حُقَّ لمن عصى مرُّ البكاء فما اجمل من البكاء الذي يزيد به الإيمان فيكسب القلب الرضى والقناعة والخشوع وما اجمل البكاء هناك عند عتبة الكعبة المشرفة حيث يقترب العبد من ربه من الطاعات

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سبعة يظلهم الله رجل ذكر الله ففاضت عيناه، وكل منا يسأل نفسه هل بكيت يومـاً، وهل تأملت عظيم قوة ربي فأسبلت العبرات، هل تأملت جميل ستر الله علي فأطلقت الزفرات؟ هل تأملت عناية الله بي، وإمهاله لي، مع إعراضي عنه، وفراري منه؟ فسكبت الدموع مع الآهات، هل تأملت قوته وضعفي؟، وغناه وفقري؟، وكماله ونقصي؟، وحياته وموتي، هل تأملت شدة عذابه لمن عصاه؟، وحُسن جزائه لمن أطاعة ووالاه، فلماذا قست قلوبنا، وضاقت صدرونا، وساءت أحوالنا؟.

استشعار حلاوته
ففي مثل هذا الامر فلا يمكن لاحد الا من اللجوء لله تعالى فكيف ان كان بجوار الكعبة المشرفة فهناك البكاء من خشية الله دليل الإيمان واستشعار حلاوته، وعن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم"، وان البكاء هو من أسباب الفوز بالجنة والنجاة من النار.

دمعةَ صادقة 
وكل من وقف في مثل هذه الايام الموقف الذي يقفه المطوفين من حول الكعبة المشرفة وعلى بعد ايام من موسم الحج لا بد من ان يقف لحظة واحدة، تذرف فيها عبرة صادقة، يمكن أن تكون فيها عتق من النار، وخلال طوافي من حول الكعبة استوقفني منظرا لشاب في مقتبل العمر وقد القى بنفسه ولامست خدوده حائط الكعبة الحارة جدا وكان بكائة شديدا وحارقا وكلما اقتربت منه كنت اسمع الزفرات منه ومن غيره لاجد ان جميع من تلمسوا حائط الكعبة يذرفون العبرات، بكاء الخوف والخشية، وبكاء المحبة وعبرات الشوق، وفي هذا المضمار فانه وارد عن السلف: ابكوا من خشية الله، فإن لم تبكوا فتباكوا، ولسان خالهم يقول:"بكيت على الذنوب لعظم جُرمي *** وحُقَّ لمن عصى مرُّ البكاء، فما اجمل من البكاء الذي يزيد به الإيمان، فيكسب القلب الرضى والقناعة والخشوع وما اجمل البكاء هناك عند عتبة الكعبة المشرفة حيث يقترب العبد من ربه من الطاعات، ويبعد عن المعاصي والمنكرات، ويزكي النفس، ويشرح الصدر، وقفت على اعتاب الكعبة وانا اتذكر هذا الشاب وقلت والعبرات رقراقة اللهم ارحمنا واعف عنا ووحد صفوف العرب والمسلمين، ولا تحرمنا دمعةَ صادقة تسقط من خشيتك، فتسيل على سطوح الوجنات، فتحيا بها قلوبنا، وتزكي بها نفوسنا، وتنشرح صدرونا، برحتمك يا أرحم الراحمين.