاله:
أكان يجب على ( الإخوان المسلمون ) أن يعتزلوا السياسة حتى ترضى عنهم قوى الشر في الداخل والخارج؟!
أكان يجب عليهم أن يخرجوا ليقولوا للشعب المصري : أرجوك لا تصوت لي حتى يحظوا بالاحترام والتقدير؟؟!!
لم يستطع أعداء الثورة وعملاء أنظمة الاستبداد من كل لون ودين أن يواجهوا ( الإخوان المسلمون ) عبر صناديق الاقتراع فكادوا لمصر كيدا وليس للإخوان فقط حيث انتهى كيدهم بالانقلاب العسكري الدموي في 3.7.2013
لم أتفاجأ من قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر جماعة الإخوان المسلمين، والتحفظ على أموال وممتلكات الجماعة .. هذا قرار طبيعي جدا في ظل هيمنة عصابات الانقلابيين العسكريين وأعوانهم من ميليشيات الليبراليين والعلمانيين الاستئصاليين ، وهو يعتبر اصدق شاهد على مدى شعبية حركة ( الإخوان المسلمون ) ، وقدرتهم السلمية على تهديد حاضر ومستقبل المرتدين عن ثورة 25 يناير ، والمصرين على العودة بمصر إلى الوراء لأكثر من ستين عاما من الدكتاتورية والاستبداد . كما يجسد القرار الحقيقة القاطعة والتي مفادها أن العسكر ومن حالفهم أجبن من أن يواجهوا الإخوان بالأدوات النبيلة وعبر صناديق الاقتراع المعتمدة في كل دول العالم الديمقراطية ، فلجأوا إلى أخس الأساليب التي لا تليق إلا بالجبناء وأبعد الناس عن معاني الفروسية ...
الوقوف في وجه طغيان الحكام المستبدين
حركة ( الإخوان المسلمون ) التي لم يقاتل أحدٌ مِثلها في فلسطين في العام 1948 ، ولا في قناة السويس ضد الانجليز .. هذه الحركة التي ما وقف أحدٌ مِثْلها سلميا في وجه طغيان الحكام المستبدين منذ العهد الملكي وحتى عهد مبارك ، ولم يدفع أحد مثلها ثمنا باهظا من الدماء والدموع والآلام على مدى عمرها الممتد لثمانين عاما سجنا واعتقالا وتنكيلا وعذابا وحصارا ومصادرة ... هذه الحركة التي خَرَّجَتْ من بين صفوفها عشرات آلاف العلماء الخبراء في كل علوم وفنون الدنيا .. هذه الحركة التي صَدَرَتْ ضد كوادرها إحكامٌ بلغت أكثر من خمسين ألف سنة سجن على مدار عقود وجودها في الميدان .. هذه الحركة بقيت حية وحيوية ، تعطي بلا حدود ورغم الحدود ، وذهب الطغاة من جلاديها إلى غير رجعة لا يكاد التاريخ يذكرهم بخير إلا على استحياء أو بسبب عصبية عمياء .. بقيت حركة ( الإخوان المسلمون ) ملئ السمع والبصر .. ظلت تشارك في حمل الهم العام .. ظلت ترعى شؤون المسحوقين ، وترفع لواء الحق خفاقا في ربوع العالمين ، مبشرةً بأعظم دين حضاري وإنساني عرفته البشرية ، حتى جاءت لحظة الخلاص من الاستبداد فانطلقوا جنبا إلى جنب مع كل القوى الحية في مصر في ثورة 25 يناير ، فكانوا على امتداد فترة الثورة ألأٌقربَ إلى العدو المتربص بالثوار من عصابات أجهزة الأمن وبلطجيتهم ، والأكثرَ تضحيةً بالأرواح في سبيل انتصار الثورة وحماية المعتصمين في ميدان التحرير وغيره ، وذلك بشهادة الصادقين من أبناء الثورة وقيادات الفكر والعمل الوطني المصري ...
ضرورة الالتزام بانتقال سلمي للسلطة
لم يخرج ( الإخوان المسلمون ) عن الإجماع الوطني ورضوا بما رضي به الشعب وقيادات الثورة من ضرورة الالتزام بانتقال سلمي للسلطة عبر ديناميكية دستورية ، فشاركوا في كل الاستحقاقات الانتخابية ابتداء من استفتاء آذار مارس / 2011 ، مرورا بانتخابات مجلسي الشعب والشورى وانتخابات الرئاسة ، وانتهاء بالاستفتاء على دستور 2012 .. حققت الجماعة في هذه الاستحقاقات الانتخابية انتصارات رائعة عكست حب الشعب المصري لها وتقديره لجهودها وجهادها ، وثقته بقدراتها في العبور بمصر إلى شاطئ الأمان بعد عقود عجاف من الدكتاتورية والاستبداد والتخلف والقمع ... أزعجت انتصاراتهم الانتخابية أعداء الثورة في مصر وخارجها .. لم يستطع أعداء الثورة وعملاء أنظمة الاستبداد من كل لون ودين أن يواجهوا ( الإخوان المسلمون ) عبر صناديق الاقتراع ، فكادوا لمصر كيدا وليس للإخوان فقط ، حيث انتهى كيدهم بالانقلاب العسكري الدموي في 3.7.2013 على كل ما أفرزته الثورة من مؤسسات دستورية رجا الشعب المصري أن تكون بداية نهضة مصر الحقيقية على جميع المستويات ... أكان يجب على ( الإخوان المسلمون ) أن يعتزلوا السياسة حتى ترضى عنهم قوى الشر في الداخل والخارج ؟؟!!! أكان يجب عليهم أن يخرجوا ليقولوا للشعب المصري : أرجوك لا تصوت لي ، حتى يحظوا بالاحترام والتقدير ؟؟!!
