عندما اقترابي من قرية الغجر لا استطيع أن اتجاهل هذه المساحات الواسعة من الاراضي المرتفعة التي أحاطتها الطبيعة والمناظر الجميلة. بين الحين والآخر يوقفني منظر طبيعي خلاب يدفعني الى التهافت على الكاميرا محاولة تخليد المشهد في آلاتي وذاكرتي وأصوات الطيور المغردة تملأ المكان، ما يضفي على المسار بعدا إضافيا من السحر والجمال، ولم أستطع أن أمنع تلك الأفكار التي تجول في خاطري والأحلام وبحر من التساؤلات... يقتحم الواقع كل الأحلام ويسرق كل روعة المكان...
وتجولت في القرية ولم اشاهد غير الكرامة والشهامة ورجالها الجبارة ... وعندما دخلت المضافي رأيت الكرامة والصور لأصحاب هذه القرية وسيف والضيافة التي على الطاولة، شعرت اني في مسلسل سوري الاصل واني في حلم، كم هذه الامور جميلة ورائعة المكان وكم هذه القرية، رغم كل ما سمعت عنها كان سرا لأحد يعرف ماذا يوجد بها ولا كيف يعيشون، تمنيت أن أعيش بينهم بين هذه العالم التي كرمتني بأخلاقها وعزة رجولتها، هذه الدنيا التي احلم بها رغم كل شيء حدث معها، أرى كم هي رائعة وعالم غير عالمنا، هذا هو العالم الذي أريده.
عندما خرجت لا أعرف الى اين اذهب ويدور بخاطري الف سؤال وسؤال، لا اقدر على التفكير وتلقيت من اهل القرية دعوة على الغداء والضيافة الرائعة التي غمرتني بأخلاقها وكرمها، كم هي قرية جميلة، ودارت بيننا احاديث عن القرية وسكانها، إذ بدأت الأحاديث مع أهل البيت عن تاريخ القرية والقصص المنسية التي إن سألتَ عنها جدران المنزل لَنطقت بها. وعن القرية التي تتميز بجمالها الطبيعي وتقاليدها الفريدة، وتعزيز إدارة المحميات الطبيعية. وبعدها اكملت مشواري لدعوة من ابن القرية لإطلالة على بيته والفن الذي بداخله، وطلبت منه الغناء، وكم اعشق هذا الطرب الأصيل وكنت سعيدة جدآ، ولم أتوقع أن هناك ناس بهذا الشكل، خرجت من هناك ودموع منهارة بين جفوني، لم أستطع أن اخرج من هذا العالم الرائع الذي يشعرني كطير في سماء. ومن ناحية أخرى حزينة لأجلهم، كيف هذا العالم الغريب، الناس الملائكة، تعيش بهذا المكان. بين آلام الماضي وقسوة الحاضر وغموض المستقبل، شعب ما زال مؤمنا بحتمية الإنتصار، وسيادة الحق، لأن إرادة الإنتماء أقوى، الإنتماء إلى شعب ودولة وتاريخ وحضارة، في هذا الجزء الغالي من ثرى الجولان العربي. الغجر تحبس جراحها طويلا، فلا هي راضية عن واقعها ولا هي قادرة على تغييره، وما زالت قرية الغجر في انتظار مجهول الأقدار والأيام، وهم وحدهم الضحية.. ضحية أخرى متروكة ومنسية من ضحايا هذا الاحتلال الذي يثقل خطواته على ما تبقى من أحلامنا. فإلي متى تبقى هذه المأساة الجولانية تخترق بين زمان وزمان دائرة النسيان.
عرابة
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net