علي حمادة في مقاله:
انتخاب حسن روحاني وحده يؤشر لبلوغ النظام في إيران حائطاً مسدوداً على أكثر من صعيد ولا سيما في ما يتعلق بالوضع الداخلي الشديد التأزّم
الحقائق على الأرض تشي بتمددها الميداني المتواصل. فلا الطوق حول العاصمة جرى اختراقه ولا جرى ايقاف تقدم كتائب الثوار في درعا
أوباما بدا مفضلاً سياسة الجذب مع إيران، بناء على قراءة تشي بأن إيران تمر في مرحلة من التحولات الكبيرة الجذرية غير المرئية للغرب عموماً وأن التحولات تحتاج الى مناخات تشجعها على النمو
يدرك المراقب بدقة، أن الفصل الأخير في الأزمة السورية والذي انتهى بمنح نظام بشار الأسد وقتاً مستقطعاً بداعي تفكيك منظومته من السلاح الكيميائي، أعاد خلط الأوراق مجدداً. ويدرك أيضاً أن رقصة "التانغو" الأميركية – الايرانية بين الرئيسين باراك أوباما وحسن روحاني دفعت اللاعبين الاقليميين الى التوقف قليلاً لتفحص حقيقة "الرقصة" وعمق التفاعل بين الطرفين، في ما يتعلق ليس بمسألة البرنامج النووي الأيراني، بل بمجمل ملفات المنطقة الساخنة، ومدى استعداد إدارة أوباما لمرحلة تبريد الخلافات مع طهران، وفتح الأبواب أمام مرحلة من علاقات "تعاون"، من شأنها إذا ما حصلت أن تغيّر صورة المنطقة.
تشويش المنطقة
من الجلي أن الصورة مشوّشة في المنطقة. فالكل في حالة انتظار لنتائج سياسات الرئيس الأميركي الذي منح بشار الأسد عمراً جديداً، وإن قصيراً، كما أنه دفع بجميع حلفاء أميركا الاقليميين الى زاوية ضيقة، فيما هم في ذروة المواجهة مع المشروع الايراني في المنطقة. وقد بدا أوباما مفضلاً سياسة الجذب مع إيران، بناء على قراءة تشي بأن إيران تمر في مرحلة من التحولات الكبيرة الجذرية غير المرئية للغرب عموماً، وأن التحولات تحتاج الى مناخات تشجعها على النمو. وحدها سياسة المهادنة والجذب تساعد على إحداث تغيير حقيقي في إيران، وفق هذه القراءة. وثمة من يرى في واشنطن ان انتخاب حسن روحاني وحده يؤشر لبلوغ النظام في إيران حائطاً مسدوداً على أكثر من صعيد، ولا سيما في ما يتعلق بالوضع الداخلي الشديد التأزّم. ويذهب أصحاب هذا المذهب الى اعتبار أن التغيير على مستوى فئة الشباب الايراني قد حصل فعلاً، وأن ماكينة النظام فهمت ذلك، وفتحت الباب أمام "خاتمي – 2" الذي هو حسن روحاني، مع الفارق أن الأخير خارج فعلاً من صفوف "الحرس الثوري" أو ما يعرف بالنواة الصلبة لنظام جمهورية إيران الاسلامية. وبحسب هذه القراءة العابرة لأروقة الإدارة الأميركية، أن أميركا قادرة على التحوّل في مدى منظور لاعباً محلياً في إيران، إذا ما اعتمدت سياسة الجذب والانفتاح على روحاني.
إسقاط النظام
في هذه الأثناء، وفي انتظار معرفة صواب الخيار الذي يبدو أن أوباما اتخذه على حساب حلفائه التاريخيين في المنطقة، تستمر المعركة الكبرى في سوريا مع نظام بشار، في مرحلة تشهد صداماً من نوع آخر بين صفوف المعارضة السورية، الاسلامية المتزمتة والاسلامية المعتدلة ومعها المدنية. كل هذا يعزز فرضية ان إسقاط النظام مؤجل لبضعة أشهر. ومع ذلك، وبالرغم من القراءات المتشائمة لوضع المعارضة، فإن الحقائق على الأرض تشي بتمددها الميداني المتواصل. فلا الطوق حول العاصمة جرى اختراقه، ولا جرى ايقاف تقدم كتائب الثوار في درعا. في لبنان، كانت السمة العامة انتظار انهيار النظام في سوريا، والآن انتظار حصيلة رقصة "التانغو" الاميركية – الأيرانية. وقبل ذلك لا نرى شجعاناً في الساحة.
نقلاً عن صحيفة "النهار"
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net