الفوز بتفويض شعبي وثوري كامل
كان بإمكان مجلسي الشعب والشورى المنتخبين ، والرئيس الشرعي محمد مرسي والحكومة التي عينها ، أن ينفذوا مشروعا ثوريا جذريا يَهْدِمُ مكونات الدولة العميقة بكل أشكالها حتى القاع ... كان بإمكانهم البدء في عملية تطهير لقيادة الجيش والشرطة وأجهزة الأمن والإعلام العام والخاص والقضاء والحكومة والوزارات المختلفة والمحليات ، وتعيين كوادر وقيادات لا تدين إلا للثورة ولا توالي إلا من دفعت بهم أولُ انتخابات حقيقة بعد مئات من سني الظلام والاستبداد ، لمواقع اتخاذ القرار ... كانوا يستطيعون لجم كل ظواهر الخروج على القانون عملا وقولا وما أكثرها خلال سنةٍ واحدةٍ من حكم الشرعية في مصر .. كانوا يستطيعون كل ذلك ، إلا أن الإخوان المسلمين الذين فازوا بتفويض شعبي وثوري كامل من خلال صناديق الاقتراع وليس على ظهر دبابة ، فضلوا – انسجاما مع رؤيتهم الإستراتيجية السلمية – على الذهاب في طريق التغيير المتدحرج والمتدرج من خلال الاعتماد على الطاقات والكفاءات المتوفرة والموجود في الميدان بعيدا عن سوء الظن ، وإنما حرصا منهم على تقديم نموذج ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) ، على بديل اجتثاث النظام السابق هيكلا بعد أن أسقطت الثورة رأس الدكتاتورية .. كانت قيادة مصر الشرعية ( الإخوان المسلمون ) وحلفاؤهم بتبنيهم لهذه السياسة كمن أدخل إلى حجره وقريبا من قلبه ( المنطقة الدافئة ) مجموعة من الأفاعي الرقطاء السامة ( كوزارتي الدفاع والداخلية مثلا ) ظنا منهم أنها يمكن أن تغير - إذا ما لقيت الحض الدافئ والآمن - ما تَرَبَّتْ عليه من سياسات اللدغ وإفراغ السم في أعدائها مهما أحسنوا إليها .... ما كان من هذه الأفاعي الرقطاء على رأس المؤسسة العسكرية والداخلية والقضاء والإعلام وغيرها ، إلا أن لدغت عند أول فرصة سانحة ، فجاءت لدغتها سامة ، كلفت مصر ثمنا باهظا ابتداء من الانقلاب العسكري على الشرعية وما تلاه من إلغاء كامل لإنجازات ثورة 25 يناير إلى درجة ( تقزز !! ) أدبيات الانقلاب وأعوانه من إعلام العار وقضاة العهر والفساد والجريمة ، من ذكرها ، واستبدالها بما أسموه زورا بثورة 30 حزيران / يونيو ...
قتل ثورة 25 يناير
عادت الأحكام العرفية وأعمال القتل الوحشية التي أوقعت آلاف الضحايا وعشرات آلاف الجرحى ، والزج بقادة مصر الشرعيين بمن فيهم الرئيس المنتخب والشرعي الدكتور مرسي ، إضافة إلى آلاف المعتقلين السياسيين في السجون والمعتقلات ... تشكلت مؤسسات أرجوزية كرئيس الجمهورية المؤقت ، والحكومة المؤقتة والمحافظين ولجنة الدستور .. الخ .. تداعى كل الفاشلين والعابثين في مصر لقتل ثورة 25 يناير والعودة بمصر إلى عهود أشد استبدادا من ذي قبل ، تؤسس لنظام ودولة لا هوية لها ولا بوصلة ، يركع فيها الجميع للفرعون الإله مرة أخرى .. بعد هذه الجرائم لم يعد غريبا أن تصدر محكمة العار قرارا بحل جماعة ( الإخوان المسلمون ) بهدف إحكام الحصار حول آخر معقل من معاقل الثورة ، وهدم أقوى قوة شعبية يمكن أن تهدد مستقل الانقلاب ، إلا أن هؤلاء نسوا أمورا .. نسوا الله سبحانه ووعده بنصر المستضعفين وإن كانوا كافرين ، فكيف إذا كانوا من أوليائه الصالحين .. نسوا الشعب المصري الذي خرج عن الطوق وتجاوز حاجز الخوف والذي لن يُعطى الدنية في شرعيته ووطنيته ودينه أبدا ... نسوا منطق التاريخ الذي حفظ للإخوان المسلمين ثمرات تضحياتهم فَبَقَوْا رغم ظلم الظالمين ، بينما اختفى جلادوهم وتوارَوْا من سوء ما ارتكبوا من جرائم وولغوا في الدماء البريئة ... مهما اتخذ الانقلابيون الدمويون وأعوانهم في الإعلام والقضاء والجيش والداخلية من جرائم وقرارات ، فإن ( الإخوان المسلمون ) ما أخذوا شرعية وجودهم إلا من الله أولا وقد دلت الشواهد على أنهم حَصَّلُوها بامتياز وجدارة ، ومن ثم من الشعب المصري ، وقد حَصَّلُوها بامتياز وجدارة أيضا .. فأنَّى للانقلابيين وحلفائهم من عصابات القضاء والإعلام والأزهر والكنيسة والساقطين من الفنانين والفنانات ، أن يهزموا قدر الله وإن طال ليل الظلم وعظمت التضحيات ؟....
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net